يوميات الحجر المتأخرة تتصدرها "الكنافة" والنكتة سيدة الموقف

موقع غزة المعزول عن العالم أخر وصول فايروس كورونا لها ففي الوقت الذي انتشر فيه هذا الفايروس في العالم أجمع مع بداية عام 2020

رفيف اسليم
غزة ـ ، بقيت الحالات المصابة بالفايروس في مراكز الحجر الصحي على المناطق الحدودية للقطاع ولم تختلط أي حالة منها بالمجتمع، لذا لم يفرض الحجر الإلزامي على سكان القطاع.
لكن مع بداية آب/أغسطس من العام ذاته اكتشفت الحكومة في قطاع غزة ظهور حالات مخالطة للمجتمع وبدأت تلك الإصابات بالتفشي لترتفع أعدادها بشكل هائل خلال شهر واحد فقط، فقامت الحكومة على إثر ذلك بفرض حجر صحي إجباري لمدة شهر وإقرار مخالفة بالسجن أو دفع مبلغ مادي لكل من يخترقه، ثم تم تخفيفه ليصبح فقط يومي الجمعة والسبت من كل أسبوع، ليعيش أهالي قطاع غزة بذلك فترة الحجر التي عاشها سكان غالبية دول العالم لكن بتوقيت مختلف.
يقول محمود الشرقاوي (30 عام) أن فترة الجحر لديه تعرف بـ "يومي العائلة" التي فقدها منذ عدة سنوات بفعل ضغط العمل الذي يصل لأكثر من 12 ساعة يومياً والشامل يوم الجمعة أيضاً، ملفتاً أنه يشارك تفاصيل اليومين عبر حسابه على مواقع التواصل الاجتماعي وقد لاقى تفاعل كبير من قبل متابعيه معتبرين ذلك المحتوى أفضل ما قد يشاهدوه خلال يومي الحجر لأن الفيديو يشمل إعداد الطعام، والألعاب التقليدية وأفكار أخرى تساعدهم ليجتازوا الملل.
بضحكة واسعة يقول محمود الشرقاوي بالطبع وقت الفراغ الواسع في ظل الحجر الصحي لا يمر بدون تواجد السلع الغذائية الكمالية والتي يصفها بـ المسليات، ويعتبرها أهم من الحجر الصحي نفسه فهو يشتريها قبل عدة أيام من المنع ليخزنها، فالجلسة العائلية تكاد تكون مستحيلة بدون "البزر والفشار والكاجو" وغيرها من الأنواع الأخرى.
وأشار إلى أن الجلوس في المنزل خلال فترة الحجر الصحي يفرض على العائلة ممارسة أنشطة محدودة وتقليدية لم يكن أحد يفكر في فعلها قبل دخول فايروس كورونا لقطاع غزة، لذلك تحولت السلع الكمالية عند الأسر الغزية إلى أساسية كوسيلة للترفيه.
ونوه إلى أن أيام فصل الشتاء تحتاج إلى الحلويات والمشروبات الساخنة، فكان أول من حاول صنع الكنافة وشارك المتابعين على صفحته طريقة صنعها ليشجعهم أن يتعلموا العديد من الأمور الجديدة والجيدة خلال فترة الحجر الصحي.
فمنذ سنوات طويلة اعتاد سكان قطاع غزة أن يشتروا حاجتهم الأساسية من السلع الغذائية فقط، فلم تسجل وزارة الاقتصاد الوطني الفلسطيني من قبل زيادة الطلب على شراء السلع الغذائية الكمالية "كالبن والشاي والمكسرات" وبعض الأنواع الأخرى، وقد حدث هذا التغيير في الطلب من قبل أهالي غزة بفعل الحجر الصحي المفروض إثر فايروس كورونا.
وتتفق سها سكر ذات (22 عاماً) أن فترة الحجر الصحي أعطت متسع من الوقت للجلوس مع العائلة، خاصة أنه أصبح للأسر عادات مختلفة كشراء المسليات بكميات أكبر من المعتاد خشية انتهاء تلك المواد قبل انتهاء موعد الحجر الصحي لأنه لا يسمح لهم بالخروج من المنزل، مشيرة إلى أنهم لأول مرة يجربون أنواع جديدة من تلك المسليات كبذور البطيخ النيء، لتقوم بتحميصه على النار مع البعض من الملح ليكون بصحبتهم أثناء جلستهم العائلية ومشاهدتهم للتلفاز.
وتذكر سها سكر أن مادة الرشة الخاصة بحلوى الكنافة من ضمن السلع الاستهلاكية الكمالية التي أصبحت تقوم بشرائها مؤخراً لإعداد طبق الحلوى المليء بالمكسرات أيضاً، مرجعة زيادة إقبال العائلات الغزية على شراء تلك السلع لانخفاض ثمنها خلال الفترة الحالية.
والكنافة لمن لا يعرفها تتكون من رشة، وجبنة عكاوي، وقطر وسمنة، بحسب وصفة الشيف إسلام الخالدي ذات (27 عاماً).
تقول إسلام الخالدي أنها وبحكم عملها الخاص كطاهية في مطبخ "فتفوتة" وكربة أسرة تحرص على أن تعد لأطفالها نوع أو نوعين من الحلويات التي قد تحتوي على المكسرات والحليب وبعض السكر ومكونات أخرى لم تكن تشتريها من قبل، خاصة أن الأجواء في فصل الشتاء باردة تجعل الجسم يحتاج لسعرات حرارية عالية، فتفضل تحضير أطباق ذات قيمة غذائية جيدة لتضمن حصول عائلتها على التغذية المناسبة لتقوية مناعتهم.
وكان قد صرح الناطق باسم وزارة الاقتصاد الوطني في غزّة عبد الفتاح موسى أن سكان قطاع غزة استهلكوا ما قيمته 300 طن من الفوشار "الببكورن" خلال عام 2020، فيما بلغ استهلاك الأنواع المختلفة من البذور ما قيمته 2830 طن فقط للعام نفسه، والمطلع على هذه الإحصائية يدرك أن كمية الاستهلاك ازدادت الضعف خلال فترة الحجر الصحي المفروض إثر فايروس كورونا.