يؤمنَّ لقمة عيشهن من خلال عملهنَّ في المعامل

في ظل ظروف بات من الصعب تأمين لقمة العيش فيها، تعمل العديد من النَّساء في شمال وشرق سوريا في معامل الصوف والبلاستيك.

سيبيلييا الإبراهيم
منبج ـ
نساء تحت سقف المعامل في شمال وشرق سوريا، يقاومن الظروف المعيشية الصعبة بالعمل وبذل الجهد، منهن المهجرات والمطلقات ومن فقدنَّ أزواجهنَّ، وكل ذلك في سبيل الحصول على استقلالهنَّ الاقتصادي لإعالة أسرهنَّ.
 
 
العاملة في معمل الصوف في حي الأسدية شرقي مدينة منبج عائشة محمد (50) عاماً، أم لسبع فتيات وصبيين، تقول أنه ومع ارتفاع الأسعار، بات من الصعب تأمين لقمة العيش "قررتُ العمل لمساندة زوجي، وتلبية احتياجات أسرتي".
وعن الصعوبات التي تواجهها أثناء علمها "غبار الصوف أصابني بألم في رئتي، وصعوبة التنفس، والعمل اليومي يرهق جسدي، ولا سيما في شهر رمضان، إضافة إلى أن العمل لساعات قليلة خلال الحجر الصحي، لا يساعدنا في الحصول على الدخل الكافي". 
وتقوم عائشة محمد بعزل الصوف الأبيض عن الأسود ووضعه في آلة للكبس ومن ثم ربطه بالسياج، وتشجع جميع النساء للعمل من أجل تأمين القوت اليومي، ولا سيما في ظل الأوضاع الراهنة التي تمر بها سوريا. 
 
 
عليا الأسود من منطقة العريمة في مدينة الباب بريف حلب الشرقي، وهي أم لابنتين وشاب، توفي زوجها منذ أربعة أعوام تقريباً، إثر سكتة قلبية، تقول "أعمل أنا وبناتي في ظل هذه الظروف لتأمين اقتصادنا الذاتي، من الساعة السابعة صباحاً وحتى الثالثة مساءاً، إذ أن مواصلة هذه الحياة تحتاج لمقاومة".
وتكمل "نعزل الصوف عن بعضه البعض، ويُصدر الصّوف الأبيض خارج سوريا، والأسود يوزع على النّاس مجاناً، نظراً لارتفاع تكاليف تصديره".
وتبين عليا الأسود أن هذا المعمل يحتضن العديد من النساء اللواتي تتشابه ظروفهنَّ، وعددهنَّ ما يقارب الـ 60 عاملة، يبذلنَّ جهدهنَّ من أجل تحسين أوضاعهنَّ "أعمل في كافة المجالات كـ "الزراعة والمعامل"، وأدعو النساء دائماً للاعتماد على ذواتهن".
وحول مكان استيراد الصوف، تقول "نجلب الصوف من المناطق الشرقية في سوريا كـ "الرقة، دير الزور، قامشلو، منبج" وبعد العمل على فرزه نُصدره إلى الخارج كالهند التي تصنع منه السجاد".
 
 
والعاملة عريفة أحمد جديع (43)عاماً، النازحة منذ خمسة أعوام من ريف حلب الشرقي، إثر المعارك التي دارت بين مرتزقة داعش والنظام، وتقطن في المخيم الشرقي بقرية الرسم الأخضر، وهي أم لخمس بنات وثلاث أولاد.
وتقول "قبل عملي في معمل البلاستيك، كنت خياطة، وعاملة في معمل للحلوى، وحصدت الكمون والشعير، وقطفت الزيتون، فأنا لا أتوقف عن العمل على مدار العام".
وعن عملها قبل النزوح "ربيت المواشي كالأغنام، وبعت اللبن والسمن، إضافة لأن اعتمادي الأساسي كان على الزراعة، ففي كل سنة  كنا نزرع  أنا وأبنائي ثلاث مواسم".
وفي ظل تقاعس المنظمات الإنسانية عن مساعدة النازحين والارتفاع الغير مسبوق بالأسعار، والدعم الطفيف الذي لا يسد حاجاتهم كما تقول عريفة أحمد جديع، تجد أن المسؤولية تقع على كاهلها وكاهل بناتها، بعد اعتقال زوجها من قبل النظام السوري منذ ثلاث سنوات ونصف، لتشابه الأسماء، عند ذهابه إلى بلدة مسكنة، ولا يزال مصيره مجهولاً. 
وتشير إلى أن بلدة مسكنة تحررت من داعش، بعد دخول النظام السوري إليها، إلا أن أبسط سبل الحياة كـ "الأمان، الماء، الكهرباء" غير متوفرة فيها، "أفرز كل لون بلاستيك لوحده من الساعة السادسة صباحاً وحتى الواحدة ظهراً، وأحصل على 18 ألف ليرة سورية في الأسبوع لقاء عملي"، وتبين أن الحجر الصحي، حرمهم من سهولة التنقل داخل وخارج المخيم لمدة 15 يوماً.
وتعمل عريفة أحمد الجديع، حتى تحافظ على كرامتها، ولكي لا تحتاج أحداً "أجد اللذة رغم صعوبة عملي، لأنني اعتمد على نفسي، وأنمي اقتصادي الخاص".
وتشجع المرأة السورية المقاومة والصامدة رغم ظروف الحرب التي تستمر لأكثر من عشر أعوام، والتي تحملت الجوع وظروف النزوح، والخراب والدمار والفقد، على أن لا تستسلم من أجل الحفاظ على أرضها وكرامتها.