موائد بلا أطعمة... نساء تشكين ارتفاع أسعار المواد الغذائية

تعد الزيادة غير المنضبطة في السلع الاستهلاكية هذه الأيام مشكلة كبيرة شملت أجزاء مختلفة من إيران، وقد تسببت الزيادة في الأسعار في تخلي الأسر عن العديد من المواد الأساسية.

سارة محمدي

جوانرود ـ وصل سعر المواد الغذائية في إيران إلى أعلى مستوياته في تاريخ البلاد، ووفقاً للإحصاءات السنوية، فإن هذا القدر من الانخفاض في القوى الشرائية للأسر لم يسبق له مثيل حتى الآن.

تشهد الأسواق الإيرانية موجة غلاء خفضت القدرة الشرائية للمواطنين، لاسيما أصحاب الدخل المحدود والفقراء، في ظل تراجع العملة الإيرانية أمام العملات الأجنبية، وهو ما أدى إلى ارتفاع معدلات التضخم والتي بلغت وفقاً لمعطيات مركز الإحصاء 47.7% خلال شباط/فبراير الماضي.

وأدى ارتفاع أسعار المواد الغذائية إلى تعريض الأمن الغذائي للخطر، وأجبرت العديد من الأسر على التخلي عن بعض المواد الغذائية الأساسية، وقد استطلعت وكالتنا آراء بعض النساء حول تأثير الأزمة الاقتصادية وارتفاع الأسعار على حياتهن.

 

"لم أتمكن من شراء اللحوم الحمراء منذ أربعة أشهر"

فاطمة زاده في العقد السادس من عمرها، تنظر إلى السلة التي تحتوي على البطاطا والبصل والطماطم والفواكه التالفة، وتسأل البائع عن المبلغ الذي يريد أن يتقاضاه عن تلك الخضروات، وأخرجت كيساً من جيبها لتضع فيها الخضروات التي اشترتها.

تقول فاطمة زاده وهي أم لـ 4 أولاد وفتاتين "إننا نعيش وضع اقتصادي صعب، ابني الأكبر بالكاد يستطيع تأمين قوت عائلته، لذا قام باستئجار انتقل إلى إحدى قرى جوانرود المجاورة لأن إيجار المنازل في المدينة ارتفعت كثيراً، بينما يعمل اثنان من أبنائي في أعمال البناء، أي أنهم يعملون بالمياومة وهو عمل غير كافي بالنسبة لهم، فمنذ أن أصبحت مواد بناء المنازل باهظة الثمن لم يعد هناك طلب على البناء".

وأوضحت أنها في ظل ارتفاع الأسعار تخلت عن العديد من المواد الغذائية الأساسية "لم أتمكن من شراء اللحوم الحمراء منذ أربعة أشهر لارتفاع أسعارها، لذا اشتري بعض الأحيان لحم الدجاج، لقد أصبحت المواد الغذائية باهظة الثمن، لذلك لا يمكنني شراء الكثير، واضطر لشراء بعض الأطعمة والخضروات والفواكه التالفة أو التي مضى عليها بعض الوقت وأصبحت قديمة لأنها تباع بثمن بخس".

 

"زوجي موظف لكن راتبه لا يزيد بقدر التضخم وزيادة الأسعار"

تقول "عائشة. م" البالغة من العمر 43 عاماً، أنها غالباً من تشتري الخضروات والفواكه من الباعة المتجولين لأن معظمهم من ذوي الدخل المنخفض، كما أنهم يبيعون الخضروات بسعر أقل من المتاجر.

وأوضحت أن الأجور لا تزيد بقدر التضخم "زوجي موظف لكن راتبه لا يزيد بقدر التضخم. نظراً لأن المواد الغذائية أصبحت باهظة الثمن، فقدرتنا الشرائية للمواد الأساسية للمنزل والأطفال قد انخفضت، ولم يعد بإمكاني شراء الأشياء التي يحبها أطفالي، حتى أنني لم أعد آخذ أطفالي معي إلى السوق. اعتدت على شراء الفستق الحلبي والفواكه المجففة مثل اللوز لأولادي مرة واحدة على الأقل كل شهرين إلى ثلاثة أشهر، لكنني الآن لم أشتريها لأكثر من 5 أشهر. لقد اضطررنا إلى تقليل حصص اللحوم حتى نتمكن من شراء كل الضروريات للمنزل".

وأضافت "عندما أذهب للتسوق أشتري نصف المواد الغذائية الضرورية، على سبيل المثال، كنت أشتري الفول والبقوليات الأخرى بالكيلو، لكن الآن يجب أن أشتري نصف كيلو وأقلل من استخدامها في الوجبات"، وعن إيجار المنزل تقول "سنضطر دفع أكثر من ثلث راتب زوجي لصاحب المنزل".

وعن آثار ارتفاع الأسعار وارتفاع التضخم تقول جلباغ مرادي البالغة من العمر 48 عاماً وهي أم لأربع أبناء "إن ارتفاع الأسعار جعل الحياة صعبة، فالرجال والنساء يواجهون مشاكل مع بعضهم البعض أكثر مما كان عليه في الماضي، وهناك المزيد من المشاكل العائلية".

وأوضحت "ابنتي الكبرى متزوجة ومؤخراً أنجبت طفلاً، لكن وفقاً للعادات لم أستطع شراء هدية مناسبة لحفيدي. زوجي يشتري السيارات المستعملة ويفككها ويبيع قطعها، دخلنا جيد لكن بالرغم من ذلك لا أستطيع تأمين جميع احتياجات أطفالي كما في السابق".

وأضافت "هذا العام لم أشتري الثياب لأطفالي من أجل العيد كما في السنوات السابقة، اشتريت الملابس لابنتي الصغيرة فقط".

 

"ارتفاع الأسعار صعب الحياة علينا"

ولا يختلف حال "يسرا. أ" البالغة من العمر 34 عاماً وهي أم لطفل حديث الولادة وطفلة في الصف الرابع الابتدائي، عن غيرها من النساء في إيران "زوجي يجمع الخردة ويبيعها، وأنا كنت أخبز الخبز الكردي وأبيعه قبل ولادتي لطفلي، إن ارتفاع أسعار المواد الأساسية مثل اللحوم وغيرها من المواد الغذائية جعل الحياة صعبة علينا، ولم يعد بإمكاننا شراء جميع العناصر الأساسية للمنزل كما في الماضي".

وأضافت "لم نشتري اللحوم الحمراء منذ أكثر من أربعة أشهر، لقد قللت حتى من استهلاك الأرز فقد كنت أشتري الأرز الباكستاني لكن علينا الآن شراء الأرز الهندي، لا أعرف ما إذا كان صحيحاً أم لا".

 

"لم أستطع شراء كل ما تحتاجه ابنتاي"

وقالت توبا محمدي التي جاءت إلى السوق مع ابنتيها "أحضرت بناتي إلى السوق لأشتري لهم بعض الاحتياجات، لكن لم أتمكن من شراء سوى قطعة أو قطعتين من الملابس لكل منهما، وابنتي الكبيرة عابسة لأنني لم أشتري لها الحذاء، فإذا اشتريته فلن يبقى معي نقود لشراء أي شيء آخر".

وأضافت "إن المسؤولين لا يهتمون بالفقراء إطلاقاً، ماذا سيفعل الناس الآن مع هذا الوضع وغلاء المأكل والمسكن. يمتلك زوجي سوبر ماركت صغير. اليوم إذا اشترى سلعة من أجل المتجر، فعليه غداً شراء نفس السلعة بسعر أعلى. وليس من الواضح على الإطلاق ما الذي يحدث في هذا البلد".

وقالت "زينة. م" البالغة من العمر 54 عاماً، التي حولت إحدى الغرف في منزلها إلى سوبر ماركت صغير "كان زوجي عاطلاً عن العمل، وكان لدينا سيارة من طراز قديم يعمل عليها ولكن ما كان يكسبه ينفق عليها مرة أخرى، فحولت إحدى الغرف إلى متجر وبعنا السيارة لشراء البضاعة".

وعن ارتفاع أسعار المواد الغذائية تقول "ارتفع سعر المواد الغذائية 3 إلى 4 أضعاف عن العام الماضي "بعض العائلات التي تأتي لشراء الأرز تشتري نصف كيلو أو كيلو من الأرز وتقول إنها لا تستطيع شراء كيس كامل. لم يتم بيع بعض المواد في المتجر على الإطلاق منذ زيادة التضخم فقد أصبحت أغلى ثمناً، يقوم الناس بالتخلي عن بعض المواد لتوفير بعض المال لشراء الاحتياجات الأساسية".

وأضافت "بعض النساء اللواتي تأتين إلى المتجر للشراء تخبرنني أنهن تعانين من آلام في القلب، جميعهن قلن  أن استهلاكهن من اللحوم الحمراء والأسماك قد انخفض تماماً أو لم يعد بإمكانهن شرائه نهائياً، وقالت إحداهن أنها لا تصطحب أطفالها إلى السوق حتى لا يشموا رائحة شواء اللحم".