لبنان... خبيرة تعمل على إدخال أصناف وأنواع جديدة من الفطر
استطاعت خبيرة الفطر دارين حداد وعبر تجارب وخبرات اكتسبتها خلال أكثر من عقدين من الزمن، أن تنتج الفطر دون الحاجة لاستيراد المواد المطلوبة، وتمكنت خلال فترة قصيرة من توفيره لاستخدام المزارعين والهواة على حد سواء بأسعار ونوعية تضاهي المستورد.
سوزان أبو سعيد
بيروت ـ تمكنت دارين حداد الانتقال من النظرية إلى التطبيق العملي في مجال إنتاج الفطر بصورة تجارية، وبعد سنوات من الأبحاث توصلت إلى أن تنتج الفطر بدءاً من إنتاج البذار وهي عبارة عن خيوط الفطر إلى إنتاج التربة المناسبة لها، وقد حاولت تحسينها بطريقة تمكنها من إنتاج ثمار فطر ذات نوعية ممتازة تضاهي الأجنبي وتفوقه نكهة ومظهراً.
تابعت دارين حداد، دورات تدريبية وورش عمل في الولايات المتحدة الأميركية على موضوع إنتاج البذار وزراعة الفطر، وفي هولندا على موضوع إنتاج الكومبوست لزراعة الفطر الأبيض.
وعن بداية عملها في مجال إنتاج الفطر، قالت الخبيرة في مجال الفطر دارين حداد لوكالتنا "منذ العام 2010، أي بعد تخرجي من الجامعة في اختصاص الكيمياء الحيوية، ثم وظيفتي في مركز البحوث العلمية والزراعية، التقيت أحد الخبراء بالفطر، وتابعت هذا المجال الذي أحببته وخضعت لدورات عدة، ومنها مؤخراً في هولندا، وقد بدأت الفكرة بأنه علينا أن ننتج الفطر في لبنان ومن ضمنها التربة الخاصة به "الكومبوست"، لأن مزارع الفطر الكبيرة في البلاد تستورد خلطاتها من الخارج، وبالفعل بدأنا مشروعنا في كانون الأول/ديسمبر 2022".
وأضافت "ننتج الفطر من بذار الفطر أو خيوط الفطر واسمها مايسيليوم وحتى المنتج النهائي للحصول بعدها على ثمار الفطر، وأهمها إنتاج التربة الخاصة بالفطر في منشأتنا التي تمكنا من إنتاجها بخصائص معينة وبعد تجارب كثيرة لتضاهي المستورد، وبالتالي وفرنا على أنفسنا تكاليف إضافية وساهمنا بمساعدة المجتمع من مواطنين ولاجئين ولا سيما العاملات في تأمين مردود مادي وسط الأزمة، وأثبتنا أن المرأة قادرة على القيام بمجهود كبير في مجال كان حكراً على الرجال".
وأوضحت أن إنتاج الفطر يحتاج إلى وسط مكتمل العناصر من الكومبوست المجهز بدرجة حموضة ومعادن ومواد معينة ليعطي أفضل إنتاج وبجودة منافسة، بالإضافة إلى إبقاء الفطر ضمن غرف مجهزة وممكنة لحمايته من الرطوبة والحرارة، والحفاظ على تعقيم البيئة المحيطة حتى لا يطاوله العفن والملوثات والحشرات.
وعن تحضير الكومبوست، تقول إنه يحتاج لحوالي ثلاثة أسابيع وهو مكون من القش والسماد ومواد معينة، ليتم تخمير الخليط وتعقيمه وبعدها يتم استخدامه، وما يميز هذه الخلطة أنهم يفحصون معايير كل مادة ويعملون حسب النتائج، حيث يتم فحص درجة الحموضة فوراً في المنشأة، وبعدها يتم إرساله للتعقيم على مرحلتين، ومن ثم إرساله إلى مختبر مختص للنتائج المتقدمة، لأن أي مشكلة في الكومبوست قد تؤدي لخسائر باهظة.
وبعد خروج الكومبوست من غرف البسترة لمرة ثانية، يتم زرع بذار الفطر بمحيط معقم تماماً، وحتى العاملين يرتدون ثياباً واقية وكمامات وقفازات، لأن الفطر حساس للغاية، وعند القطاف يجب أن يتم القطف من الجانبين فأي ضغط على الثمرة تترك أثراً قاتماً، يؤدي إلى عدم تقبله من الزبائن، بحسب ما أوضحته دارين حداد.
وأضافت "في المرحلة الأولى هناك مرحلة التحضين أو الحضنة، حيث تبدأ البذار أي خيوط الفطر بالنمو وبالتمدد عبر الكومبوست وهي مرحلة نسميها "التوطن أو إنشاء مستعمرات"، وتأخذ مرحلة التحضين ما بين 10 ـ 15 يوماً، وبعد ذلك ننقله للغرفة الثانية نضع التربة الزراعية لتبدأ عملية الإثمار وإنتاج الفطر، وخلال عملية الإثمار يكون هناك ثمار فطر تسبق أخرى، وقد وجدنا أن الكومبوست الذي ننتجه يضاهي المستورد من ناحية الخصائص المخبرية وجودة وحجم الفطر الناتج، ونستمر بالتجارب لتحسين الإنتاج".
وحول الكمية التي يحصلون عليها من إنتاج الكومبوست، أشارت دارين حداد إلى أن قدرة الإنتاج حالياً لكونهم لا يزالون في بدايات العمل حوالي 4 طن، مضيفةً "نسعى للوصول إلى 20 طناً كل 22 يوماً".
ولفتت إلى أنه "لا يقتصر عملنا على الفطر التجاري، بل لدينا وحدات أو عبوات للهواة أو kits أكثر من ثمانية أنواع منها خمسة من أنواع الفطر أهمها فطر عرف الأسد، الذي له خصائص طبية مفيدة للجسم وخصوصاً الدماغ للوقاية من مرض الزهايمر وحالات التوتر والعصبية والإصابات المختلفة في الجهاز العصبي والسرطان، وكذلك تأثيره على الجهاز الهضمي، فضلاً عن كونه يخفف من أعراض مرض السكري".
وبينت أن هناك أنواع أخرى مطلوبة لخصائصها الغذائية والطبية وعلى سبيل المثال فطر "ذيل الديك الرومي" الذي يقوي مناعة الجسم لعلاج أمراض السرطان المختلفة ولا سيما سرطان الثدي، والبورتوبيلو، وبالمجمل فالفطر يحتوي على نسبة مهمة من البروتين والمعادن والفيتامينات، مضيفةً "لا زلنا لم نكتشف الكثير من أسرار الفطر العديدة، ولكن الأهم هو أن نستهلك الفطر من الأسواق وليس من البرية، بسبب وجود أنواع سامة قد تؤدي إلى التسمم وصولاً إلى الوفاة".
وعن المشاريع الأخرى التي يسعون إلى تنفيذها، تقول دارين حداد "لدينا مشروع للتوعية حول قطاف الفطر في المحميات مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي حيث يعرض استخدام الناس للفطر البري الخطر، وبالفعل فقد حصلت حالة وفاة في نيسان/أبريل من العام الماضي، لذا ندعو الناس للحصول على الفطر من مصادر موثوقة، وهناك مئات آلاف الأنواع من الفطر، وتقوم بمهام مختلفة منها خطر والبعض يمكن أكله وبعضها يشكل آفات على الزراعات المختلفة وغيرها من وظائف الفطر في الطبيعة".
من جانبها قالت فاديا. ن وهي عاملة في المزرعة فضلت عدم الحديث عبر الفيديو أو كشف اسمها الكامل لأسباب شخصية وعائلية "بدأت العمل في المزرعة أول هذا العام، العمل يتطلب الكثير من الدقة والنظافة، ولكنه غير مجهد بالمقارنة بالعمل الزراعي العادي، وقد تمكنت من أن أعتاد عليه".
وعن تأثير هذا العمل على حياتها، تشير إلى أنه "تمكنت من توفير دخل إضافي لأسرتي كنا بحاجة إليه، خصوصاً وسط المتطلبات العديدة التي نحتاجها للمصاريف المختلفة".
بدورها، قالت زينب خير الدين والتي فضلت عدم التصوير بالفيديو "بدأنا بتجهيز مزرعة بمساعدة زوجي مؤخراً في بلدة بعلبك، وهي عبارة عن غرفة بمساحة 40 متراً بتجهيزات تقنية عالية وجميعها ممكنّة"، موضحة أنه "حالياً، زرعنا 18 متراً مربعاً، وهي حوالي 2 طناً من الكومبوست، وقد قطفنا أول قطفة الأسبوع الماضي، وأنتجنا 85 كيلوغراماً، وهي نتيجة مقبولة".
وأشارت إلى أن "زراعة الفطر صعبة مقارنة بالزراعات الثانية، ويحتاج لعناية دقيقة ومن السهل أن يصاب بالعطب، ولذلك يجب أن نعدل في درجة الحرارة والرطوبة، ولا سيما الحرارة التي لا يجب أن تتجاوز 28 درجة، ولكننا بدأنا نعتاد على هذا العمل".