النباتات الدخيلة في ليبيا... الأضرار والفوائد

نباتات عاشت لعشرات السنوات في ليبيا بعضها قد تجاوز القرن، لم يكن يعرف كثيرون منا أنها أشجار دخيلة وليست مستوطنة، لأنها لم تسبب أي أذى لبيئة النباتات المتوطنة وإنما تركت أثاراً إيجابية للحياة النباتية في ليبيا.

ابتسام اغفير

بنغازي ـ كان لاستجلاب الأرانب إلى استراليا وهي بيئة غير صالحة لهذا الحيوان، أثاراً سلبية مدمرة لايزال يعاني منها الأستراليين إلى الآن؟ فهل يا ترى ماذا لو تم جلب نباتات دخيلة لبيئة ما هل تحدث ذات الأضرار المدمرة على البيئة الجديدة التي جاءت إليها؟

أوضحت عضو هيئة التدريس بقسم النبات كلية العلوم بجامعة بنغازي الدكتورة منال الطرابلسي ماهية النباتات المتوطنة والنباتات الدخيلة، فالمتوطنة هي التي تشكل الغطاء النباتي الطبيعي لمنطقة معينة أو دولة معينة، وهي نباتات أصيلة ومحلية وموجودة منذ مئات وآلاف السنوات، عكسها النباتات الدخيلة وهي التي يتم إدخالها للبيئة الطبيعية للمنطقة، بمعنى إنها لا تنتمي إليها، ولكن يتم إدخالها وزراعتها.

وأكدت الدكتورة منال الطرابلسي على أن "التأثيرات السلبية كثيرة جداً على البيئة والنباتات في حال تم إدخالها للبلاد دون رقابة، ودون فحص وأبسط مثال على ذلك هو أنه لو دخلت هذه النباتات دون فحص سواء هي أو التربة المزروعة بها قد تكون محملة بآفات حشرية أو جراثيم فطرية أو إصابات فيروسية، فبمجرد أن يتم إدخالها لبيئة جديدة خالية من هذه الآفات سوف تبدأ العدوى بالانتشار بين النباتات المتوطنة وهذا حصل كثيراً وأثر سلباً على عدد كبير من النباتات".

وأشارت إلى أنه من أكثر الآثار السلبية التي يتركها عدم مراقبة النباتات الدخيلة أثناء دخولها للبلاد، هي الآفات سواء أكانت الأعراض واضحة عليها أو لا، فبمجرد وضعها مع عدد من النباتات تنتقل العدوى بسرعة بينها، وهذا له عواقب اقتصادية وخيمة، ومن الأضرار أيضاً تحول النباتات الدخيلة إلى نباتات غازية، تغزو المنطقة لقدرتها على إنتاج عدد كبير من البذور ونطاق انتشارها كبير، ومعدل انباتها سريع وعالي، إضافة إلى أنها قد تكون نباتات مقاومة فمع الوقت تحل محل النباتات المتوطنة وهذه نقطة خطيرة جداً.

وعن طرق إدخال هذه النباتات للبلاد دون رقابة تقول "أغلبها تدخل بطريقة عشوائية، وغير منظمة وغير مراقبة من الدولة، ولا يتم الكشف عنها أو فحصها، ولا يتم عمل حجر صحي زراعي لها، وهذا سبب عدد من المشاكل التي يعاني منها المزارعون في ليبيا".

وأوضحت أن هناك أثار إيجابية أيضاً لإدخال النباتات الدخيلة على البيئة الليبية فقد نحتاجها لأسباب بيئية، مثل الأشجار المزروعة على جانبي الطريق بمدينة بنغازي وهي أشجار الفيكس والكافور، هي أشجار باسقة، وكبيرة وتعطي مساحة جيدة من الظل، ومقاومة وتعمر وتعيش لسنوات طويلة، لهذا قاموا بزراعتها في ليبيا.

وحول أيهما أكثر خطورة النباتات التي يتم زراعتها في مشاتل ويتم بيعها للناس أم تلك التي يتم زراعتها في مزارع بينت "الخطورة واحدة فمثلاً لو حصل واشترى شخص نبتة مصابة ونقلها للحديقة الخاصة به، سوف تؤذي باقي النباتات وتسبب لها المرض والعدوى، والمزارع ذات الشيء عندما يشتري نوع معين من النباتات ويقوم بزراعته سوف يحدث له ذات الضرر".

وحول إمكانية جعل النباتات الدخيلة كالنباتات المتوطنة صالحة للزراعة في البيئة الليبية قالت "هناك نباتات تصلح أن تزرع في ليبيا وتتأقلم جيداً مع البيئة الليبية، وتم استجلابها منذ سنوات، مثل نبات الفيكس، والكافور الذي تم زراعته منذ العهد الإيطالي في ليبيا أي ما يقارب لأكثر من قرن في مدينة بنغازي واستمرت زراعته إلى الآن، ولكن للأسف هذا الأشجار التي عاشت لسنوات كثيرة وتعتبر نباتات معمرة، الآن تقام حملات ضدها ويتم تقطعيها".

وعن ضرورة المحافظة على النباتات ومراقبة الدخيل منها لأهميتها في مقاومة التغييرات المناخية التي تحدث الآن أوضحت "للنبات دور مهم في التقليل من الاحتباس الحراري، ولو تحدثنا عن السبب الرئيسي لهذه المشكلة سنجد أنه ثاني أكسيد الكربون ومستوياته المرتفعة جداً في الجو، وترتفع كل عام هذه النسبة وباعتبار أنه المسؤول عن الاحتباس الحراري فالحل يكمن في التخلص منه، ويتم ذلك بطريقة طبيعية عن طريق زراعة النباتات، فكلما قمنا بزراعة نباتات أكثر كلما استهلك كميات أكبر من ثاني أكسيد الكربون، لأن النبات يقوم بعملية البناء الضوئي، حيث يمتص ثاني أكسيد الكربون من الجو ويعطينا أوكسجين، لذلك لابد من التشجيع على حملات التشجير، وزراعة النباتات لزيادة الغطاء النباتي وتحسين البيئة والتقليل من التلوث، ولكن حين يتم قطع الأشجار ويتم إهمال الغطاء النباتي يسوء الوضع البيئي، فالأشجار مهمة جداً للحياة والبيئة وللإنسان، وهنا عندما تدعونا الحاجة لاستجلاب نباتات معينة وبمواصفات معينة لأسباب معينة نقوم باستجلابها وزرعها بشكل مدروس لا عشوائي".