زينب مسكاوي امرأة مغربية تمتهن حراسة السيارات

في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة وغلاء المعيشة في المغرب، تعمل زينب مسكاوي في حراسة السيارات من أجل تأمين قوت يومها لإعالة أسرتها.

حنان حارت

المغرب ـ ولجت زينب مسكاوي ميدان العمل في البداية كبائعة متجولة لأنها لم تكن تمتلك محلاً، وسرعان ما فكرت دخول غمار مهنة جديدة نادراً ما تمتهنها النساء في المغرب وهي "عساسة سيارات" كما يطلق عليها باللهجة المغربية أي حراسة السيارات.

في حي البرنوصي بمدينة الدار البيضاء، تتخذ زينب مسكاوي وهي أم لثلاثة أطفال، من أحد الأزقة القريبة من سوق حي طارق، مكاناً تحرس فيه سيارات السائقين المرتادين للسوق، أو الذين يرغبون بقضاء أعمالهم، فيتركون سياراتهم لديها من أجل حراستها مقابل مبلغ من المال.

وحين قابلتها وكالتنا في مكان عملها كانت ترتدي الجلباب المغربي، وتضع فوقه سترة خضراء يرتديها حراس السيارات في البلاد كنوع من التعريف عن أنفسهم ومهنتهم، وكانت تبدو فخورة بعملها وهي تتنقل بنشاط بين السيارات المركونة بجانب الرصيف، تارة تساعد أحدهم على ركن سيارته، وتارة أخرى تفتح لآخر منفذاً وسط الزحام لإخراج سيارته.

وتعمل زينب مسكاوي في هذه المهنة منذ سبع سنوات، وعن ذلك تقول "قمت بتقديم الوثائق المطلوبة للبلدية، فحصلت على ترخيص لممارسة مهنة حراسة السيارات في هذا الزقاق الذي لا يبعد كثيراً عن المنزل الذي أقطنه"، مشيرةً إلى أنه "منذ سبع سنوات أعمل في هذه المهنة، وفخورة جداً لأنني أزاولها، فأنا مستعدة للعمل في أي مجال آخر مهما كان بسيطاً من أجل قوت يومي، وتوفير كل ما يلزم أسرتي".

وأضافت "زوجي يعمل لكن دخله محدود، وفي ظل الظروف الاقتصادية المتردية في البلاد، ومتطلبات الحياة الكثيرة فإن يد واحدة لا تصفق فلابد من المساعدة والمشاركة من قبل الزوجين في أمور الحياة".

وعن كيفية التوفيق بين عملها ومسؤوليات المنزل قالت "الأمر صعب، لكن أحاول جاهدة أن أوفق بين عملي ومسؤولية المنزل. ابنتي الكبرى التي تبلغ 14 عاماً تساعدني في أعباء المنزل البسيطة".

لا تخلو مهنة حراسة السيارات من الصعوبات فبالرغم من دخلها المادي الجيد، إلا أن من يزاولها لا يحظى بأية حماية صحية؛ لعدم انخراطه في أي تنظيم قانوني يضمن له أدنى حقوق العيش الكريم "رغم ما أجنيه من هذه المهنة، لكنها كباقي المهن الغير مهيكلة ولا تخلو من صعوبات".

وأكدت على أن "هذه المهنة نادراً ما تعمل بها النساء، ومع التجربة تمكنت من اكتساب مفاتيح النجاح وثقة السائقين؛ فبات هناك زبائن يفضلون ركن سياراتهم لدي، وبعضهم يترك لي مفاتيح السيارة. إنها مهنة تجعلك تتعامل مع كل الشرائح الاجتماعية، ومنذ أن باشرت العمل فيها وأنا أحظى باحترام كبير، لم أواجه موقفاً أو كلمة سيئة من أي شخص، والكل يحترمني ويقدر جهودي".

لا تتوقف زينب مسكاوي عن الحركة، فهي تظل في إياب وذهاب، تنظر إلى أزقة الحي المجاورة، لعلها تلمح سيارة قادمة، حتى تقوم بتوجيهها للركن في مكانها الصحيح "لا أفرض عليهم تسعيرة معينة، ولكن كل واحد يقدم لي ما يريده. هذا المجال صعب، ويتطلب التركيز والانتباه لإعطاء الإشارات الصحيحة لأي سائق حتى يتمكن من ركن سيارته من دون إيذاء من خلفه أو أمامه، فدور حارس السيارات جد مهم، فهو يضمن أمان السيارة، ويحافظ عليها من السرقة والخدش".

وفي انتظار تنزيل قانون يؤطر المهنة ويوفر لممتهنيها حقوقهم تقول زينب مسكاوي في ختام حديثها "رغم بساطة المهنة التي اخترتها والمردود المادي القليل، إلا أنها تساعدنا في التغلب على مصاريف الحياة الكثيرة، وعلى تربية أبنائنا، فالمرأة يمكنها أن تعمل بأي مهنة مهما كانت بسيطة، فهي تقدم من خلالها خدمة للمجتمع".