فرن "العافية لخبز الصاج" يحافظ على تراث الأجداد ويقوي اقتصاد المرأة
خبز الصاج جزءٌ من تراث شمال وشرق سوريا، وحتى اليوم تحافظ العديد من النساء على هذا الموروث رغم افتتاح الأفران الآلية والنهضة التكنلوجية، كما انه أصبح مصدر رزق للعديد من النساء المعيلات.
براءة العلي
الرقة ـ
افتتح فرن لخبز الصاج باسم "العافية" في مدينة الرقة. ليمثل هدفان رئيسيان أولهما الحفاظ على ثقافة المنطقة من الاندثار، وثانيهما مساعدة النساء المعيلات اللواتي يعانين من غلاء المعيشة.
إدارية فرن العافية لخبز الصاج سرور العيسى، تقول لوكالتنا أنهم افتتحوا الفرن في منطقة الكرامة بريف الرقة الشرقي في3 أيلول/سبتمبر 2018، بعد اجتماع عُقد بين إدارة المرأة ولجنة الاقتصاد التابعة لها.
وتضيف عن الهدف من افتتاح الفرن "نسعى لتمكين الاقتصاد الذاتي لنساء الأرياف، ولا سيما اللواتي لا يملكن معيلاً. في فرن العافية تعمل من خمس إلى عشر عاملات، منهن من تختص بالعجن، وأخريات للتقطيع، أو الخبز على الصاج، وترتيب الخبز".
يعمل الصاج على الوقود، ويحتوي الفرن كذلك على دفة لفرد العجين وأدوات خشبية لرقه تسمى "الشوبك"، وعدد من أواني المطبخ الكبيرة "نخبز في اليوم ما يقارب 1500 رغيف، أي كيس أو كيسين من الطحين، وتساوي مئة كيلو غرام تقريباً عملنا حسب الطلب". وتضيف "أسعار الخبز عندنا تماثل السوق، نبيع الرغيف بمئة ليرة سورية فقط، فحتى لو كان هنالك ارتفاع بالأسعار في كل شيء، يجب أن يتوفر الخبز للجميع وبالسعر المناسب".
المردود المالي للفرن والحديث لسرور العيسى يُحفظ جزء منه من أجل العمل على افتتاح مشاريع أخرى تنمي اقتصاد المرأة، ومساعدة المزيد من النساء لكي يحققن استقلالهن الاقتصادي خاصة في ظل الغلاء المعيشي الذي تشهده المنطقة.
تقول طيبة البريج (30)عاماً، إحدى العاملات في الفرن "علمتني والدتي الخبز على الصاج، أذكر أنها كانت تطلب منا الحفاظ على التراث". مضيفةً "عليّ العمل لإعالة بناتي الثلاث، ولا سيما أن زوجي لا يستطيع ذلك، إذ أنه أصيب في يده اليمنى برصاصة طائشة، وفي ظل غلاء الأسعار أصبح الوضع متردياً".
وسجلت طيبة البريج في لجنة المرأة بمنطقة الكرامة على شاغر للعمل، وقُبلت في الفرن، لامتلاكها الخبرة الجيدة في الخبز، كما توضح.
أما أمينة محمد (45) عاماً، وهي عاملة في الفرن أيضاً، فتعيل ستة أطفال، "توفي زوجي منذ عام بجلطة دماغية، ولا يوجد من يساعدني على إعالة أطفالي، لذا قررت العمل بجهد لتأمين لقمة العيش".
وتكمل "توجهت إلى لجنة المرأة في الريف الشرقي للرقة، وبدعم منها تم توظيفي بعد اختبار يدل على كفاءتي بالعمل وجودة الخبز الذي أعده".
وعن طبيعة عملها، تقول "بدأت العمل منذ تأسيس الفرن، وأقوم بإشعال البوابير لتسخن الصاجات، وأحافظ على انتباهي عليها كي لا تنطفئ".
أمينة محمد تعمل لكي لا تحتاج أحد كما تقول فعلى الإنسان أن لا يطلب الصدقات بل أن يتحمل المسؤولية بنفسه "على النساء اللواتي لا يمتلكن معيلاً ألا يستسلمن، فعلى كاهلهن يقع دور الأب والأم في الأسرة، وعليهن العمل، فهو ليس عيباً، بل المعيب هو انتظار المساعدة من الآخرين".