من الفرن المنزلي نحو مشروع شامل

إيمان سليمان التي أُجبرت على النزوح من ريف دير الزور بسبب الحرب بين نظام السوري ومرتزقة داعش عام 2017 وجدت تل تمر ملجأ وملاذاً آمناً لها. واستطاعت بمساعدة اقتصاد المرأة إطلاق مشروعها ابتداءً من الفرن المنزلي

سوركل شيخو 
الحسكةـ ، وتستمر الآن في مشروع شامل تستفيد منه النساء النازحات بشكل خاص.
أينما كن وتحت أي ظرف تقوم النساء ببناء العديد من الأدوات التي تستفيد منها وتفيد المجتمع أيضاً. قتُل آلاف النساء والأطفال في الحرب الدائرة في سوريا منذ تسع سنوات ونزوح البعض منهم، كما قتل عدد كبير جداً على حدود الدول الأخرى. بالطبع، أخذت مناطق شمال وشرق سوريا نصيبها من هذه الحرب، لكن الشيء الوحيد الذي سمح للشعب بالانتصار في ثورة روج آفا ـ شمال شرق سوريا كان الإرادة وحماية الأرض. فقد نزح العديد من المدنيين من مناطق النظام السوري  بسبب النزاع المسلح والأزمة الاقتصادية، ووجدوا مناطق شمال وشرق سوريا ملاذاً لهم. كما اضطرت إيمان سليمان وهي أم لأربعة أطفال إلى الفرار عام 2017 بسبب القتال في منطقة دير الزور. ووجدت منطقة تل تمر بمقاطعة الحسكة في شمال وشرق سوريا ملجأ تعيش فيه. وبعد أن استقرت إيمان في تل تمر، افتتحت مشروعاً بمساعدة اقتصاد المرأة. ولمعرفة المزيد عن تجربة إيمان سليمان ومشروع خبز تل تمر، قمنا بزيارة فرنها الخاص وأجرينا معها لقاءاً.
 
 
رحلة النزوح من دير الزور إلى تل تمر
وقالت إيمان سليمان عن قصة نزوحها  "لا أحد يريد الهجرة، لكننا أجبرنا على الفرار والنزوح بسبب الحرب بين النظام السوري ومرتزقة داعش. كانت الحسكة مكاناً جيداً بالنسبة لي، ولكن كي لا يُحرم أولادي من التعليم أتينا إلى تل تمر. والتي كانت مكاناً جيداً لأولادي من حيث التعليم والأمن، لكن عانينا فيها أزمة اقتصادية، فأطفالي لا يستطيعون العمل وزوجي أيضاً لا يعمل. كانت ابنتي البالغة من العمر ستة أعوام تحتاج لإجراء عملية جراحيه لأن جسدها كان قد احترق قبل عامين. في دير الزور كان يوجد تنور في كل منزل، وعندما ينفذ الحطب يخبزون في الأفران الكهربائية. عندما ذهبت إلى جيراني واشتريت خبز التنور، فكرت وتساءلت لماذا لا أعمل أيضاً؟".
 
 
"بدأت بصنع عشرة أرغفة من خبز التنور"
أوضحت إيمان سليمان أنها بدأت بصنع 10 أرغفة من خبز التنور "بعد أن قررت العمل وإعالة أسرتي، اشتريت كيس من الطحين وبدأت في صنع 10 أرغفة من الخبز. أصبح جيراني يشترون الخبز مني يوماً بعد يوم وقدموا لي الدعم دائماً، عملت في المنزل لمدة عام، وعلى الرغم من أنني كنت أعمل في المنزل إلا أنني تعرضت للشتائم والكلام السيء وبشكل خاص من قبل الأشخاص الذين يعيشون بذهنية ذكورية وأبوية. لكنني حولت كلامهم السيء إلى قوة أثبت بها نفسي. ومن خلال بيع الخبز، عالجت ابنتي المريضة".
 
 
"دعم اقتصاد المرأة مشروعي وساهموا في توسيعه"
قالت إيمان سليمان إن اقتصاد المرأة دعم مشروعها "لم أرغب أن أعمل بمفردي، بل أردت بشدة أن أفيد النساء من حولي أيضاً. لذلك قمت بزيارة لجنة اقتصاد المرأة في مؤتمر ستار وعرضت عليهم مشروعي وتمت الموافقة عليه.  تم قبول هذا المشروع حسب احتياجات سكان الحي، ولكن اللجنة أرادت أن يكون المشروع خارج منزلي حتى يتمكن المجتمع بالكامل من الاستفادة منه، بعدها قمنا بصنع تنورين أحدهما من الحجر والآخر برميل، كما جلبنا صاجين من أجل صنع خبز الصاج. فرننا المصنوع من البرميل يشبه البرميل من الخارج ولكنه ملفوف بصفيحة من الحديد من الداخل، والموقد في الأسفل. طريقة صنع هذا الفرن لا تسمح للحرارة بالتأثير على الجسم أو حرق الملابس. هناك طلب كبير على خبز الصاج، الصاج كان أحد منتجاتي ولكن البرميل كان من منتجات أخي في دير الزور".
 
 
"يتوسع المشروع يوماً بعد يوم"
تحدثت إيمان سليمان عن كيفية توسيع مشروعها "حالياً تعمل ثلاث نساء في المشروع. وأحضرنا بدل الصاج صاجين لتلبية حاجة السكان. كما اشترينا من مردود بيع الخبز آلة لعجن العجين (العجانة) ولم نعد نعجن بأيدينا. هذا العام قمنا بتوسيع مشروعنا وصنعنا فرناً لصنع المعجنات والكعك (الكليجة) والبسكويت. وبحسب مخططاتنا كان يجب علينا أن نبدأ قبل حلول شهر رمضان، ولكننا توقفنا بسبب انتشار فيروس كورونا. الاختلاف والفرق في هذا التنور هو أنه يصنع الكعك من الداخل وخبز الصاج من الخارج".
 
 
اختلاف الفرن
أضافت "ما يميزنا عن باقي الأفران ويمنحنا طابعنا الخاص هو أن الخبز يصنع بجهد ومحبة النساء وهو ذو جودة عالية ورخيص أيضاً. وفي نفس الوقت النساء محترفات في عملهن. نحن هنا ثلاثة عضوات ونساعد بعضنا البعض، كل واحدة منا تساعد الأخرى عندما تتعب وتحل محلها. نحن نتعب ولكن عندما نرى المجتمع راضٍ عنا، ننسى تعبنا ونسعى إلى صنع أشياء جديدة. والمثير للاهتمام هو أن كل النساء الموجودات الآن في المشروع هن نازحات. من خلال العمل الجاد والتفاني نريد أن نأكل خبزاً لذيذاً ونمنحه لعائلاتنا".
 
 
"فرص العمل متوفرة للنساء"  
ختمت إيمان سليمان حديثها قائلةً "العمل ليس عيباً ولا يقتصر على الرجال فقط، بل يمكن للمرأة أيضاً أن تعمل وتؤمن احتياجات الحياة في جميع الظروف. وأفضل ما في الأمر هو أنه على الرغم من حالة الحرب هذه إلا أن فرص العمل التي يستطيع المرء من خلالها إفادة مجتمعه وإعالة أسرته متوفرة. أنا أتطلع إلى توسيع المشاريع الاقتصادية للمرأة وتعزيز دورها بشكل أكبر في تطوير اقتصاد مكتفي ذاتياً. أشعر بسعادة كبيرة عندما أرى مشروعاً محلياً أنطلق من فرن منزلي واستفادت منه العديد من النساء. في المستقبل سنصنع فطائر اللحم أيضاً".