بكشك صغير على شاطئ البحر تحقق اكتفائها الذاتي
تتجه العديد من النساء والفتيات وخاصة الخريجات الجامعيات إلى افتتاح مشاريع صغيرة خاصة بهن لتواجهن شبح البطالة الذي يخيم على قطاع غزة.
رفيف اسليم
غزة ـ هرباً من البطالة الخانقة في صفوف الخريجات التي بلغت نسبتها في الآونة الأخيرة 65%، بحسب آخر إحصائية أصدرها الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، تعمل أماني شعت في كشك صغير لبيع الوجبات السريعة على شاطئ بحر قطاع غزة.
تقول أماني شعت البالغة من العمر 25 عاماً، أنها كغيرها من الشابات جربت عدة طرق لتنقذ نفسها من شبح البطالة، بعد أن درست محاسبة وإدارة أعمال بأحد الجامعات الفلسطينية، مقررة في نهاية المطاف الهجرة للعمل في الخارج لكنها لم تفلح وعادت أدراجها خائبة من جديد للمدينة المحاصرة.
وأوضحت أنها "عملت في مختلف المهن بداية من نادلة بأحد المطاعم وحتى عاملة بالمصانع المتخصصة بصناعة الأحذية والحقائب، وشركات والمحاسبة والإدارة، ومن ثم اتجهت للعمل على عربة لبيع الطعام بعد أن تعلمت وصفة إعداد البرغر من أحد الطباخين المهرة، مقررةً الرجوع لغزة والبدء بتنفيذ مشروع خاص بي".
لا تنكر أماني شعت أنه خطر لها في بداية الأمر المعوقات التي ستواجهها كونها فتاة تعمل في الشارع، فخصوصية مجتمع مدينة غزة يحصر الفتاة في بعض المهن التقليدية ما بين معلمة وطبيبة ويلزمها بعدم الخروج عنها، لافتةً إلى أنها قررت أن تبدأ هي بكسر الصورة النمطية وعدم التسويق لمشروعها من المنزل كما تفعل غالبية الفتيات اللواتي تصبحن أكثر عرضة للفشل.
فكرت باسم للمشروع يلاقي قبول الجميع لتستند على الشخصية الكرتونية الأشهر بين الأطفال والنشئ وتسميه "سلطع برغر"، فبحسب حديثها قد أثمر اختيار ذلك الاسم بشكل إيجابي فأصبح من لا يريد تناول الطعام يأتي للتعرف إلى طبيعة المكان وشكل العربة.
وحرصت أماني شعت أن تتم كافة خطوات الطهي أمام من يقف لاستلام وجبته، محاولة قدر الإمكان المحافظة على نظافة المكان وتجاهل التعليقات السلبية التي قد يرميها أحد المارة ويفر هارباً من أمامها، مقابلة تلك السذاجة بابتسامة تطبع على وجهها كونها لا خيار لديها سوى أن تعمل وتعود بالمال لأطفالها لسد بعض احتياجاتهم.
وأوضحت أماني شعت وهي أم لثلاثة أطفال ينتظرون عودتها في كل مساء للمنزل حاملة معها الطعام، أن "المرأة في الوقت الحالي ومع زيادة متطلبات الحياة يجب أن يكون لها عمل خاص بها إلى جانب عمل الزوج ولا ضرر أن تبدأ بمشروع صغير يراهن الجميع على فشله لتثبت هي عكس ذلك وتنجح بالفعل".
وأشارت إلى أنها تقدم وجبات "البرغر" بسعر أقل من المطاعم، بهدف كسب الزبائن ومراعاةً للأوضاع الاقتصادية في مدينة غزة، كون أحد أهدافها في الفترة الحالية هو أن يجرب المارة مذاق ما تطهيه ويصبحوا زبائن لديها بغض النظر عن هامش الربح البسيط.
وتشجع أماني شعت كافة النساء والفتيات على البدء بمشاريع صغيرة وعدم انتظار الوظيفة التي لن تأتي، مع تجاهل الخوف الذي قد تشعرن به وذلك لسبب بسيط أنها طالما تجلس في المنزل لا أحد سيوفر لهن أدنى احتياجاتهن، مؤكدة على أن الفرصة الجيدة تأتي بعد محاولات عدة فدوماً ما تعزي نفسها عند الفشل بجملة "يكفيني شرف المحاولة".