بيع الألبسة وسيلة المهجرات لكسب لقمة عيشهن

تعتمد المهجرات في مخيم الشرقي الجديد شرقي مدينة منبج بشمال وشرق سوريا على بيع الألبسة إضافة لأعمال أخرى لتأمين قوتهن اليومي، في ظل الظروف الصعبة، وقلة فرص العمل.

سيلفا الإبراهيم
منبج-  
يحتضن مخيم الشرقي الجديد بقرية "رسم الأخضر" في مدينة منبج، 3200 مهجر/ة، موزعين على 549 خيمة، منذ إنشائه في عام 2017، من أجل الأسر التي نزحت من ريف حلب الشرقي جراء المعارك بين قوات النظام السوري ومرتزقة داعش.
 
 
وليدة الجاسم (50) عاماً، مُهجرة من منطقة دير الحافر في الرّيف الشّرقي لمدينة حلب، وتعيش منذ خمس سنوات مع أبنائها الثمانية في المخيم، تقول "حياتنا كانت آمنة قبل سيطرة مرتزقة داعش، واعتمدنا على الزراعة وعملي كخياطة لتأمين معيشتنا".
ومع سيطرة المرتزقة على المنطقة في أواخر عام 2013، انعدمت فرص العمل، "كان تبادل إطلاق النار مستمراً، إضافة للقصف العشوائي، مما أجبرنا على الخروج من منازلنا، دون أن نأخذ معنا شيئاً".
ولقلة فرص العمل، وتقدم زوجها بالسن، تبيع وليدة الجاسم الألبسة "الاعتماد على المنظمات لا يكفي لتأمين أبسط مقومات الحياة، لذا ومن أجل إعالة أسرتي بدأت بالعمل، وجلبت بضاعتي الأولى بالدين من محلات منبج، وبعد بيعها أدفع ثمنها"، وبعد فترة من العمل الدؤوب، زادت نسبة أرباحها. 
وتعاني إحدى بناتها من سوء الامتصاص، رغم أن عمرها وصل لـ 20 عاماً "لا تستطيع ابنتي تناول الخبز العادي، وهي بحاجة للعلاج والالتزام بحمية معينة، ولهذا فإن لديها احتياجات خاصة يجب عليّ تأمينها، في ظل ارتفاع الأسعار في الفترة الأخيرة، كما أن فرض حظر التجوال الكلي، الذي أغلقت على إثره محال الألبسة، عرقل عملي بشكل كبير، وصعب من تنقلي وحصولي على البضائع". 
وتبدأ وليدة الجاسم بالعمل منذ ساعات الصباح الأولى حتى الـ 12 ظهراً، "أعرض بضاعتي ضمن المخيم، وهي ملابس وأقمشة لجميع الفئات العمرية"، وتضيف "لا يستطيع سكان المخيم التوجه إلى المدينة بشكل يومي لشراء الملابس، لذا فأنا لست الوحيدة التي أبيع البضائع، بل هنالك الكثير من النساء غيري، وينشط عملي في الوقت الحالي بسبب اقتراب عيد الفطر".
وتقول وليدة الجاسم بأنها تبيع بضاعتها بسعر مقارب لأسعار السوق، فهي تقدر الأوضاع المعيشية الصعبة، وتنظر إلى الحياة على أنها مغامرة لا يجب الاستسلام لظروفها، بل على الإنسان التأقلم معها وعيشها بلحظاتها الجيدة والسيئة، فهي امرأة لم تسمح للتهجير بأن يحبطها، كما تقول. 
وتؤكد "على كل امرأة الاعتماد على نفسها، وأطلب من المنظمات المعنية، توفير فرص عمل للنساء داخل المخيم، فعلى سبيل المثال الأغلبية في المخيم يتقنَّ الخياطة، إلا أنهن لا يعملنَّ بها لعدم وجود الآلات".
 
 
 
أمينة العكلي (50) عاماً، مهجرة من بلدة مسكنة في الريف الشرقي لحلب، تبيع الألبسة ضمن المخيم، إضافة لعملها في تنظيفه، لتُعيل أسرتها، فزوجها غير قادر على العمل نتيجة تقدمه في السن، تقول "يعمل 40 عامل/ة في تنظيف المخيم، وننقسم إلى فريقين يعمل أحدهما في الصباح والآخر مساءاً".
وتبين أن فريق عمال النظافة بدأ عمله في حزيران/يونيو عام 2017، وتم اختياره بحسب عدد العائلات في كل حيَّ، ويعمل من الساعة الثامنة صباحاً حتى الـ 12 ظهراً، ليبدأ دور الفريق الثاني الذي يعمل حتى الخامسة مساءً "وفرت إدارة المخيم هذا العمل، للحفاظ على النظافة من جهة، ومساعدة الأهالي على تأمين دخلهم من جهة أخرى".
وتشعر أمينة العكلي بالفخر بعملها، فهي أيضاً تبيع الألبسة بعد عودتها من العمل "أعمل منذ عامين في مجال بيع الألبسة، وأحصل على البضاعة من مدينة منبج بسعر الجملة، وأبيعها بما يتلاءم مع الوضع المادي للقاطنين في المخيم".
وتعرض بضائعها خلال شهر رمضان في خيمتها، وفي الأشهر العادية تعرضها على بسطة في المخيم، "لم أعد قادرة على جلب البضائع، بسبب الحجر الصحي، إضافة لأنني أعاني من إصابة في قدمي، نتيجة لحادث تعرضت له منذ 10 سنوات، مما يجعلني أشعر بالتعب والإرهاق الشديدين".
وتقول إن الهدف من عملها، يجعلها تقاوم جميع الصعوبات والظروف القاسية "على الجميع الاعتماد على نفسه ومكافحة المعوقات الحياتية لمواصلة العيش".