خبيرة اقتصادية: الأزمة الاقتصاد عميقة ولا يمكن تغييرها بين ليلة وضحاها

أكدت الخبيرة الاقتصادية نسرين ناس على أنها تؤمن بأن الحكومة التركية ستتغير مع الانتخابات المقبلة، وأنه لا يمكن تجاوز الأزمة الاقتصادية الحالية بشكل فوري.

سيربيل سافوملو

مركز الأخبار ـ حزب العدالة والتنمية التركي الذي تأسس في الرابع عشر من آب/أغسطس عام 2001، استمر في السلطة منذ الانتخابات العامة التي أجريت في٣ تشرين الثاني/نوفمبر من عام ٢٠٠٢، لقد أصبح حزب العدالة والتنمية معروفاً خلال سنوات حكمه من خلال سياساته الاقتصادية.

بينما ادعت حكومة حزب العدالة والتنمية النمو والازدهار من خلال اصلاحاتها الاقتصادية، إلا أن ما يعانيه الشعب يظهر عكس ذلك تماماً، فمع بدأ ازدياد ديون البلاد، ارتفعت نسبة الفقر، وأدى نظام الحكومة الرئاسية الذي تم إقراره بعد محاولة الانقلاب عام 2019، إلى دخول فترة انهارت فيها المؤسسات المستقلة وفتحت الطريق أمام ازدياد انعدام الأمن وعدم اليقين، وبسبب هذه الأوضاع وانعدام الأمن، انخفضت الليرة التركية مقابل الدولار، وارتفعت نسبة التضخم، وفقاً لبعض البيانات يبلغ الدين الخارجي لتركيا اعتباراً من عام ٢٠٢٢، ٤٤٤.٤ مليار دولار.

إن انعكاس أزمة الاقتصاد والفقر وتزايد عتبة الجوع في الشارع في ظل هذا النظام الاستبدادي القائم، أدى إلى زيادة الطلب على "التغيير" بين الناس، إن أي تغيير محتمل في الإدارة نتيجة الانتخابات سيكون له تأثير إيجابي على الأسواق أيضاً، يؤكد الخبراء إن الأمر لن يكون سهلاً، لأن الأزمة الاقتصاد عميقة ولا يبدو أنه بالإمكان تغييرها بين ليلة وضحاها، وحتى لو حصلت المعارضة على نتائج إيجابية في الانتخابات، هناك مخاوف مختلفة بشأن تمديد عملية التفويض، ولكن بالطبع لا يوجد شيء وليس بالإمكان وضع حل له، ولكن يبدو أنه لن يكون سهلاً إصلاح الأضرار التي حدثت على امتداد 20 عاماً.

 

"يجب إعادة النظر في كل شيء"

في لقاء مع وكالتنا قالت السياسية والخبيرة الاقتصادية نسرين ناس عن العملية الانتخابية، إن حزب العدالة والتنمية تسبب بأضرار جسيمة في كل مجال تقريباً في تركيا "تسبب حزب العدالة والتنمية بدمار هائل في تركيا من الألف إلى الياء، فقبل كل شيء أفسد جميع المؤسسات الموجودة في البلاد، ودمرت قدرتها المؤسسية، وجعلت الوظائف الأساسية في الدولة في حالة معطلة تقريباً، أما في الاقتصاد فقد أوصلت الأزمات لحالة غير قابلة للحل من خلال تأجيلها، ودعمها بتكتيكات مثل إخفاءها أو التستر عليها، والتلاعب بإدراكها وتمييزها، مع الأسف فقد أنشأت تركيا نظاماً من أجل نقل جميع مواردها لشرائح معينة وبيئتها ومقربة منها من خلال نهج إداري غير شفاف وغير خاضع للمساءلة، ومن أجل أن تتمكن من المحافظة على هذا الهيكل قامت بتصعيد سلطته الاستبدادية".

وأوضحت أنه لن يكون بالأمر السهل التغلب على كل هذا الدمار القائم "في الحقيقة سيستغرق الأمر وقتاً طويلاً لتجاوز هذا الأمر، فلنقل إذا تم تغيير الحكومة بعد هذه الانتخابات، وأؤمن بأن الحكومة ستتغير، سيتم إنشاء تركيا جديدة من الصفر، يجب إعادة النظر في كل من هيكل الدولة، ومفهوم الدولة، ومنظورها الاقتصادي، وأولوياتها، والنهج المتبع تجاه الحقوق والحريات الأساسية، القيام بعقد اجتماعي جديد تماماً، لكن هناك شيء آخر إنه أمر سيء للغاية بالنسبة لتركيا، ولا بد لي من التأكيد عليه، أنه وطيلة الـ ٢٠ عاماً من خلال التلاعب الإعلامي والإدراكي، أوصل المجتمع إلى حالة لا يمكن فيها تصور مستقبل المجتمع، وربما يكون هذا من أكثر الأفعال ضرراً قام بها لهذا المجتمع، لا يستطيع الناس تخيل كيف سيكون المستقبل، خاصة الشباب الذين أمضوا حياتهم كلها في ظل حكم حزب العدالة والتنمية، ويمكن أن نرى هذا بوضوح شديد خاصة بعد عام ٢٠٠٠".

وأضافت "هناك انعكاس آخر لهذا هو أنه دمر الإيمان واليقين بأن السلطة يمكن أن تتغير من خلال الانتخابات، أنا غير راضية عن النظام الحالي، أريد أن تتغير هذه الحكومة، لكنها أتبعت منهجاً وكأنها لا تتغير وأنها لا تزول، وهذا هو المجال الذي يجب فيه على المعارضة أن تبذل أقصى جهدها".

وعن حجم المشكلة تقول "إن المشاكل الاقتصادية عميقة بالفعل، هناك تضخم كبير وهي تعتبر المشكلة الأساسية في البلاد، وهو يتزايد تدريجياً وليس هناك أي انخفاض في سرعته، قاموا بوضع الميزانية والخزانة بحيث أنشأوا شكلاً من أشكال الأرباح التي تشير إلى الليرة التركية مقابل الدولار، باستخدام عدد من أدوات المشتقات ووحدة القياس التي نسميها بورصة، والآن هناك مشكلة كبيرة للغاية في الصرف الأجنبي، وقريباً قد نصل لنقطة غير قادرين فيها على إيجاد العملة التي تلبي احتياجاتنا الأساسية والضرورية".

 

"قد تشهد الأسواق اضطرابات خطيرة"

ولفتت نسرين ناس إلى أن الحل الشامل سيمنح الثقة للأسواق أيضاً، وإن ذلك سيوفر الوقت للبلاد "بعد تغيير السلطة مباشرة، عندما نفتح أعيننا في اليوم التالي، ربما سنشعر بالارتياح، عندما يقترب موعد الانتخابات والتركيز على كيفية حل هذه المشاكل، يتعين على المعارضة أن تتوافق على تحديد الأولويات والتسمية، فعلى سبيل المثال من سيكون رئيس البنك المركزي؟ من سيكون مسؤولاً عن الخزينة؟ قد يكون من الأفضل تسمية من سيتم تعيينهم في المهام البيروقراطية الأساسية".

وأشارت إلى أنه "هناك فترة استئناف لهذه الانتخابات، فبعد الانتهاء من كل هذا سيتم اتخاذ الولايات، وإذا اعتبرنا أن الأمر سيستغرق قرابة ٣ أسابيع، فإن الحكومة الحالية ستظل تعمل وفق هذه العملية، وسيبقى الرئيس في منصبه وسيطلقون فجأة العملة التي قاموا بقمعها حتى الآن، وربما بسبب استيائهم من خسارة الانتخابات، من المحتمل أن يقوموا بتزوير بعض الحسابات والكتب والميزانيات العمومية في تلك الأسابيع الـ ٣، وعندما تأخذ كل هذه الأمور في عين الاعتبار، نستنتج بأنه قد تبدأ الأسواق في الاهتزاز بعنف بعد الانتخابات، لذا فأن تلك الفترة الزمنية مهمة للغاية وحاسمة".

 

"القوة العظمى هي المعارضة الناخبة"

وأكدت على أن العملية الانتخابية لن تكون سهلة، مشيرةً إلى أنه "منذ عام 2015 كانت هناك انتخابات غير متكافئة وغير عادلة، وأجريت بضغط وتلاعب من قبل الحكومة، واستخدمت كافة الطرق للقيام بذلك"، لافتةً إلى أنه قد تكون هناك مخالفات فيما يتعلق بالناخبين في منطقة الزلزال، وأنظمة وضوابط لعدم التصويت وخاصة بما يتعلق بشباب/ات الجامعة "المعارضة تتمتع بالقوة، بجانب المعارضة الانتخابية، هناك ناخب عازم للغاية يعلم كيفية التصويت استراتيجياً، ويحمي حقه في التصويت، إن وجود مثل هذه الكتلة الانتخابية هو أكبر قوة للمعارضة".

وحول ما إذا كانت هناك أي تحالفات في تركيا تظهر قوة التغيير، تقول "لقد أعاد الناخبون الحزب الجيد IYI، الذي تمت إزالته رسمياً من طاولة المفاوضات إلى الطاولة ثانيةً، وذكر جميع قادة "الطاولة السداسية" حينها أنهم لا يريدون سياسة عدائية، وأنهم يؤيدون السلام والمصالحة، وأنهم يعتبرونهم أملاً، هذا أمر مهم للغاية فحقيقة أن الناخبين تولوا زمام الأمور وسيطروا على الموقف بينما كانوا لا يزالون في التحالف يمنحني الأمل وهذا ما يجعلني أقول "أنا أثق بالناخبين"، وثانياً عندما تنظر إلى تحالف الجهد والحرية، تجد نفس الأمر هناك أيضاً فتحت ضغط الناخبين يتم التوصل إلى حل وسط لا يخسر فيه أي أحد، إن الناخبون هم فعلاً من يقومون بدفع الأحزاب، ويقولون بهذا إننا متواجدون هنا وأننا الفاعل في هذا الانتخاب".

 

"أوضاع المرأة وخيمة"

وأشارت نسرين ناس إلى أن الانتخابات مهمة جداً بالنسبة للمرأة "لن نختار في هذه الانتخابات من سيديرنا"، مضيفةً "هل بإمكاننا في نفس الوقت أن نبقى جزءاً من العالم المتحضر أيضاً؟ لا يمكننا البقاء هل سنتمكن من العيش بسلام في هذا البلد كمواطنين متساوين من كافة النواحي نساء ورجال، أتراك وكرد وسنة وعلويين ومن حيث كافة الأديان؟ هل سنتمكن من تشارك بلد واحد معاً؟ سنصوت على هذا الأمر، وهذا مهم جداً، لذلك هذا هو الحلم الحقيقي، لتتمكن من القيام بذلك إن الأوضاع بالنسبة للنساء مروع حقاً، بغض النظر عن بعض المطالب مثل الأجر المتساوي للعمل المتساوي، تماماً كما هو الحال في الغرب، نسعى جاهدين للبقاء على قيد الحياة، نحن نسعى جاهدين للوجود كنساء في الحقيقة، في السنوات العشر الماضية على وجه الخصوص، كانت هناك خسائر فادحة في حقوق المرأة، تم استهداف كافة الجمعيات النسائية، تم تغيير اسم وزارة شؤون المرأة إلى وزارة الأسرة، من خلال إدخال النساء وحصرهن في مؤسسة مثل الأسرة، خلقوا تصوراً ضد سلامة الأسرة، وسحبوا من حقوق المرأة قوانين محاربة العنف، عندما تقول "وزارة الأسرة" فإنك تفترض أن المرأة موجودة فيها فقط، ولا ترى المرأة التي هي خارجها، هذه هي مسألتنا الأساسية يجب إعادة تفعيل اتفاقية إسطنبول، من أجل إعادة بدء كامل النضال للحصول على حقوق متساوية وللحد من العنف".

 

"يجب زيادة عدد النائبات"

وشددت نسرين ناس على ضرورة تساوي عدد المرشحات مع المرشحين "عندما لا تكون ممثلاً على قدم المساواة مع الرجال في البرلمان، يمكنهم وضع حقوق المرأة على طاولة المفاوضات للحزب الحاكم الحالي والتوقيع على نص تفاوضي يسلب العديد من الحقوق، بدءاً بالخروج من القانون 6284، ووضعها تحت اسم مؤسسة الأسرة، وإلى فصل الصفوف الدراسية بين الجنسين في التعليم، لذا يجب زيادة عدد النساء لتصبحن قوة حقيقية في البرلمان".