"أوبك".. منظمة الدول المصدرة للبترول

بعد اكتشاف النفط "البترول" كأهم مورد للطاقة في العالم عملت الدول الأكثر انتاجاً للنفط على تأسيس منظمة خاصة توحد وتنسق سياساتهم في تجارة النفط والتحكم بكمية إنتاجها وأسعارها في العالم

مركز الأخبار ـ .
"أوبك" هي منظمة عالمية تضم 14 دولة تعتمد على صادراتها النفطية، يختصر اسمها بـ "OPEC"، ويعمل أعضائها على زيادة العائدات من بيع النفط في السوق العالمية.
نشأة منظمة 
ظهرت أول فكرة في إنشاء منظمة "أوبك" في العاصمة المصرية القاهرة في نيسان/أبريل 1959، عندما انعقد المؤتمر الدولي البترولي الأول الذي نظمته اللجنة البترولية التابعة لجامعة الدول العربية، وكانت البلدان النامية المؤسسة للمنظمة تشهد في ذاك الوقت مرحلة انتقال سياسي دولي واقتصادي في فترة انتهاء الاستعمار وولادة العديد من البلدان المستقلة في العالم الثالث.
وجرت محادثات بين ممثلين من "السعودية، فنزويلا، العراق، إيران والكويت"، تناولت تأسيس هيئة كمنظمة استشارية تجتمع مرة واحدة سنوياً على الأقل لمناقشة نقاط مهمة تخص أوضاع الصناعة النفطية.
وبادرت الدول المنتجة للبترول إلى اتخاذ خطوة بعد قرار مجموعة من شركات متعددة الجنسيات الملقبة بـ مجموعة "الأخوات السبع"، تخفيض سعر النفط الخام المعلنة لبترول الشرق الأوسط في 9 آب/أغسطس 1960، والتي شكلت الشرارة الأولى لإنشاء منظمة أوبك.
وبدعوة من العراق عقدت الدول الخمسة "السعودية، الكويت، العراق، إيران، فنزويلا"، اجتماعاً في بغداد في الفترة من 10 حتى 14 أيلول/سبتمبر 1960، وأعلنوا خلالها إنشاء منظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك"، تتولى إجراء المشاورات المنتظمة بين الدول الأعضاء وتنسيق وتوحيد سياساتهم في تجارة النفط، وضمان أسعار عادلة ومستقرة لمنتجي النفط.
وكان مقر منظمة أوبك التي تأسست في العاصمة العراقية بغداد عام 1960، في السنوات الخمس الأولى في جنيف بسويسرا، ثم انتقلت إلى العاصمة النمساوية فيينا في أيلول/سبتمبر 1965، واللغة الرسمية لها اللغة الإنكليزية على الرغم من أن أغلب أعضاء المنظمة لغتهم الرسمية هي اللغة العربية.
وتمتلك الدول الأعضاء في منظمة أوبك 40% من الناتج العالمي، و70% من الاحتياطي العالمي للنفط، حيث أنتج أعضاء أوبك في عام 2017 نحو 42% من مجمل إمدادات النفط العالمية، وهو ما يشكل أكثر من 39 مليون برميل نفط في اليوم.
وانضمت عشر دول أخرى إلى المنظمة في الفترة الواقعة ما بين 1960 و2018، حيث يتطلب اعتماد بلد عضو جديد موافقة ثلاثة أرباع الأعضاء الحاليين في منظمة أوبك، وهي "قطر، إندونيسيا، ليبيا، الإمارات، الجزائر، نيجيريا، إكوادور، أنغولا، الغابون وغينيا الاستوائية"، وكانت آخرها جمهورية الكونغو الديمقراطية التي انضمت في عام 2018.
والأداة الرئيسية التي تملكها أوبك هي التحكم بمستويات الإنتاج بقرار جماعي، إما من خلال تقليصها إذا أرادت أو رفعها، على الأقل إلى حد لا يؤدي الى انهيار الأسعار من أجل ضمان توفير إمدادات اقتصادية منتظمة من النفط للمستهلكين، وتحقيق دخل ثابت للمنتجين بالنسبة إلى العائد على رأس المال لأولئك الذين يستثمرون في صناعة البترول، ولإحداث توازن بين العرض والطلب.
وعلى الرغم من كون مجموعة أوبك دول منتجة للنفط، إلا أن بلدان أوبك لديها اختلافات سياسية واجتماعية واقتصادية، بسبب الاختلاف في الاحتياجات المتباينة في أوقات مختلفة، وهو ما يخلق توتراً داخل المجموعة، وتتجلى هذه الاحتياجات المختلفة من خلال تحديد سعر النفط الذي يعتمد بشكل كبير على كمية الإنتاج في كل بلد عضو.
وبدأ تفعيل اتفاق خفض إنتاج النفط منذ كانون الثاني/يناير 2017 لتخفيض الإنتاج بمقدار 1.2 مليون برميل يوميا لمدة 6 أشهر، لكن تم تمديده إلى نهاية آذار/مارس 2017، ثم جرى تمديده مرة أخرى حتى نهاية عام 2018، لتكون "أوبك" خفضت إنتاجها لعامين كاملين.
واجتمع أعضاء منظمة "أوبك" في 6 كانون الأول/ديسمبر 2018 في العاصمة النمساوية فيننا، لاتخاذ قرار نهائي بتنفيذ خفض في إنتاج النفط من عدمه في 2019، وكانت المشكلة الأساسية التي تعرض لها أعضاء أوبك هي تمديد فترة الاتفاق على خفض إنتاج النفط، وخاصة بعدما انضمت إيران إلى كبار المنتجين للنفط في تبني سياسة تهدف إلى دعم سعر الخام وسط اقتصاد عالمي آخذ في التراجع. 
وخلال اجتماع لأعضاء المنظمة في مقرها بفيينا لمراجعة سياسية الإنتاج، اتفق الأعضاء في نيسان/أبريل 2020 على خفض انتاج النفط بمقدار 9.7 مليون برميل يومياً بدءاً من أول أيار/مايو وحتى نهاية حزيران/ يونيو، على أن يتراجع مقدار الخفض تدريجيا بدءاً من تموز/يوليو وحتى كانون الأول/ديسمبر 2020 بمقدار 7,7 مليون برميل.
الدول التي انسحبت من أوبك سابقاً
تتزايد الخلافات داخل "أوبك" نتيجة التزام الدول الأعضاء بالتصويت بالإجماع على قراراتها، وغالباً ما تكون أهدافهم متناقضة ما يتطلب الأمر جهوداً كثيرة واجتماعات كثيرة للوصول إلى قرار متفق عليه، ومع ذلك استمر وزراء النفط من إيران والعراق في حضور الاجتماعات نفسها حتى في الوقت الذي خاضت فيه دولتاهما حرباً دموية.
وفي منتصف التسعينيات، ظهرت فنزويلا في بعض الأحيان على حافة الانسحاب، كما حاول بعض السياسيين في الولايات المتحدة إقناع العراق بالانسحاب بعد الغزو عام 2003، إلا أنها لم تنجح في مساعيها.
وفي تاريخ الكارتل التي تمثل مجموعة شركات كبرى أو دول تستهدف التحكم في إنتاج وأسعار السلع أو خدمات معينة، غادرت ثلاث دول منظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك"، على الرغم من أن اثنتين انضمتا في وقت لاحق، وفي الآونة الأخيرة، وسبق وعلقت الإكوادور عضويتها في كانون الأول/ديسمبر 1992، لكنها عادت إلى أوبك في تشرين الثاني/أكتوبر 2007.
كما أن إندونيسيا علقت عضويتها في كانون الثاني/ يناير2009، لتنشط عضويتها مرة أخرى في كانون الثاني/يناير 2016، إلى أن تم تعليق عضويتها مرة أخرى في اجتماع مؤتمر أوبك في نهاية 2016، لأن وضعها كمستورد صاف للنفط جعل الانضمام إلى تخفيضات الإنتاج في عام 2016 غير عملي.
وأنهت الغابون عضويتها في كانون الثاني/يناير 1995، ولكن مع ذلك عادت وانضمت إلى المنظمة في تموز/يوليو 2016. 
وبعد مرور 58 عاماً على تأسيس منظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك"، أعلنت قطر التي انضمت إلى المنظمة في عام 1961، عن انسحابها من المنظمة في كانون الثاني/ يناير 2019، بعد أن كانت عضواً لأكثر من خمسة عقود من الزمن، معللة قرارها بأنها ستركز على إنتاج الغاز الطبيعي.
وقد تم استدعاء "بوليفيا، المكسيك، السودان و سوريا" من قبل المنظمة للانضمام إليها، ومنذ بداية عام 2019 أعلنت السودان أنها تريد الحصول على الموافقة للانضمام إلى المنظمة، بحسب ما نص النظام الأساسي لأوبك على أن "أي بلد لديه صافٍ كبير من النفط الخام، والذي له مصالح متشابهة جوهريا مع البلدان الأعضاء، قد يصبح عضوا كامل العضوية في المنظمة، إذا تم قبوله بأغلبية ثلاثة أرباع الأعضاء الكاملة، بما في ذلك أصوات جميع الأعضاء المؤسسين".
حجم إنتاج دول أوبك من النفط
وصل إنتاج قطر النفطي في نهاية عام 2015 إلى 663 ألف برميل يومياً، لينخفض إلى 656 ألف برميل في السنة اللاحقة، وفي عام 2016 أنتجت الدول الأعضاء نحو 5،32 مليون برميل من النفط يومياً أي قرابة 36% من الإنتاج العالمي الخام.
وفي نهاية 2017، تزامناً مع بدء تطبيق اتفاق خفض الإنتاج، تراجعت مساهمة قطر إلى 607 آلاف برميل يومياً، وأعلنت منظمة الدول المصدرة للنفط أوبك في 3 كانون الأول/ديسمبر 2018، عن خسارتها حوالي 635 ألف برميل من النفط القطري يوميا.
أما في أيلول/سبتمبر 2018 وصل إنتاج قطر إلى 616 ألف برميل يومياً، وقدر إنتاج البلاد من النفط بأنه يتراوح ما بين 620 و630 ألف برميل يومياً.
وكانت السعودية الرائدة في هذا المجال، بحيث ارتفع إنتاجها من 9 ملايين و988 ألف برميل يومياً في كانون الثاني/يناير 2018، ليصل إلى 11 مليوناً و100 ألف برميل في تشرين الثاني/نوفمبر 2018، إلا أنها بعدما تعرضت لهجوم عبر طائرات مسيرة استهدفت منشآت نفطية في أيلول/سبتمبر 2019، خفضت طاقتها الإنتاجية بشكل قوي، قبل أن تعلن استعادة جزء كبير من الإمدادات.
وكشف التقرير الشهري لمنظمة أوبك أن إنتاج الدول الأعضاء بلغ 28.491 مليون برميل يومياً خلال شهر أيلول/سبتمبر 2019 مقابل 29.809 مليون برميل يومياً في الشهر السابق له، وبحسب التقرير فإن انتاج الدول الأعضاء في المنظمة تراجع بنحو 1.3 مليون برميل يومياً خلال شهر أيلول/سبتمبر 2019.
كما شهد إنتاج "العراق، فنزويلا، إيران، نيجيريا والغابون" النفطي تراجعاً خلال شهر أيلول/سبتمبر الماضي، في حين سجلت ليبيا أكبر وتيرة زيادة في الإنتاج النفطي بزيادة إمداداتها بنحو 104 آلاف برميل يومياً، لتصل إلى 1.164 مليون برميل يومياً.
وحقق إنتاج أوبك ارتفاعات متتالية، ليقفز في تشرين الأول/أكتوبر 2018 إلى 32 مليوناً و900 ألف برميل يومياً، مع رفع السعودية إنتاجها إلى 10 ملايين و630 ألف برميل يومياً، بزيادة 127.3 ألف برميل بين أيلول/سبتمبر وتشرين الثاني/نوفمبر 2018، وزادت الإمارات 141.7 ألف برميل يومياً خلال الفترة ذاتها.
حجم احتياطي النفط لأعضاء أوبك 
يوفر أعضاء المنظمة مجتمعين قرابة 43.5% من إنتاج العالم من النفط الخام، ووفقاً للتقديرات والأرقام تمتلك الدول الأعضاء قرابة 81.9% من إجمالي الاحتياطات العالمية الثابتة.
وتعتمد المنظمة على أفضل الممارسات في الصناعة، واستكشافات مكثفة وعمليات استرداد معززة، ونتيجة لذلك بلغت الاحتياطات المؤكدة ملياراً و214 مليون برميل، فيما لا تستطيع المنظمة تحديد أسعار النفط في العالم نظراً لوجود مصدرين آخرين للخام من خارجها، ومع ذلك تتحكم بأكثر من ثلث إنتاج العالم.
ومن المتوقع أن ينمو الطلب العالمي على النفط لعام 2020 بنحو 1.08 مليون برميل يومياً، وإن أحدث التوقعات العالمية للنفط في منظمة أوبك تؤكد ان الطلب العالمي على الطاقة سيزداد بنحو 33% بحلول 2040.