فاطمة مدلج تعمل على إعداد الكعكة الطرابلسية التي تستقطب الطلاب والمّارة

تعمل فاطمة مدلج المعروفة بـ "أم عماد" على إعداد الكعكة الطرابلسية منذ نحو عشر سنوات، فهي ترفض أن تعيش على نفقة أحد حتى أولادها

كارولين بزي

بيروت ـ تعمل فاطمة مدلج المعروفة بـ "أم عماد" على إعداد الكعكة الطرابلسية منذ نحو عشر سنوات، فهي ترفض أن تعيش على نفقة أحد حتى أولادها.

في منطقة كفرمان في مدينة النبطية جنوب لبنان افتتحت فاطمة مدلج محال لبيع الكعكة الطرابلسية، ولكنها منذ نحو خمس سنوات انتقلت إلى شارع الجامعات في مدينة النبطية بعدما أجبرها صاحب المحل الذي كانت تستأجره على ترك المكان.

 

"لهذا السبب انتقلت إلى الرصيف"

تقول فاطمة مدلج لوكالتنا "زبائني هم من طلاب الجامعات، كما كان لدي زبائن يقصدونني بشكل دائم في محلي السابق، وكذلك المّارة يتوقفون ويتناولون الكعكة التي أصنعها تحت خيمتي".

وتروي كيف انتقلت من أحد المحلات التي كانت قد استأجرتها إلى خيمة على الطريق، "استأجرت محلاً لنحو ثلاث سنوات ولكن صاحب المكان طلب مني تركه، وما كان عليّ إلا أن ألبي طلبه. وبعدها جلست في البيت لفترة قصيرة، ثم تلقيت العديد من الاتصالات من زبائني وهم طلاب الجامعة، وكانوا يطلبون مني أن أعود وأجد مكاناً لأضع طاولتي وأغراضي وأعد لهم الكعكة وكذلك كي يحصلوا على بعض المشروبات من دكاني". 

إلا أنه لم يكن لدى فاطمة مدلج مكاناً لتعود وتكمل فيه عملها، لكن طلاب الجامعة جهزوا لها المكان المناسب، "سألتهم أين سأفتتح محلي، فقاموا بتجهيز مساحة صغيرة لي على الرصيف أمام الجامعة وهناك وضعت طاولتي. وفي موسم الشتاء وبسبب هطول الأمطار قام الشبان والشابات في الجامعة بإعطائي خيمة الطلاب الخاصة بهم على الرصيف المقابل للجامعة وقد حضروا كل شيء لكي أستطيع أن أتابع عملي حتى خلال فصل الشتاء".  

 

"لن أرتاح في حال بقيت من دون عمل"

تبين فاطمة مدلج أنه "عندما توفي زوجي أخبرت أولادي بأنني سأفتتح محلاً وأقوم بإعداد الكعكة الطرابلسية، رفض أولادي في البداية أن أعمل وأكدوا بأنهم سيقدمون لي كل ما أحتاجه، ولكنني أعرف حجم المسؤوليات الملقاة على كاهلهم، وبالتالي لا أريد أن أعتمد عليهم. لذلك أنا حالياً لست بحاجة لمساعدة من أحد، ولكن لن أشعر بالراحة في حال بقيت في المنزل من دون عمل، فحتى في البرد القارس كنت أفتتح خيمتي وأعد الكعكة للطلاب والمارّة، لا أستطيع أن أبقى في المنزل".

وعن أهمية أن تكون المرأة مستقلة مادياً، تقول "ربما من السهل أن تطلب المرأة المال من زوجها ولكنها تجد صعوبة في أن تأخذ المال وتنفق من أولادها. أنا أعطي المال ولكن لا يمكنني أن آخذه، على الرغم من أن أولادي إلى جانبي دائماً".

ولفتت فاطمة مدلج إلى أنها لم تكن تطلب المال من زوجها، بل كانت تعمل من أجل أن تجني مدخولاً يجعلها مستقلة مادياً "كنت أعمل في لبنان، وبدأت العمل كقارئة موالد في العزاء عندما كنت صغيرة، علماً أنني كنت قد تركت المدرسة وأنا في السابعة من عمري، واستمريت في هذا العمل على الرغم من أنني لا أعرف القراءة والكتابة، لكن صوتي الجميل ساهم باستمراري، ومنذ ذلك الوقت لم أكن بحاجة لمساعدة أحد".

وأكدت "أحب أن تتمتع المرأة باستقلال مادي، إذ يجب أن تنتج بنفسها وتساعد لا أن تنتظر لتتلقى المساعدة من أحد".

 

"الغلاء يطال الكعكة الطرابلسية" 

لم تسلم الكعكة الطرابلسية من الغلاء المستشري في البلاد، فارتفاع أسعار المواد الأولية وكذلك الجبنة والزبدة وكل المواد التي تستخدمها في إعداد الكعكة، ساهمت بارتفاع سعر الأخيرة.

وأوضحت "أشتري تنكة الجبنة بنحو مليون و500 ألف ليرة، كذلك ارتفع سعر قالب الزبدة، بالإضافة إلى المواد الأولية للكعكة". مشيرة إلى أنها كانت تبيع "الكعكة بـ 2000 أو 2500 ليرة، اليوم أبيعها بثلاثين ألف ليرة".

وأكدت على أن نسبة المبيعات تراجعت مع ارتفاع سعر الكعكة "مثلاً إذا كان أحد الأشخاص يريد أن يشتري كعك لأفراد عائلته المؤلفة من ستة أو سبعة أشخاص سيدفع ثمن الكعك نحو 200 ألف ليرة، لذلك يفضّل أن ينفق هذا المبلغ على وجبة غداء مثلاً".

 

 

تقول الطالبة الجامعية مريم الخشن إحدى زبائن فاطمة مدلج التي تأتي من منطقة البقاع الغربي إلى جامعتها في النبطية "أحتاج للوصول من بيتي إلى الجامعة 45 دقيقة. ما أن أصل أتوجه مباشرةً إلى خيمة أم عماد حيث أتناول الفطور قبل أن أدخل إلى الجامعة. وعندما أصل باكراً أجلس معها في الخيمة إلى حين موعد محاضرتي".

وأضافت "نعتبر أم عماد فرد من عائلتنا، وهي تتعامل معنا على هذا النحو. عندما يكون الطقس ماطراً تطلب من كل الطلاب أن يحتموا من المطر في الخيمة وتقول لنا بأن هذه الخيمة لنا قبل أن تصبح لها. وجودها هنا يشكّل إضافة للجامعة".