موسم الحصاد... فرصة لنازحات الشمال السوري لتأمين قوت يومهن
تلجأ نساء كثيرات في الشمال السوري ممن لا يملكن أي مؤهلات علميّة أو رأس مال يساعدهنّ في بناء مشاريعهنّ الخاصّة للعمل في الحصاد في ظل صعوبات ومخاطر يتعرضنّ لها في العمل كضربات الشمس، والإرهاق والحوادث المرورية كونهنّ يعملن بأراضي تبعد عن مكان إقامتهن
سهير الإدلبي
إدلب ـ ، ما يحتم عليهن السفر وسط ازدحام مروري شديد وطرقات ضيقة ووعرة.
مع بداية موسم الحصاد هذا العام تتجه نازحات سوريات للعمل في حصاد مختلف أنواع الحبوب في الشمال السوري، ما يساعدهن على تأمين بعض احتياجاتهن ومتطلبات أطفالهن وعوائلهن.
في ساعات الصباح الأولى تنطلق هيام الصبور(٣٠) عاماً، برفقة عشر نساء أخريات باتجاه الأراضي الزراعية للعمل في الحصاد طيلة اليوم، تمتلك هيام خبرة مسبقة بأعمال الأراضي الزراعية وجني المواسم والحصاد بحكم أنّها امرأة ريفية كانت تملك الكثير من الأراضي التي سبق وعملت بها قبل نزوحها الأخير مع عائلتها من ريف إدلب الجنوبي باتجاه المخيمات الشمالية.
تقول هيام أنها لم تتردد بالمشاركة في أعمال الحصاد فور عرض العمل عليها، كونها بحاجة ماسّة للعمل الذي يعود عليها ببعض المال الضروري لشراء بعض الاحتياجات الأساسية لأبنائها الأربعة.
وبعد جولة حصاد مرهقة تحت أشعة الشمس الحارقة تقول هيام الصبور "العمل شاق وساعاته طويلة، والأجور قليلة، ومع ذلك لا أنوي التوقّف إذ لا سبيل آخر لدي" وتضيف أنّ موسم الحصاد السنوي يستغرق شهراً أو شهرين على أكثر تقدير كل عام، وستعمل جاهدة على استغلال هذا الموسم بغية شراء بعض الأشياء الضرورية لعائلتها المنسية في مخيمات النزوح النائية.
تعرّضت خديجة الشامي (٤٥) عاماً وهي من بلدة البارة الواقعة في جبل الزاوية ومقيمة بمدينة الدانا في الشمال السوري لحادث سير مع أخريات، أثناء توجههن للعمل في الحصاد يوم الثلاثاء ١٥حزيران/يونيو٢٠٢١، وهو ما تسبب لها بكسر في ساقها ورضوض متعددة في جسمها، تقول "لقمة مغمّسة بالدم وإن لم نعمل لن نأكل ولن نجد من ينظر لحالنا التعيس"، وعن الحادث المؤلم الذي تعرّضت له تقول "إنّ الازدحام كان شديداً والسيارة التي كانت تقلهم صغيرة وغير متوازنة كونها تحمل على متنها عدد من العاملات تفوق قدرتها على التحمل وهو ما أدى لانقلابها عند أول منعطف واجههم".
وتشير إلى أنّ صاحب العمل لم يعوّضها بأي شيء ولا حتى بتسديد أجور معاينة الطبيب، والأدوية التي تكبدت تغطيتها بنفسها رغم فقرها الشديد.
من جهتها قالت سمية العلوان (٣٥) عاماً، وهي من مدينة سراقب ونازحة في مدينة سرمدا الحدودية أنّ ندرة فرص العمل أجبرتها على انتظار موسم الحصاد هذا العام للعمل به وجني أنواع البقوليات "الكمون واليانسون والثوم، البصل والقمح، الشعير، البرسيم" وغيره من أنواع الخضار والحبوب والتوابل، ورغم أن أُجرتها اليومية لأكثر من ثمانية ساعات عمل في الحصاد لا تتجاوز العشرون ليرة تركية، إلا أنّها تجدها أفضل من لا شيء وهي عازمة على تجميع أجرتها بغية شراء ألواح طاقة شمسية لعائلتها تساعدهم على تأمين الكهرباء لتشغيل مروحة صغيرة في هذا الجو الحار.
من جانبها تنتقد المهندسة الزراعية رجاء الصوراني (٤١) عاماً، استغلال حاجة العاملات من النساء وغبن أجورهن قياساً بالأسعار المرتفعة ومشقّة عملهنّ قائلةً "أنّه على المعنيين في الحكومات أن تكف عن إرهاق مواطنيها وزيادة الأعباء الملقاة على كواهلهم بزيادة الضرائب تارة والتضييق عليهم وزيادة الأسعار تارة أخرى، والعمل بدل من ذلك على النظر في شؤون العمال وزيادة أجور العاملات بشكل عام بما يتناسب طرداً مع جهدهم وساعات عملهم".
وتقترح رجاء الصوراني تحديد أجرة العاملة حسب عدد الساعات على ألا تقل أجرة الساعة الواحدة من ٨ ليرات تركية كحد أدنى، وتنهي حديثها قائلةً أن "النساء يشكّلن قوى عاملة لا يمكن الاستهانة بها، ولا شك أن العمل في ظروف صعبة وأجرة قليلة يجعل العاملات عرضة لضغوط مالية ونفسية وجسدية، وتقضي على أحلامهن في تحسين أوضاعهن في العيش الكريم".