غادة أبو سمرة تبدع في صناعة الشمع المنزلي

في منزلها المتواضع تمتهن غادة أبو سمرة البالغة من العمر 20 عاماً صناعة الشمع لتحول موهبتها في إعادة تدوير الشمع المستخدم بالمنزل إلى مصدر دخل خاص

رفيف اسليم
غزة ـ ، وتصبح من أوائل المبادرين في تنفيذ تلك الفكرة ومشاركتها مع المتابعين عبر صفحتها الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي وأيضاً عبر عدة معارض محلية أقيمت مؤخراً في قطاع غزة.
إذا ما رجعنا للبداية يمكن القول إن الصدفة هي التي ساعدت غادة أبو سمرة في التفكير بذلك المشروع الصغير، فتفيد أن تجربتها الأولى كانت قبل خمس سنوات عندما بحثت عن هدية لصديقتها بيوم ميلادها ولم يعجبها ما كان متوافر بالأسواق، لافتةً أنها صادفت فيديو تعليمي لإعادة تدوير الشمع وهي تقلب منشورات صفحتها الشخصية، فجمعت ما لديها من شموع وقامت بتذويبها على الغاز المنزلي ثم بحثت عن إناء حديدي فارغ لتسكب الشمع المذاب داخله.
تلك التجربة التي أجرتها وهي في المرحلة الثانوية، لم تكن مقتنعة بها لأنها كانت بخلاف ما شاهدته وما هو مرسوم في مخيلتها خاصة أن اللون الأبيض وحده، لم يكن مظهره جذاب كما أن الرائحة الاعتيادية للشموع غير محببة بالنسبة لها، مكملةً أنها كي تحصل على شمعة مميزة أحضرت عدة ألوان للشموع (أزرق، أحمر، أصفر) وقامت بتذويب كل لون على حدا ثم سكب الألوان بتتابع في عبوة زجاجية لتنتج شمعة بألوان متعددة.
وتكمل غادة أبو سمرة أنها عندما أرادت أن تضيف عطرها الخاص على الشمع لم ينجح الأمر، فبحثت عبر الأنترنت كي تعلم سبب اخفاقها لتفاجئ أن الشموع يضاف لها عطور زيتية خاصة كي تتجانس مع المادة الشمعية وأن مراكز بيعها في قطاع غزة أيضاً تكاد تكون معدومة، مضيفةً أنها عندما وجدت ذلك العطر لدى أحد الباعة بغزة وأضافته للشمعة نتج لديها مزيج بين الألوان الجذابة والرائحة القوية التي استمرت منذ إنارة الشمعة وحتى ذوبانها بالكامل.
غادة أبو سمرة التي تدرس حالياً تخصص تكنولوجيا المعلومات في أحد الجامعات الفلسطينية تقول إنها استسلمت بالبداية واكتفت بصناعة شمعة واحدة بسبب نقص المواد الخام المستخدمة في صناعة الشمع، لترجع مرة أخرى خلال عام 2020، مكملة أنها أنشأت صفحة على انستجرام وأسمتها "أوشن ويفز" لتكون حافز لها بأن لا تتوقف أبداً وتجبر نفسها على مواصلة العمل لتصبح صناعة الشموع مشروعها الصغير الذي ستتحصل منه على مصدر دخل ثابت.
ألواح الشمع الخام، مادة البرافين، والفتيل، حسب قول غادة أبو سمرة تلك هي بعض المواد الخام الغير متوافرة في السوق المحلي لقطاع غزة لذلك عملت على حل تلك المشكلة عن طريق طلبها من خلال شركات التوصيل بالخارج لتستطيع أن تنجز الطلبات التي تتلقاها من قبل الزبائن عبر الصفحة، لافتةً أن زبائنها يعبرون عن انزعاجهم عندما تخبرهم أنها مضطرة لتأجيل الطلبيات بسبب نفاذ المواد الخام وإمهالها بعض الوقت لتستطيع توفيرها من جديد.
تشير غادة أبو سمرة إلى الحرق الظاهر على يديها مستذكرة قصته قبل عدة أشهر عندما تواصل معها مسؤول إحدى النوادي المحلية بغزة طالباً منها المشاركة بمنتجاتها في معرض فكانت المشكلة بالنسبة لها بالعدد "كيف ستنتج مائتان شمعة في غضون عدة أيام"، لافتةً أنها عملت على مدار 24 ساعة وبمساعدة والدتها ووالدها الذي كان يذهب إلى السوق ليشتري لها بعض المواد الخام ويتابع وصول البقية مع شركة الشحن بنفسه. 
وتكمل غادة أبو سمرة أن تلك المشاركة حدثت في ظل محاضراتها الجامعية والتكليفات والامتحانات فكان ذلك من أصعب الأوقات والتحديات التي مرت بها لانعدام تركيزها وسكبها بعض قطرات الشمع المذاب أحياناً بالخطأ على نفسها أو على أثاث المنزل، مشيرةً أنها نسيت التعب والجهد عندما قدم وفد أجنبي للمعرض واشترى منها عدة قطع وهم يثنون على تصميماتها المميزة، وانتاجها لذلك العدد الكبير من الشمع وحدها بالرغم من صغر سنها.
تمسك غادة أبو سمرة الشمعة بيدها لتشير أنها دوماً ما تحاول وضع بصمتها الخاص من خلال الإضافات التي توضع على العبوة الزجاجية للشمعة والكريستال والحجارة المعطرة أيضاً لتصنع شيء مختلف يقبل عليه الزبائن ويعرفها من خلاله، لافتةً أنها الآن أصبحت تتلقى الطلبات من عدة دول الأردن الإمارات، أمريكا، تركيا ودول أخرى كما أصبحت منتجاتها تقارن بمنتجات عالمية بل ويطلب منها المشاركة في معارض محلية ومناسبات خارج فلسطين.
وتوضح غادة أبو سمرة أن تكاليف الشحن مرتفعة الثمن تمنعها من توصيل منتجاتها المتمثلة بالشمع لدول الخارج لأن سعر التوصيل قد يفوق سعر الشمع سبعة أضعاف والتي تتراوح من 3 إلى 20 دولار للشمعة الواحدة حسب اختلاف حجمها وتصميمها، لافتةً أنها تخطط خلال الأيام المقبلة إلى إنشاء نقاط بيع لها خارج غزة لتتمكن من توصيل الطلبيات لكافة أنحاء العالم وتستطيع المشاركة بأعمالها في معارض عالمية وليس محلية فحسب.
وتلفت غادة أبو سمرة أن أكثر ما يزعجها هو سرقة أعمالها ونسبها لأشخاص وصفحات مجهولة وأيضاً الأسئلة المتكررة من قبل بعض المتابعين الذين يطلبون منها قائمة بالمواد الخام وأماكن شرائها التي على إثر نفاذها قد يتوقف العمل لأشهر متجاهلين جهدها بالحصول عليها، مضيفة أنها بالمقابل تشعر بالفرح عندما تصلها رسالة شكر من إحدى زبائنها معبرة عن رضاها لأن ذلك ما يمثل مكسبها الحقيقي من العمل.
وتختتم غادة أبو سمرة حديثها بالقول إن إنشاء الفتيات لمشاريع صغيرة خاصة بهن تعطي للفتاة ثقة بنفسها وتساعدها أن تكون قوية ومستقلة وإن كانت عائلتها لديها القدرة المادية على توفير جميع احتياجاتها، لافتةً أنها الآن تستطيع توفير مصروفها الشخصي، لذلك تنوي عقد دورات تروي خلالها تجربتها وتعلم الفتيات كيفية صناعة الشمع وأيضاً كيف يكن مستقلات معتمدات على أنفسهن.