في ظل الصراع المستمر... النساء في اليمن تسعين لتحقيق الاكتفاء الذاتي

تجد النساء اليمنيات صعوبة في مواجهة الواقع المعيشي بسبب الانهيار الاقتصادي، لكنهن تسعين لتحقيق الاكتفاء الذاتي وسد احتياجاتهن الأساسية.

رانيا عبد الله

اليمن ـ تعيش المرأة اليمنية في ظل ظروف الحرب أوضاعاً مأساوية من تهجير وقتل وتشريد، كما أنها مكبلة بعادات وتقاليد المجتمع التي تزيد من معاناتها، إضافة إلى هذا كله يلقي الوضع الاقتصادي بظلاله على كاهلها ليزيديها مأساة ومعاناة فوق معاناتها.

سحر أحمد (24) عاماً، من مدينة تعز جنوب غرب اليمن، تفتح عينيها كل صباح على موعد جديد من الكفاح لتحيا هي وأسرتها، مكتفين ذل السؤال، وتقول "نكافح دائماً لنعيش بكرامة وعزة نفس ولا نتحاج لأحد".

تعمل منذ الصباح الباكر على استقبال كمية الخضار التي تعمل على بيعها في السوق، ثم تقوم بترتيبها ورصها بمساعدة شقيقتها الصغرى متحملة مشقة التعب والعطش.

تركت سحر أحمد تعليمها في وقت مبكر بسبب ظروف أسرتها، وبعد اندلاع الحرب باليمن في العام 2015 تضاعفت معاناة أسرتها، وفقد والدها مصدر دخله وعمله، وتقول "لم أتمكن من إكمال تعليمي، وعند اندلاع الحرب تضاعفت معاناتنا فخرجت أنا وأخواتي لبيع الخضار لمساندة أسرتي، فمسؤولية العائلة مُلقاه على عاتقي، واعتدت على العمل ولا أشعر بالتعب إلا عندما أكون بدون عمل".

سحر أحمد كغيرها من الأهالي في مدينة تعز الذين دفعوا فاتورة باهظة للحرب، لم يكن نزوحها مع أسرتها إلى أماكن أكثر أمناً وهرباً من الحرب بالسهل، ولم تكن تلك المعاناة الوحيدة التي تعانيها آلاف الأسر اليمنية والنساء خصوصاً، لكن أضيف إليها ارتفاع الأسعار وتدهور الريال اليمني مقابل الدولار، الذي رافقه ارتفاع أسعار الخضار وجميع المواد وانعدام المشتقات النفطية التي تعيق وصول الخضار في أغلب الأوقات وهي معاناة ترهق كاهلها، وعن ذلك تقول "نقوم بشراء الخضار من مزارع منطقة وادي الضباب بتعز وتكلفنا مبلغ كبير لتصل إلى المدينة، وبسبب زيادة الأسعار فان ذلك يتسبب لنا بالخسائر أحياناً".

وبدورها تقول المستشارة الأسرية الدكتورة ألطاف الأهدل أن "النساء اليمنيات تجدن صعوبة كبيرة في مواجهة الواقع المعيشي اليوم بسبب انهيار الاقتصاد المحلي ورفع راية المصلحة الشخصية لدى أصحاب السلطة واستغلال فقر الناس لبناء اسوار الثراء، وفي ظل واقع هش وممزق تجتهد المرأة لتحقيق الاكتفاء الذاتي وسد احتياجاتها الأساسية للبقاء على قيد الحياة".

وأضافت ألطاف الأهدل "لذلك تجد المرأة نفسها أمام خيارين لا ثالث لهما، أما الانخراط في العمل ذو الأجر الزهيد والمقام الوضيع أو أن تكون عرضة للاستغلال، وفي كل منهما تخسر الكثير لكنها في طريق العمل تسير بكرامة، والواقع الاقتصادي في اليمن علم المرأة أن السمكة فرصة جيد للشبع لكن السنارة وسيلة أفضل للعيش".

 

فقدان الأعمال

وأوضحت أن الأوضاع المتدهورة التي يعيشها اليمن واستمرار الصراع كان سبباً رئيسياً في فقدان الكثير من الناس لأعمالهم، أو قلة فرص العمل.

وتقف المرأة اليمنية أمام عقبة كبيرة من التحديات الاقتصادية والاجتماعية، ولا يمكن الاستهانة بحجم هذه التحديات التي تحاول المرأة المتعلمة أو صاحبة المهنة أو الحرفة تجاوزها، خصوصاً من لم تسعفها ظروفها وواقعها وأوضاعها المعيشية بالالتحاق بركب التعليم والسير في قافلة المتعلمين بحسب المستشارة الأسرية ألطاف الأهدل.

وأشارت إلى أنه "التحولات الاجتماعية في عواملها الديموغرافية والغير الديموغرافية لعبت دوراً كبيراً في صناعة واقع صعب ومغاير تتزاحم في أزقته أنماط مختلفة من العادات والتقاليد والأعراف التي اتاحت الفرصة لأفراد المجتمع باكتساب سلوكيات وتغيير قناعات وتبني توجهات مختلفة عن تلك التي سادت قبل الحرب".

وقدر تقرير لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي الخسائر التي خسرتها اليمن خلال سنوات الحرب بحوالي 126 مليار دولار من النمو الاقتصادي المحتمل. وقال مدير برنامج الأمم المتحدة الانمائي "لا يزال اليمنيون يعانون من الصراع وهم محاصرون في الفقر ولديهم فرصة ضئيلة للحصول على فرص عمل وسبل عيش".