سيدات غزة يفتتحن معمل لصناعة الشامبو من الأعشاب الطبيعية
نجحت مجموعة من النساء في قطاع غزة بصناعة عبوات شامبو من الأعشاب الطبيعية معتمدات خلال عملهنَّ على الطاقات النسوية بشكل كلي بداية من زراعة الأرض بالنباتات لاستخلاص المنتج منها
رفيف اسليم
غزة ـ ، حتى مرحلة التسويق التي أصبح خلالها المنتج يباع ضمن عدة نقاط لتطابقه مع مواصفات الجودة العالمية التي أثبتتها عدة تجارب أجريت عليه وشهادات لنساء استخدمنه لمعالجة مشاكل الشعر.
البداية...
قالت رفقة الحملاوي مديرة معمل "جرين جولد" أن الفكرة بدأت منذ سنتان لكنها كانت مقتصرة على الحدائق المنزلية، أو استصلاح جزء من الأرض المتبقية أمام المنزل لزراعة بعض النباتات كالنعنع بأيدي النساء، وإرسالها لتباع في السوق المحلي. لافتةً أن أزمة كورونا تسببت بأضرار جسيمة فلم يعد أحد يريد الشراء لذلك فكرت في مشروع جديد ومبتكر لتتوجه به إلى منظمة الفاو "منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة".
لكن الأمر لم يكن سهلاً كما تلفت رفقة الحملاوي فإن فكرة المشروع تمت بإشراف عدة جهات محلية ودولية منها منظمتي الفاو واكسفام، وملتقى النجد التنموي قد قدم الدعم بمنحه عدة آلات والإشراف على الدورات التدريبية التي أعطت من قبل المختص بعلم الكيمياء حسن طموس ليطابق المنتج معايير الجودة العالمية، لافتةً أن المركز يقدم عدة خدمات أخرى للنساء منها برنامج ترميم البيوت وبرنامج الحدائق المنزلية وختامها مشروع الشامبو.
خطوات عملية لبدء التنفيذ
وأشارت رفقة الحملاوي أن بداية التنفيذ كانت باستصلاح (400) دونم من الأراضي الزراعية الخصبة شمال قطاع غزة وقد كان شرط التحاق أول مجموعة من النساء بالمشروع أن يكون لديهنَّ أراضي زراعية قابلة للاستصلاح، مكملةً أن فترة تدريب المجموعة الثانية قد استوعبت ثمانية نساء لكن تم قبول 4 منهنَّ فقط ليصبح طاقم العمل مكون من 26 امرأة إضافة لنساء يعملنَّ في جمع بعض النباتات البرية.
وتكمل أن تلك النباتات العطرية كالقريس وورق التوت وغيرها تنمو دون زراعة فتجمعها عدد من النساء ثم تقوم المؤسسة بشرائها منهن بمبلغ نصف دولار للكيلو الواحد ليكونوا بذلك قد وفروا فرص عمل لعدد آخر من السيدات، مشيرة أنها تستهلك خلال اليوم الواحد من 50 لـ 60 كغ من النباتات العطرية كالنعنع والبقدونس، والروكة لصناعة الشامبو.
الشامبو وليس سواه
وعن اختيار الشامبو وليس سواه من المنتجات أوضحت رفقة الحملاوي أن النساء يعانين من مشاكل عدة في الشعر بسبب ملوحة المياه الشديدة في قطاع غزة فحسب دراسة السوق كان هناك حاجة لذلك المنتج لأنه من الصعب أن تخبر المرأة بغسل شعرها في منقوع البقدونس المغذي للشعر، كذلك القريص يصلح لتقاصف الشعر والنعنع للشعر الخامل والزعتر لمن تعاني من القشرة، والرجلة للشعر الجاف بينما الجرجير لكافة أنواع الشعر.
وأضافت أنها جمعت العديد من الدراسات حول تلك النباتات لتمزج فوائدها وتقدمها من خلال شامبو بعبوات مضاف له فقط مادة رغوية وأخرى حافظة بنسبة قليلة جداً لتحافظ عليه كمنتج عضوي يباع بمبلغ 5 دولارات تقريباً، لافتةً أن لكل نوع من الشامبو بلسم خاص به كما أن هناك حمام زيت يغني عن استعمال بروتين الشعر المسبب بتلف الشعر على المدى البعيد.
وأردفت بالقول إن تكلفة المشروع بلغت 11 ألف دولار وقد تمت عملية التسويق من خلال افتتاح، وجهت عبره دعوات لكافة الشركات المختصة لزيارة المعمل وتجربة عينات من المنتج وبالفعل لاقى قبولاً واسعاً من قبل المختصين وقد تلقت عدة طلبات لبيع الفكرة لكنها رفضت للمحافظة على المشروع كجهد نسوي مشترك، مشيرةً أنها تطمح لأن يكبر المشروع وتستطيع تشغيل عدد أكبر من السيدات اللواتي تم تدربيهنَّ خلال المرحلة الأولى كما تأمل تصديره لدول الخارج إذا استمر نجاحه بتلك الوتيرة.
وعن كيفية معرفتها لمطابقته مواصفات السلامة والجودة تقول رفقة الحملاوي أنها أرسلت عدة عينات لمختبرات في قطاع غزة وقد اتفق الأخصائيين على أنه أمن تماماً للاستخدام، مكملةً أنها ذهبت بتلك العينات للجهات الرقابية التي تسمح بتداوله بالسوق منها وزارة الصحة والداخلية وبلدية غزة وكان إصدار التصريح للمنتج أمر سهل لأن النتائج مثبته وواضحة.
تجربة مختلفة
رشا رمضان إحدى العاملات بالمعمل رأت أن فترة التدريب كانت فترة ذهبية فمن خلالها استطاعت تعلم أساسيات الزراعة كما استفادت من عدة أنشطة خاصة بالدعم النفسي التي وفرتها مؤسسة النجد، موجهة شكرها للمؤسسة التي هيأت كافة الظروف لتتقن صناعة المنتج بمساعدة الأخصائي الذي علمها وزميلاتها كيفية إضافة الكميات بالجرام الواحد لكي تحصل على نتائج دقيقة مائة بالمئة لتكون أول من يجربه ويعجب بنتائجه.
وتكمل رشا رمضان خريجة السكريتاريا أنها كانت فخورة عندما شاهدت أولى عبوات المشروع وعندما حصلت على نسبة من المال بعد البيع، مشيرةً أن صناعة الشامبو تمر بعدة مراحل قبل أن يخرج بشكله النهائي ففي البداية تتم زراعة النباتات ثم تنقى من الشوائب الضارة وبعدها تغسل وتنشف ثم تقطع لتصبح بحجم واحد وتصفى لتدخل إلى جهاز التقطير وأخيراً تدخل جهاز التكثيف لتبرد ويضاف لها اللون والمادة الرغوية.
بينما أوضحت نعيمة الخضري خريجة لغة إنجليزية أن مدة التدريب كانت شهر متواصل اكتسبت خلاله العديد من المهارات إضافة لأن الطبيب المدرب حسن طموس كان يوفر خاصية التواصل عن بعد في حال واجهتهم أي مشكلة، لافتةً أنها الآن استطاعت أن تجد لنفسها دخل خاص فيما لو أغلق المشروع فستكمل من بيتها وتعلم نساء أخريات كيفية صناعة الشامبو لتوفر مصدر دخل لهنَّ كما فعلت هي.