موسم الزيتون في يفتح جروح المهجرات

على مدى سنوات قدمت نساء عفرين الكثير من الوقت والتعب من أجل الحصول على موسم زيتون عالي الجودة وزيت الزيتون الصافي، إلا أن الاحتلال التركي ومرتزقته تسبب في قطع أشجارها المعمرة وبيعها كحطب وحرقه

روبارين بكر
الشهباء ـ .
تتمتع مقاطعة عفرين بمناخها المعتدل كونها منطقة جبلية وتشتهر بزراعة أشجار الزيتون المثمرة والمعمرة التي تعود إلى مئات السنين، ويتواجد في المدينة حوالي 18 مليون شجرة و285 معصرة زيتون لاستخراج الزيت الحلو منه. 
يبدأ موسم جني الزيتون في عفرين من منتصف تشرين الأول/أكتوبر حتى نهاية العام، وبالتزامن مع اقتراب هذا الموعد الذي كان ينتظره الأهالي على أحر من الجمر، وهم يتمتعون بالنشاط والقوة كباراً وصغاراً، وسط أجواء عائلية مفعمة بروحٍ جماعية، التقينا مع المهجرات اللواتي يعملن في جني موسم الزيتون بمقاطعة الشهباء في وقتٍ يُنهب موسم الزيتون على يد الاحتلال التركي في عفرين.
 
 
تقول نعيمة رشيد (62) عاماً من أهالي قرية قلقيونو التابعة لناحية شيه في عفرين "كانت أجواء جني الزيتون مميزة وممتعة رغم التعب والجهد الذي يتطلبه العمل، كنا نملك المئات من أشجار الزيتون وفي كل موسم نجني ما يقارب 100 كيس زيتون".  
وتضيف "هُجرنا قسراً من أرضنا إثر اعتداءات وهجمات الاحتلال التركي، ونعمل في جني الزيتون بمبالغ قليلة جداً، وسط هذا الغلاء المنتشر في المدينة". 
وعن الخيرات والحياة المستقرة التي كانت قبل الاحتلال التركي تقول "على أرضنا عفرين لم نكن نحتاج أي شيء. كنا منعمين بخيراتها الطبيعية من الزيت الصافي والزيتون عالي الجودة وغيرها من المحاصيل الموسمية، إلى جانب المال والماشية". 
وأكدت أنهم ورغم ما يعانونه في الشهباء يرفضون العودة إلى عفرين قبل أن تُحرر، لكنهم اختاروا الشهباء لقربها من مدينتهم "لم نفقد الأمل بالعودة إلى عفرين محررة والعيش فيها بكرامة لذلك اخترنا طريق المقاومة والصمود في الشهباء".
"نطالب بخروج تركيا من المدينة وإعادة سكانها الأصليين إليها. قدمنا الكثير من الوقت والتعب حتى استطعنا الوصول إلى هذا الموسم وهو كد أجدادنا لسنوات، ولا نرضى أن ينهبه الاحتلال التركي وأن يرتكب الجرائم في عفرين من قطع الأشجار المعمرة وتدمير الطبيعية".
وبعد احتلال تركيا لعفرين في 18 آذار/مارس 2018 تشهد المدينة انعدام الأمـن والأمان وتفرض المجموعات المرتزقة الإتاوات، والضرائب على إنتاج الزيتون وزيته، وقطع أشجارها المعمرة وبيعها كحطب وحرقها إلى جانب نهب مواسم الأهالي المهجرين في الشهباء. 
 
 
أما رحمة محمد (54) عاماً من قرية فريرة في ناحية جندريسه قالت "بقدوم موسم الزيتون في الشهباء نعمل بين الأراضي وجني الزيتون بشكلٍ جماعي مع باقي مهجري عفرين وأهالي الشهباء، فنبدأ العمل من الساعة الخامسة فجراً حتى الثانية عشر ظهراً".
وعن ارتباط أهالي عفرين بموسم الزيتون واختلافه عليهم بعد ما يقارب 4 سنوات من التهجير القسري تضيف "موسم الزيتون وأجواءه في عفرين شيء مميز ومختلف عن كل مكان، فالأرض لنا والموسم أيضاً، نقطفه بشكلٍ جماعي مع أقربائنا إلا أن الهجرة شردتنا".
وطالبت رحمة محمد المجتمع الدولي بوضع حد لانتهاكات تركيا ومرتزقتها في عفرين المحتلة "كنا نعمل بين الأراضي بأنفسنا ليس من أجل المال إنما نحرص على العمل بمجهودنا الذاتي لشدة ارتباطنا وحبنا لهذا الموسم وأجواءه الجماعية بالإضافة لأخذ حصتنا من الزيتون بأنواعه المتعددة، إلا أنه ومع الأسف بعد التهجير القسري في الشهباء نضطر للعمل للحصول على مردود قليل ونحن نستذكر أجواء عفرين، إننا نطالب المجتمع الدولي والجهات المعنية بإخراج تركيا من عفرين لنعود بأمان".
 
 
فيما قالت خديجة بكر (70) عاماً من ناحية راجو "ورثنا أشجار الزيتون، وكنا نملك 200 شجرة زيتون في قريتنا، إلا أن الاحتلال التركي تسبب بتهجيرنا قسراً وحرمنا من الموسم وخيراته، وشرد جميع أولادي وأقربائي وتسبب ببقائي مع زوجي لوحدنا في المهجر".
وتعتبر عفرين إحدى المدن التي تنتج أفضل أنواع زيت الزيتون في سوريا، وكانت تنتج ثلث إنتاج سوريا من الزيت، وفي العام الأول من الاحتلال اعترف وزير الزراعة التركي باستيلاء بلاده على محصول الزيتون في عفرين وبيعه، وعمل المرتزقة على تهريب 50 ألف طن من زيت الزيتون من عفرين إلى تركيا، ودمروا حقولاً من الزيتون أيضاً.