نساء مدينة منبج تمتهن صيد الأسماك لإعالة أسرهن

أكدت نساء مدينة منبج أن صيد السمك يعتبر مصدر دخل للكثير من العائلات القاطنة على ضفاف نهر الفرات بعد الزراعة.

سيلفا الإبراهيم

منبج ـ لا تزال حضارة ما بين النهرين التي بدأت فيها ثورة الزراعة والصيد المتجذرة في عمق تاريخ ممتدة حتى يومنا الراهن، فنساء ريف منبج لا تزلن تعتمدن على الزراعة والصيد من أجل تأمين قوت يومهن وإعالة أسرهن.

تقطن عائشة اليوسف (40 عاماً) وهي أم لابنان وابنتان، في قرية الشجرة جنوب شرق مدينة منبج في شمال وشرق سوريا المطلة على ضفاف نهر الفرات، وتنحدر أصولها من قرية حج صلال.

وتعمل في مهنة الصيد ونسج الشباك منذ ما يقارب 29 عاماً أي عندما كانت تبلغ الحادية عشر من عمرها، وكانت أول فتاة تمتهن الصيد في قريتها، وعن ممارستها لتلك المهنة تقول "لم أتعرض لأي شكل من أشكال التنمر أو الذم من المجتمع، بل كانوا يصفوني بالشجاعة لأن الإبحار في النهر يتطلب قلب شجاع، وكنت من أولى فتيات القرية اللواتي تمتهن صيد الأسماك، وإلى جانب ذلك كنت أنسج الشباك أيضاً وأبيعها".

وبعد أن تزوجت وهي في الخامس والعشرين من عمرها، لم تتخلى عن مهنة الصيد فبعد أقل من عشرة أيام من زواجها باشرت بالصيد "عدا أن الصيد مصدر رزق لي اعتبر الصيد موهبة ومهارة، فبعد زواجي مباشرة بدأت بالصيد كما أن زوجي كان صياد مسبقاً وبتنا نصيد السمك معاً، والآن بعد أن كبروا أبنائي أصبحت أصيد السمك مع ابني الصغير كون زوجي بات منشغلاً بالزراعة وحراثة الأرض"، بحسب ما قالته عائشة اليوسف.

وعن آلية صيد السمك، توضح أنه "في ساعات العصر نمد الشبكة، ومن ثم نسحبه في الفجر، لكي نستفاد من الوقت من أجل بيعه للتجار في الصباح التالي، والحفاظ عليه لأن التأخر في بيعه يفسد لحم السمك".

وهي ليست الوحيدة التي تصيد السمك، بحسب ما أشارت إليه بل هناك الكثير من قريناتها تعتمدن في دخلهن على صيد السمك "ما يقارب 4 ـ 5 نساء تصدن السمك في القرية".

وبسبب الصيد المتواصل دون أن تتوانى يوماً عنه، باتت المشقة منقوشة على يديها إذ تعاني من مرض الأكزيما، وبالرغم من أن الطبيب حذرها بأن تتوقف عن صيد السمك لفترة، إلا أنها لا تهمها مشقة العمل بقدر إصرارها على إعالة أسرتها، بحسب ما أوضحته عائشة اليوسف.

 

 

كما تعتمد زريفة الجاسم البالغة من العمر (45 عاماً) وهي من قرية الحالول جنوب شرق منبج، في دخلها على صيد السمك حالها كحال غالبية الأهالي القاطنين على ضفاف نهر الفرات.

وتتجه زريفة الجاسم مع زوجها عصراً إلى شط النهر بعد أن تقطع مسافة 500 متر بين التلال والطرق الوعرة من أجل صيد الأسماك، وتركب زورقها المركون على الشط لتبدأ رحلة الصيد التي تستمر ثلاثة ساعات على الأقل عبر رمي الشباك في النهر، لتعود صباح اليوم الثاني وتجمع شباكها وما صادته من سمك.

وأشارت إلى أنها امتهنت صيد الأسماك منذ 15 عاماً من أجل سد احتياجاتها الأساسية، وعن بداية عملها في الصيد تقول "في أولى الأسابيع التي بدأت بها بالصيد انتابني الخوف من ركوب الزورق وسط النهر، ولكن بعد أن تعلمت التجديف بشكل جيد، بت أقطع النهر لأصل إلى الطرف الآخر دون خوف، ومنذ ذلك الوقت نعتمد على دخلنا من صيد السمك".

وعن نسبة عمل النساء في صيد السمك، بينت أنه هي الوحيدة التي تعمل في صيد السمك في قرية الحالول، مضيفةً "مهنة الصيد تحتاج لشخصان للقيام بها أحدهما يجدف والآخر يرمي الشباك في النهر، فالبعض يخرج مع شقيقه والبعض مع والده، ولأن ليس لدي أطفال اصطاد السمك مع زوجي".

وعن الأوقات التي لا يخرجون فيها للصيد، تقول "نقرر الخروج إلى الصيد حسب أحوال الطقس والرياح وارتفاع الأمواج، فعندما يكون الطقس ماطراً أو الرياح قوية والتي تتسبب بارتفاع الموج نتمنع عن الخروج إلى الصيد حفاظاً على حياتنا لأن في مثل هذه الحالات يسبب ارتفاع الموج في انقلاب الزورق".

وأضافت "لا أجيد السباحة ولكن حتى السباحة بهذه الأجواء غيرة ممكنة"، لافتةً إلى أن "صيد السمك يعتبر مخاطرة بالحياة، لكننا لا نملك مصدر دخل آخر للاعتماد عليه، فضلاً عن أن هذه المهنة أصبحت جزء من حياتنا".

وعن كمية الأسماك التي يصطادونها بشكل يومي، بينت زريفة الجاسم أنه "في بعض الأحيان نصطاد ما يقارب الخمس سمكات، وبعض الأحيان لا نصطاد أي واحدة"، مشيرةً إلى أن هناك مواسم لصيد الأسماك فأكثر الفصول مناسباً للصيد هو فصل الشتاء، ولكن في فصل الربيع يُمنع صيد السمك.

وخلال فصل الربيع يُمنع الصيد لأنه يكون وقت تكاثر الأسماك، وفي منتصف حزيران/يونيو يرفع حظر صيد الأسماك.