"غايا" تهدف إلى تمكين المرأة وتأمين دخل خاص لها في المناطق المهمشة
بهدف تمكين المرأة في الكثير من المناطق المهمشة في لبنان، أسست غادة حيدر مع مجموعة من الناشطات جمعية غايا الخيرية التي تساهم في توفير دخل للنساء، ودعم المزارعات والمنتجات في تسويق منتجاتهن، لتحقيق الاستقلال الاقتصادي وأهداف التنمية المستدامة.
سوزان أبو سعيد
بيروت ـ لم تكن البدايات سهلة في نشاطها التنموي وفقاً لما قالته غادة حيدر الأمينة العامة لجمعية غايا، خاصةً بسبب وضعها الاجتماعي فهي امرأة مطلقة ومعيلة لثلاثة أطفال، ولكن لم يردعها ذلك عن المضي قدماً، وبعد أن كانت ناشطة في العديد من الجمعيات البيئية والنسوية، تمكنت مع ناشطين وناشطات من تأسيس جمعية ذات أهداف بيئية ونسوية وثقافية.
عن بدايات تأسيس جمعية غايا قالت الأمينة العامة للجمعية غادة حيدر لوكالتنا "أسست جمعية غايا في الثالث من تموز 2017، تحت علم وخبر رقم/1350، وتم تسميتها بهذا الاسم نسبة إلى الآلهة المعروفة لدى قدماء الإغريق، وهي آلهة الأرض والعطاء والخير، والطبيعة الأم، ولذا كان من أهداف الجمعية المحافظة على البيئة وأمن الأرض".
وأوضحت "في بداية عملنا ركزنا على المواضيع البيئية وخصوصاً موضوع تلوث التربة لا سيما بالمبيدات الزراعية، وموضوع المياه، حيث قام خبراء وباحثون بالتعاون مع الجمعية بدراسة تأثير تلوث المياه والتربة على الصحة والسلامة العامة، وبعدها أعددنا خطة متكاملة لما يمكن تسميته بـ "سلة غذائية تموينية" لدعم المنتجات التقليدية، بهدف تشجيع صغار المزارعات والمنتجات، لأن ثمة نساء في القرى إذا أردنا إعداد "المربى" مثلاً، يصعب عليهن النزول من القرية إلى بيروت لتسويق إنتاجهن، فضلاً عن أن كل المستلزمات الأساسية تكلفتها مرتفعة، وهذا ما يدفع المنتجات أو المزارعات إلى ترك الإنتاج الزراعي يتلف، وهنا تولدت لدينا فكرة، للتخفيف من هدر المزروعات ودعم المجتمع الزراعي في آن واحد، فبادرنا بدراسة موسعة تبعها شراء الإنتاج منهن وتسديد ثمنه لهن على الفور، وهذا ما يشجعهن على الاهتمام بدورة الإنتاج، وتأمين استقلالهن الاقتصادي، وتحسين مستوى حياتهن بالإضافة إلى تعليم أولادهن ومساعدة محيطهن ومجتمعهن، أما نحن فنعمل على إعادة تغليف المنتجات بصورة مناسبة وتصديرها إلى الخارج أو بيعها بالسوق المحلي".
وعن المشكلات التي تواجه الجمعية أوضحت "أولى المشاكل التي واجهتنا هي التمويل، خصوصاً وأننا قمنا بتطوير الفكرة لتشمل قاعدة أكبر من المستفيدين، أما اليوم فتواجهنا مشكلة انهيار العملة اللبنانية، وهذا الأمر لا يساعدنا في التقدم إلى الأمام، لكننا مستمرون ولن نتراجع".
وأضافت "العمل مع السوق الخارجية أسهل، خصوصاً وأنهم يهتمون بالصناعة اللبنانية، ونصدر حالياً منتجاتنا إلى أفريقيا، ونخطط للتوجه نحو دول الخليج"، مشيرة إلى أن "منتجاتنا عالية الجودة ومطابقة لمواصفات الجودة تبعاً لأي دولة نريد التسويق فيها، وهذا عمل تطلب منا الكثير من الجهد لانتقاء الأصناف الأفضل".
ووفقاً لغادة حيدر فالجمعية تضم عشرين شخصاً، نحو 80 بالمئة منهم من النساء، إلا أنها تخدم حوالي 70 منتجة ومزارعة "نقدم خدماتنا كجمعية لحلقة واسعة من النساء، فضلاً عن الشباب الذين يواجهون البطالة، فالمرأة نشطت زراعتها وزاد إنتاجها وباتت تطلب عمالاً لمساعدتها، وبذلك اتسعت دائرة العاملين والعاملات".
وعن ديمومة العمل على مدار العام قالت غادة حيدر "هناك أكثر من 170 شخصاً يستفيدون من عمل الجمعية، وحتى لوغو الجمعية والملصقات على العبوات، قامت إحدى العضوات بتصميمه وتساهم النساء بالتغليف والتعليب، بالإضافة إلى أن هذا العمل يمنحهن القوة والاستقلالية ليكملن ويواصلن حياتهن".
وأشارت إلى أن "الجمعية تحضر المنتجات من مختلف المناطق اللبنانية، فكل منطقة مشهورة بنوع معين، ولكن المشكلة تتمثل أننا لا نستطيع تغطية الكلفة التي نتكبدها حتى اليوم، ولم نكتفِ اقتصادياً بعد، ولكن الأمر يتطلب بعض الوقت لكسب ثقة الزبون في السوق المحلية وفي الأسواق العالمية".
وقالت "بعض النساء اللواتي تعملن في إنتاج الكشك طلبن من الجمعية مساعدتهن في تأمين ماكينات لطحن الكشك، بما يساعدهن على زيادة الإنتاج، ونحن بصدد دراسة هذا الأمر، وهناك مشاريع عدة تستهدف توعية المرأة بقدراتها وزيادة الإنتاج وتطويره وتنويع المنتجات وتسويقها مع جهات مانحة، لأن هاجسنا ليس توفير فرص عمل للنساء فحسب، وإنما تمكينهن أيضاً، فهدفنا تحقيق التنمية المستدامة"، مؤكدة أن "هذا العمل واستمراريته رغم التحديات ناتج عن إيماننا بأن المرأة عنصر أساسي وفعال ببناء أي مجتمع، لنصل إلى مرحلة الاكتفاء الذاتي".