"فرن عشتار" مصدر دخل لنازحات في مخيم واشوكاني
شددت النساء العاملات في فرن عشتار بمخيم واشوكاني، على ضرورة استقلال المرأة اقتصادياً من خلال الاعتماد على ذاتها والعمل في كافة المهن حتى تلك التي يحتكرها الرجال من أجل إعالة أنفسهن وأسرهن وتكنّ قدوة للعائلة والمجتمع.
دلال رمضان
الحسكة ـ بهدف تقديم الدعم المعنوي والنفسي وتحفيز النساء النازحات قسراً على العمل، وتعزيز دورهن من الناحية الاقتصادية واعتمادهن على ذاتهن، افتتحت لجنة اقتصاد المرأة فرن عشتار الخاص بخبز الصاج في مخيم واشوكاني بمقاطعة الحسكة في شمال وشرق سوريا.
أنشاء مخيم واشوكاني في بلدة التوينة التابعة لمقاطعة الحسكة لاحتواء النازحين/ات قسراً من مدينة سري كانية (رأس العين) بعد احتلالها من قبل تركيا ومرتزقتها عام 2019، ومن أجل تقديم الدعم المعنوي والنفسي للنساء النازحات، قامت لجنة اقتصاد المرأة بإنشاء مجموعة من المشاريع لتحفيز النازحات على العمل ومن أجل أن تستفدن من مردودها الاقتصادي ومن ضمن تلك المشاريع مشروع فرن عشتار لخبز الصاج الذي افتتح منذ قرابة سبعة أشهر.
وتعمل حسينة العلي وهي نازحة من قرية تل الذياب التابعة لمدينة سري كانية المحتلة إلى مخيم واشوكاني، في فرن عشتار الخاص بخبز الصاج، وعن ذلك تقول "بعد احتلال قريتنا نزحنا إلى مخيم واشوكاني، ومنذ قرابة سبعة أشهر أعمل في هذا الفرن لأنني كنت بحاجة إلى العمل كون زوجي مقعد لا يستطيع العمل ولديّ سبعة أطفال، بالإضافة إلى أولاد ابني الذي استشهد إثر الهجمات التركية".
وأضافت أنها تعمل مع امرأتين آخرتين في الفرن "أتشارك العمل مع امرأتين من المخيم منذ الساعة الرابعة صباحاً، من أجل عجن الطحين ونجهزه لإعداد الخبز والبدء بالعمل لمدة خمسة ساعات متواصلة ونقسم العمل فيما بيننا، ولكن في مثل هذا الوقت من الصيف تقل عدد ساعات العمل بسب الطقس الحار وعدم تحملنا نار الصاج".
وعبرت حسينة العلي عن سعادتها بهذا العمل وخاصةً بعد تلقيها التشجيع والدعم من قبل النساء والأهالي "بعد عملنا في الفرن تعرفنا على الكثير من النساء اللواتي أصبحن زبائن الفرن ونتلقى منهن الدعم والتشجيع على العمل، كما أن نساء أخريات تبحثن عن عمل مماثل، ومن خلال عملنا استطعنا مساعدة عائلاتنا وتحسنت ظروفنا المعيشية خاصة أننا نازحات لا نملك شيء".
ووجهت حسينة العلي رسالة إلى كافة النساء أكدت فيها على ضرورة عملهن واعتمادهن على ذاتهن "يجب على المرأة أن تكون قدوة للعائلة وسند لها، وأن لا تقف العادات والتقاليد عائق أمام عملها".
بدورها قالت إحدى العاملات في الفرن فضة العبيد وهي نازحة أيضاً من قرى سري كانية "لقد نزحنا بعد احتلال مرتزقة تركيا أرضنا، إلى مخيم واشوكاني في الحسكة، وأعمل منذ سبعة أشهر في فرن عشتار الذي ساعدني كثيراً في تأمين قوت يومنا كون لدي أطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة".
وأشارت إلى أنهن تذهبن في الصباح الباكر لبدء عملهن دون كلل وملل "بالرغم من جميع الصعوبات التي تعترضنا في عملنا، إلا أننا مستمرات به كوننا أصبحنا مستقلات مادياً، وازداد عدد الزبائن بالرغم من الوقت القصير لافتتاح الفرن".
وتتمنى فضة العبيد في المستقبل أن تطورن مشروعهن بمساعدة لجنة اقتصاد المرأة، وتحويله من فرن لخبز الصاج إلى فرن لخبز التنور والمعجنات والفطائر.
وعن عمل لجنة اقتصاد المرأة في مقاطعة الحسكة ومشاريعها التي تستهدف النساء اللواتي لا تجدن معيلاً لهن وبحاجة ماسة إلى العمل، قالت لوكالتنا الإدارية في لجنة اقتصاد المرأة سلمى أحمد "عملنا عبارة عن جمعيات تعاونية لمساعدة النساء اللواتي بحاجة إلى العمل، وتقديم يد العون لهن حسب قدرة اللجنة وإمكانياتها، ومن هذه المشاريع مشروع فرن خبز الصاج والذي تعمل فيه ثلاثة نساء من مخيم واشوكاني، وتوفر اللجنة لهن كافة المستلزمات من طحين ومازوت، كما يوجد فرن آخر في سري كانية".
وأضافت بأن المشروع يكمن في الحاجة لدى النساء اللواتي ليس لديهن القدرة على العمل في المجالات الأخرى "هذا المشروع من المشاريع التي سيتم دعمها بشكل دائم من قبل اللجنة، والذي سيساهم بشكل إيجابي بتقوية اقتصاد المرأة بشكل كامل ومشاركتها الفعّالة في تطوير المجتمع".
وعن طبيعة عمل النساء في الفرن، أوضحت سلمى أحمد أن النساء تساعدن بعضهن البعض في العمل والمال الذي تجنينه من بيع الخبز في نهاية كل شهر بعد استقطاع مصاريف عمل الفرن "يشهد الفرن إقبالاً كثيفاً من قبل الأهالي على الرغم من افتتاحه منذ مدة قصيرة لبعد المخيم عن المدينة، فضلاً عن سعر رغيف الخبز الزهيد مقارنة بالأفران الأخرى".
وبينت أن افتتاح الفرن من ضمن سلسلة المشاريع الداعمة للمرأة في الحسكة من أجل تحسين ورفع المستوى الاقتصادي للمرأة ودعم النساء من كافة الجوانب "يوجد عدة مشاريع للجنة اقتصاد المرأة في مدينة الحسكة وخارجها من ورشات الخياطة، معمل الكونسروة، الأفران وزراعة الأراضي".
وفي ختام حديثها، قالت سلمى أحمد إنه "على المرأة أن تكون قوية وذات إرادة ولا يقف أي أمر عائق أمام طموحاتها ومشاريعها، ونسعى في لجنة اقتصاد المرأة بكل طاقتنا وقدراتنا من أجل مساعدتها وتحسين ظروفها المعيشية".