يمن الحماقي: تحقيق الدور المأمول للنساء يتمثل في العمل على تمكينهن اقتصادياً

معاناة المرأة لا تنتهي ودراسة تأثير الأزمات على واقعها أمر بات يثير اهتمام أغلب الجهات الفاعلة في هذا الملف حول العالم

أسماء فتحي 
القاهرة ـ ، والنقاش لازال يأخذ مساره حول أدوات الارتقاء بالمرأة ودعمها للوصول إلى مراكز صنع القرار.
يرى الكثير من الباحثين أن الخطوة الأكثر فاعلية تكمن في العمل على تمكين المرأة اقتصادياً، فحينما تستطيع المرأة تأمين احتياجاتها وذويها يمكنها أن تأخذ قسطاً من التفكير في سبل الارتقاء بحياتها والتطلع للوصول لدور ريادي على الصعيد السياسي أو الاجتماعي أو حتى الاقتصادي.
 
الوظيفة الإنجابية سبب ارتفاع معدل البطالة النسائية في مصر
اعتبرت أستاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس الدكتورة يمن الحماقي، أن هناك عائق كبير أمام المرأة المصرية يرتبط بالوظيفة الانجابية فأعلى معدل بطالة ينحصر في الفئة العمرية ما الـ 20 ـ 30 عاماً وهو سن الإنجاب.
وأوضحت أن دور المرأة المصرية يمكن تفعيله بشكل كبير جداً خلال الوقت الراهن، فمؤخراً كان هناك تركيز على مشاركة المرأة في القطاع الزراعي وخلال العشر سنوات الأخيرة انخفضت نسبة تلك المشاركة للنصف تقريباً وهو ما اعتبرته أمر إيجابي لأن "المرأة تعمل في أغلب الأحوال بالقطاع الغير رسمي أو تعمل بدون أجر، وتراجع نسبة نشاط النساء في القطاع الزراعي يعني دخول المرأة في أنشطة أخرى".
وفي حال التعرف على القطاعات التي تزداد بها مشاركة المرأة المصرية أشارت إلى أن المعدل ارتفع في قطاع تجارة الجملة والتجزئة كما أنها المشارك الرئيسي في قطاعي الصحة والتعليم.
وأكدت يمن الحماقي على أن التمكين الاقتصادي للمرأة لا يسير بشكل صحيح لأنه رغم وجود العديد من الاستراتيجيات الخاصة بذلك، إلا أن تجاهل ترجمتها إلى خطط عمل وأنشطة وافتقارها للمتابعة والتقويم لن يجعل لها أهمية أو اسهام في تحقيق المشاركة الاقتصادية المرغوبة.
واعتبرت أنه عند الحديث عن المرأة المصرية والعمل على تمكينها اقتصادياً لا يمكن إغفال الدور القوي الذي تلعبه المشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر في تحقيقه على أرض الواقع.
 
تحديات تعيق المشاركة الاقتصادية الفعالة للمرأة العربية 
وشددت على أن أحد أبرز التحديات التي تواجه المرأة تدني مشاركتها الاقتصادية، وحتى في الدول التي قد يظهر بها ارتفاع في معدلات تواجد المرأة في سوق العمل، بدراسة الأسباب التي أدت لذلك نجد أن ما يحدث لا يلبي التطلعات ولا يحقق المأمول للارتقاء الحقيقي بالمرأة وتمكينها.
ولفتت إلى أنه بإمعان النظر للنموذج المصري نجد أن معدلات مشاركة المرأة ترتفع نتيجة الكوتا أو الإرادة السياسية الحقيقية، ولكن في حقيقة الأمر لا توجد على سبيل المثال أحزاب تعمل على دعم وتبني كوادر نسائية سياسياً وتمكينهم فعلياً.
وأوضحت أنها استنتجت خلال مشاركتها في ندوة "تأثير الأزمات على النساء والفتيات بالدول العربية"، في معرض الكتاب بدورته 53، أن المرأة العربية لازال أمامها وقت وجهد كبير جداً فضلاً عن وجود احتياج حقيقي لقواعد بيانات لأنه وبالرغم من اعتماد النموذج الاحصائي الدولي إلا أن هناك معاناة لازالت قائمة نتاج عدم توفر بيانات دقيقة في هذا الملف.
 
قدرة المرأة على رفع معدل النمو 
وأكدت يمن الحماقي أن المرأة يمكنها أن تصبح محرك للنمو في مختلف البلدان وذلك نتيجة وجود إرادة سياسية حقيقية داعمة لتمكين المرأة، ورغم أهمية استثمار تلك الإرادة إلا أنها غير كافية لغياب الأدوات التي تمكن من تحقيق ذلك، معتبرةً أن المرأة العربية لازالت لا تقوم بالدور الذي يجب أن تلعبه في بناء القدرة على المقاومة وتفعيل الاقتصادات العربية وتحقيق التكامل الاقتصادي، بل والقدرة على تحويل تلك الدول من مفعول به إلى فاعل.
وشددت على أن المرأة قادرة على أن تكون محركة لتلك الأوضاع، فوفق دراسة صادرة عن البنك الدولي فإن معدل النمو قد يرتفع بنحو 32.5% في حال تساوي مشاركة المرأة المصرية الاقتصادية مع الرجل، وهو ما قد يساهم بالتبعية في تحقيق البعد السياسي والاجتماعي لها أيضاً، وجميع التجارب العالمية الناجحة بدأت بالتمكين الاقتصادي.
وأشارت إلى أن الاستخدام الخاطئ لمنح والمعونات الخاصة بتمكين النساء، لا يحقق الهدف نظراً لكونه يسعى إلى التمكين الشكلي فقط دون النظر لجوهر تطويرهن وبناء قدراتهن الداخلية، ضاربةً المثال بما يحدث أثناء الانتخابات وأن الأمر يصبح قاصر على استئجار سيارات لنقل النساء من أجل التصويت والكثير منهن قد لا تعرفن هوية المرشحين، موضحةً أن التمكين الاقتصادي والعمل على توفير دخل لهن يحولهن تماماً ويجعل لهن إرادة مستقلة.
ولفتت يمن الحماقي، إلى أنها تعمل من خلال مؤسسة تديرها على مجموعة من المشروعات الصغيرة الخاصة بالنساء لتمكينهن اقتصادياً في الصعيد وحلوان وبعض القرى الأخرى، مشيرةً إلى أنها لمست حجم التحول الذي يحدث في حال تمكين المرأة اقتصادياً، فتوافر النقود بيد المرأة يجعلها تؤمن حياة أسرتها من جانب ويدفعها لاستيعاب التوجيهات التي تساهم في مساعدتها لتصبح صانعة قرار، ورفع معدل استقلالها ووعيها وهو ما يجعل بناء القدرات متماشي مع الفرص في مسار واحد.
 
أزمات عالمية ونساء في مهب الرياح
يقع عبء مواجهة الأزمات التي يمر بها العالم إلى حد كبير على النساء وفق ما تراه يمن الحماقي التي اعتبرت أن هذا الواقع يفرض على النساء تحديات كبيرة للغاية، فالعالم الاقتصادي يشهد حروب طالت الجانب العسكري والسياسي وهو ما ينبئ بخطورة كبيرة على الوضع الاقتصادي بشكل عام والمرأة باعتبارها الأكثر تأثراً بالأزمات. 
واعتبرت أن أزمة كورونا جاءت في إطار اقتصاد عالمي يشهد تغيرات عنيفة للغاية ومعظم الدراسات الحديثة باتت تناقش مدى قدرة الاقتصاد على مواجهة الأزمات، الأمر ذاته حدث عقب الأزمة الاقتصادية العالمية عام 2008 وما نتج عنها من تحول كبير في تحقيق الاستقرار والأمان المالي وبعد مرور 10 سنوات عليها بحثت المؤسسات الكبرى مدى قدرة الاقتصادات العالمية على المقاومة وتجنب حدوث مثل تلك الأزمة المالية مرة أخرى ومع ذلك استمرت تداعياتها.
وأوضحت أن جائحة كورونا بينت قدرات الدول المختلفة في التعامل معها وطرحت تساؤل محوري حول دور النساء في بناء وتدعيم قدرة الاقتصادات العالمية والدفع به نحو قدرة أكبر على المقاومة، فضلاً عن سبل جعل النساء في الدول العربية دعامة أساسية لتلك القدرات لمواجهة تلك الأزمات والتغلب عليها.
وكشفت أستاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس يمن الحماقي أن تحقيق الدور المأمول للنساء يتمثل في العمل على تمكينهن اقتصادياً.