مبادرة "رائدات" لتمكين النساء اقتصاديا في تونس

تهدف مبادرة "رائدات" إلى تمكين النساء اقتصادياً وإبراز مساهمتهن الفعالة، وتسليط الضوء على أعمالهن المتنوعة والإيمان بتعزيز دورهن القيادي في المجتمع.

زهور المشرقي

تونس- تعدّ النساء في تونس أوّل ضحايا الفقر والاستغلال الاقتصادي، لاسيما بعد سيطرة القوى الرجعية منذ عام 2011، وسطوها على المكتسبات التي تحقّقت بفضل نضالات النساء منذ عقود، وقد أطلقت العديد من المبادرات الخاصة والعامة لمحاربة ما خلّفته تلك القوى، ومن بينها مبادرة "رائدات".

أطلقت وزارة الأسرة والمرأة وكبار السن التونسية منذ قرابة عامين البرنامج الوطني لريادة الأعمال النسائية والاستثمار "رائدات" الذي يراعي النوع الاجتماعي، وتسعى الوزارة من خلاله إلى دعم المبادرات النسائية الخاصة ولا سيّما النساء والفتيات المبتكرات في القطاعات الواعدة في جميع المحافظات وفي المناطق ذات الأولوية وخاصة الأحياء الشعبية ذات الكثافة السكانية المرتفعة، فضلاً عن دعم مشاريع ذات خصوصية تستهدف فئات محددة من النساء ذات الوضعيات الهشّة.

وبحسب وزارة الأسرة والمرأة وكبار السن يهدف تنفيذ هذا البرنامج الخماسي "رائدات" الذي يمتدّ إلى عام 2025 إلى إحداث 3000 مشروع نسائي بمعدل 600 مشروع كل عام.

وقالت رئيسة جمعية "هنّ" النسوية، إيمان الشريف، لوكالتنا، إنّ جمعيتها شريكة وداعمة لهذا البرنامج الوطني الذي يسعى إلى تمكين النساء اقتصادياً ومساعدتهن في خلق أعمال حرّة ومشاريع فردية بدعم من البنك التونسي للتضامن والبنك الوطني الفلاحي وبنك تمويل المؤسسات الصغرى والمتوسطة وصندوق الودائع والأمانات، وذلك للتنويع في خطوط التمويل الخاصة بالمشاريع.

ولفتت إلى أنّ هذا المشروع من شأنه أن يساهم في تمكين النساء اقتصادياً لفهم دورهن المهم في دوران العجلة الاقتصادية وإبراز مساهمتهن الفعالة في ذلك، فضلاً عن تسليط الضوء على أعمالهن المتنوعة والإيمان بتعزيز دورهن القيادي في المجتمع.

وأشارت إلى أنّ البرنامج يسعى أيضاً إلى توسيع دائرة الخيارات المتاحة للنساء بتعزيز فرصهن الاقتصادية والاجتماعية.

واعتبرت إيمان الشريف أنّ تمكين النساء اقتصادياً من شأنه أن يحقّق المساواة التامة بين الجنسين ويمكّن النساء من اكتساب حقوقهن كاملة، مؤكدةً أن الاستقلالية المادية للمرأة تساعدها في تجاوز العراقيل وإثبات ذاتها في مجتمع لا تزال تكتسيه الصبغة الأبوية والنظرة الدونية للمرأة.

وعبّرت عن أسفها من أن تظل النساء الأقل استفادة من فرص العمل التي توفّرها الدولة سنوياً، حيث إنّ إدراج تمكينهن اقتصادياً ضمن خطط وزارة المرأة خلال السنوات الأخيرة لا يزال دون المنتظر.

وشددت على أنّ تونس نجحت في تحقيق أشواط هامة في مجال حماية حقوق النساء وتكريسها في التشريع والممارسة عبر سن قوانين تقدمية جعلتها نموذجاً يحتذى به، كما أثبتت التونسية قدرتها على كسب الرهانات القائمة ودورها الحيوي في عملية البناء الديمقراطي وتحقيق السلم الاجتماعي والإصلاح الاقتصادي.

وبدورها أفادت إيناس العرفاوي، وهي إحدى المستفيدات من المشروع، أنّها تلقّت دعماً من قبل الوزارة وهي صاحبة مشروع صناعة الحلويات التقليدية، حيث مكنها من حضور معارض لعرض منتوجاتها والتعريف بها للعامة.

وأشارت إلى أن النساء خاصة في المناطق النائية يحتجن إلى إمكانيات صغيرة لخلق مشاريعهن الخاصة والترويج لها، مؤكدة أن الدعم الذي تلقته مكّنها من اقتناء المواد الأولية التي تحتاجها في صناعة منتوجاتها على غرار الأواني الخاصة بعملية العجن والتصفية والتقطير، لا سيما أن حلوياتها تحتوي على مواد طبيعية.

من جانبها تمتّعت لطيفة السعيداني (30 عاماً) من سجنان بمحافظة بنزرت، بدعم وزارة المرأة ضمن مشروع "رائدات" لتطوير حرفتها المتمثلة في صناعة الفخار البلدي ونجحت في استقطاب فتيات تلك المنطقة التي تعيش من هذه الحرفة التقليدية وتوفير مواطن عمل لهن انطلاقاً من بيوتهن والترويج لمنتوجاتهن عبر مواقع التواصل والمعارض الصغيرة التي تنظمها الوزارة بصفة دورية.

وترى أنّ مبادرة "رائدات" التي تهتم بالنساء في مختلف المجالات من شأنها أن تساهم في تنوع المشاريع الصغرى التي ستحدّ من نسب البطالة التي تطال النساء.

وشددت على أن إيمان النساء بأنفسهن هو أول مسار لمحاربة ظاهرة تأنيث الفقر، داعية الفتيات إلى الإقبال على هذا البرنامج الوطني الذي يسعى إلى النهوض بالنساء.

يذكر أن برنامج "رائدات" يستهدف النساء التونسيات بين 18 ـ 59 عاماً، بجميع فئاتهن وبمختلف مستوياتهن التعليميّة، كما يشمل النساء والفتيات في المناطق الريفية والحضرية على حدّ سواء.