ورشات التين المجفف تؤمن فرص عمل لنساء معيلات في إدلب

تتحدى نساء معيلات في إدلب ظروف الحرب ومرارة الواقع، وتجدن في ورشات تعليب التين المجفف فرص عمل موسمية، لتأمين مردود مادي يساعدهن على إعالة أسرهن، في ظل الظروف المعيشية الصعبة وقلة فرص العمل.

لينا الخطيب

إدلب ـ تشتهر مناطق ريف إدلب بمواسم التين ذو الجودة العالية، مما أدى لانتشار ورشات كبس التين في مختلف المناطق تحضيراً لتصديره، وذلك ضمن مراحل عديدة، وقد ساهمت ورش التين المنتشرة في إدلب بتأمين مصادر دخل للنساء الباحثات عن عمل، خاصةً الأرامل وفاقدات المعيل.

رنا المطر (36) عاماً نازحة من بلدة خان السبل في ريف إدلب إلى مدينة أريحا، تعمل مع ابنتها البالغة من العمر 14 عاماً في ورشة لتعليب التين المجفف، وعن معاناتها تقول "أصيب زوجي بداية عام 2020، وأصبح عاطلاً عن العمل، ومنذ ذلك الحين أصبحت مضطرة للبحث عن أية فرصة عمل تمكنني من كسب العيش والإنفاق على أولادي الخمسة".

وأشارت إلى أن عملها مع نساء أخريات يبدأ في الورشة عند الساعة الثامنة صباحاً ويستمر حتى الرابعة مساءً، مقابل أجر زهيد، الأمر الذي يدفعها لإرسال ابنها البالغ من العمر 11 عاماً للعمل في ورشة لغسيل السيارات لمساعدتها في تأمين مصروف المنزل، "صحيح أن الأجر زهيد لكنه أفضل من الحاجة، وانتظار المساعدات من الآخرين"، ولفتت إلى أن العمل في ورشات التين يبدأ سنوياً من فصل الصيف ويستمر حتى منتصف فصل الشتاء.

عن آلية العمل في الورشة تقول سلمى الحسين (40) عاماً وهي إحدى المشرفات على العمل في ورشة لتعليب التين، أن "الورشة تضم ما يقارب 60 امرأة تتوزعن العمل فيما بينهن، علماً أن التين اليابس يمر بعدة مراحل، حيث تكون المرحلة الأولى بالفرز حسب حجم الثمرة وجودتها، لتبدأ مرحلة الغسيل للتخلص من الشوائب العالقة بالثمار، تتبعها مرحلة التجفيف والتعقيم من خلال وضعها في غرف خاصة لمدة 24 ساعة، ثم تقوم النساء بضم التين في قلائد أو كبسه في قوالب بأشكال وأوزان مختلفة، وفي المراحل الأخيرة تكون التغليف والتعبئة في صناديق خاصة وتحضيرها لطرحها في الأسواق أو تصديرها خارج البلاد".

وأشارت إلى أن للتين عدة أنواع في إدلب، منه الأبيض وهو التين الأكثر جودة، ويباع بأسعار مرتفعة، إلى جانب الأسود والأحمر والأخضر، وهناك الكثير من الأنواع التي تعود تسميتها للمناطق التي تزرع فيها، فهناك الكرسعاوي نسبة لقرية كرسعة، والحيشاوي نسبة لبلدة حيش وغيرها.

ويعد العمل في مجال تعبئة التين المجفف من أكثر المهن المنتشرة في ريف إدلب، ولا يقتصر العمل فيه على الورشات الصغيرة، بل تفضل كثيرات مزاولة العمل في منازلهن بشكل فردي، وبمساعدة أفراد أسرهن، منهن إسراء الحامض (36) عاماً، نازحة من بلدة احسم إلى مدينة إدلب التي أصبحت المعيل الوحيد لأولادها الثلاثة بعد فقدان زوجها، وتولت مهمة الإنفاق عليهم في ظروف بالغة الصعوبة.

وعن سبب اختيارها للعمل في تعليب التين فتقول "تشتهر مدينة إدلب بكثرة زراعة أشجار التين، فضلاً عن خبرتي الواسعة وعدم الحاجة في هذه المهنة إلى رأس مال كبير، ما دفعني دون تردد للقيام بمشروعي الخاص الذي يعتمد في تنفيذه على عدة مراحل".

وتبين إسراء الحامض أنها كانت في السابق تعد التين المجفف في منزلها لمؤونة الشتاء فقط، ولكن حين يئست من الحصول على فرصة عمل ملائمة بعد وفاة زوجها، قررت أخيراً البدء بمشروعها الخاص في إنشاء ورشة تين مجفف، مستفيدة من خبرتها في إعداده وكبسه وتحضيره.

وأضافت "للتين عشاقه في إدلب التي تشتهر بزراعته، إذ يتم تناوله طازجاً في فصل الصيف، بينما يتم تجفيف القسم الأكبر ليتسنى للأهالي تناوله في فصل الشتاء، نظراً لطعمه المميز وفوائده الكثيرة وكونه من أهم الضيافات التي تقدم للزائرين".

أما المواد الأولية التي تحتاجها إسراء الحامض في عملها بتجفيف التين، فتشمل مواد التبيض والتعقيم، إضافة للكرتون والنايلون المستخدم في عملية التغليف، وتتعدد مصادر الحصول عليها والتي أدى لارتفاع سعرها أضعافاً.