صناعة "دبس الرمان" أحد المشاريع التنموية الهادفة لتمكين النساء

تعد صناعة "دبس الرمان" أهم المشاريع التي يتم تدريب النساء عليها في محافظة أسيوط، حيث تؤمن دخل خاص للنساء وتساعد على حماية البيئة المحيطة من الهدر المفرط الناتج عن زيادة مساحة الأرض المزروعة به.

أسماء فتحي

مصر ـ يعد صعيد مصر أحد أهم وجهات العمل التنموي للمؤسسات الدولية الكبرى نظراً لاحتياج القاطنين هناك للدعم نظراً لبعدهم عن المركز، وبالتالي نقص الخدمات والأدوات والإمكانيات التي تساعدهم على التقدم والخروج من قبضة السلطة الأبوية المهيمنة هناك والتي تعاني النساء من نتائجها السلبية في مختلف مناحي الحياة.

التمكين الاقتصادي للنساء واحد من أهم أدوات التغيير الحقيقي التي تؤثر على واقعهن، وتساعدهن على اتخاذ القرارات في الحرية دون قيد أو مخاوف خاصة أن الكثيرات أكدن أنهن قبلن في جانب من حياتهن بالتعنيف والمنع، نظراً لعدم قدرتهن في الإنفاق على ذواتهن وأسرهن والتفكير في الاستقلال والتحرر من القيود.

وهو الأمر الذي دفع الكثير من المهتمات بشؤون المرأة للقيام بالعمل من أجل تمكين النساء في عدد من المشاريع الغير تقليدية التي تمكنها من تأمين دخل مستمر لهن وتكسبهن الثقة في ذواتهن وقراراتهن وقدرتهن على القيادة وإرساء دعائم الاستقلال عن الأفكار الذكورية المعرقلة لهن.

 

"دبس الرمان" أحد أعمدة الزراعة في أسيوط

شهد الصعيد المصري خلال الفترة الأخيرة تغيير بالأدوات الخاصة في العمل التنموي وبات هناك سعي من أجل إيجاد أفكار مبتكرة، وهذا ما أكدته المديرة التنفيذية لجمعية سوا أحلى للسكان والتنمية بمركز أبوتيج بأسيوط، ومؤسسة مبادرة "ستة أمان" أسماء أحمد مهران.

وأوضحت أن محافظة أسيوط مشهورة بزراعة الرمان، حيث يوجد فيها أكثر من 12 ألف فدان مخصصة له وفي الأعوام الأخيرة زاد معدل الهدر بدرجة مقلقة حيث وصل لأكثر من 30% من المنتج بفعل التغيرات المناخية.

وأشارت إلى أن الرمان هو مصدر رزق المزارعين وغيرهم في المجتمعات الريفية، وهو الأمر الذي جعل من البحث عن حلول ضرورية للتعامل مع هذا الواقع لأن جانب كبير منه تم إلقائه في الترع والمصارف للتخلص منه وهو ما يهدد البيئة بشكل كبير لذا لجأ البعض لبيعه في الشوادر بثمن بخس لا يحصلون منه على سعر التكلفة، لذلك تأثرت أوضاعهم الاقتصادية والمعيشية.

 

المنتجات البديلة وتمكين النساء

وأضافت أن نسبة الهدر المختلفة وتأثيرها السلبي على المناخ والبيئة الزراعية لديهم جعلتهم يفكرون في حلول مبتكرة للتعامل مع الأمر، موضحةً أنهم بدأوا في العمل على تصنيع "دبس الرمان" وهو منتشر في عدد كبير من الدول ومنها مصر وتم استخدام الجزء الأكبر منه في المطاعم والفنادق.

وأشارت إلى أنهم يصنعون منه أيضاً بعض المنتجات ومن بينها الحناء والكريمات المرطبة، وأيضاً يسعون بالتعاون مع الصيدليات لاستخراج بعض المكونات العلاجية الخاصة بأمراض المعدة منه، وهو الأمر الذي ساعد الكثير من الأسر في الاستفادة من الهدر وخاصة النساء.

 

المشاريع الغير تقليدية تساعد النساء في التمكين الحقيقي

وأكدت أن هناك مشاريع تقليدية في الصعيد كالتريكو، والخياطة، والبقالة، وغيرها وتعد أحد أدوات التمكين الاقتصادي التي تلائم طبيعة النساء بحسب المجتمع، وأيضاً الصورة النمطية المحلية لهن إلا أنها لا تخلق التغيير الحقيقي والمرجو.

وبينت أن الفترة الأخيرة ومع زيادة المشاريع التنموية التي توجهت لصعيد مصر من المؤسسات العالمية الكبرى تم فتح آفاق غير تقليدية لتمكين النساء اقتصادياً، والابتكار، والبحث عن بدائل لمنتجات ارتفعت أثمانها "كالأزولا بديل الأعلاف، والفقاسة التي تمكن من إخراج الكتاكيت وبيعها وتسويقها".

وأوضحت أن التوجه أيضاً للعمل من أجل استخراج المواد المتنوعة من الرمان لكونه الأكثر زراعة في المحافظة ويسمونه الأهالي بـ "الذهب الأحمر" كان له دور كبير في تغيير واقع النساء وتحسين قدرتهن على التأثير وصناعة القرار.

 

التغيير بدايته التمكين

لا تستطيع المرأة التي لا تملك قوت يومها اتخاذ قرار مستقل بشأن أسرتها وهو الأمر الذي اعتبرته أسماء أحمد مهران، ضرورة حتمية لتغيير هذا المشهد والتأثير في واقع النساء.

وأكدت أن الفترة الأخيرة تمت ملاحظة حجم التغيير الذي طرأ على النساء وجرأتهن في المشاركة بمعارض خارج المحافظة بأماكن أخرى كالأقصر، وأسوان، وغيرها لعرض منتجاتهن وتسويقها للحصول على الدخل الملائم لهن.

وأضافت أن عدد ليس بالقليل من النساء أصبحن قادرات على المساعدة في توفير دخل للأسرة وهو الأمر الذي قلل من حجم الضغط الواقع على الأزواج، وحسن من وضع الأسر والحياة المعيشية للأبناء، فبات منطق الشراكة في الإدارة لتلك الأسر مطروح وتغيرت النظرة للمرأة من كونها تابع لشريكة تساعد وتدعم وتنفق أيضاً.

وبينت أن عدد كبير من النساء أصبح لديهن صفحات على وسائل التواصل المختلفة للترويج للمنتجات، مشيرةً إلى أنهن تساعدن النساء في إعداد دراسة الجدوى والتسويق والعمل على تمليكهن الأدوات التي تدعم وجودهن واستمراريتهن مستقبلاً.