'انهاء العنف ضد المرأة محكوم بتمكينها اقتصادياً'
العديد من المؤسسات النسوية تناهض العنف ضد المرأة وتنادي بالقضاء على جميع أشكاله، لكن ذلك العنف لن ينتهي إذا ما بقيت النساء تعانين من أوضاع اقتصادية معدمة
رفيف اسليم
غزة ـ العديد من المؤسسات النسوية تناهض العنف ضد المرأة وتنادي بالقضاء على جميع أشكاله، لكن ذلك العنف لن ينتهي إذا ما بقيت النساء تعانين من أوضاع اقتصادية معدمة، فلا تجد المرأة قوت يومها أو مسكن يأويها هي وأطفالها، ذلك ما لاحظته رفقة الحملاوي مديرة مركز ملتقى النجد التنموي خلال حلها للعديد من قضايا النساء في قطاع غزة.
تقول رفقة الحملاوي رئيس مجلس إدارة ملتقى النجد التنموي وهي ناشطة نسوية وعضو في ائتلافات واتحادات المرأة كاتفاق سيداو أنها تتابع منذ فترة طويلة تعامل المؤسسات النسوية مع قضايا العنف ضد المرأة التي تنشط خلال الحملات، معتبرةً أنها تقدم حلول آنية للنساء ينتهي مفعولها بعد أشهر لتعود تلك المعاناة من جديد، لافتةً أنها بعد دراستها لتلك الحالات وجدت أن تمكين المرأة اقتصادياً هو الحل الجذري كي تستغني المرأة عن تصادمها المستمر مع الرجل.
ويعتبر ملتقى النجد التنموي الذي أسسته رفقة الحملاوي منذ سنوات مؤسسة إغاثية غير ربحية تعنى بخدمة النساء من خلال تقديم تمويل للمشاريع التي يقترحونها كتربية الدواجن أو زراعة قطعة أرض أمام المنزل أو الزراعة المعلقة على أسطح البنايات أو تصنيع مواد التنظيف، مشيرةً أن الملتقى مول حتى اليوم 85 مشروع 70% من تلك المشاريع لنساء ناجيات من العنف باختلاف نوعه.
وتبعاً لما أفادت به فإن تلك النساء يخضعن لعدة برامج تدريبية قبل الحصول على التمويل ليتعلمن كيفية تنفيذ المشروع وإدارته فيما بعد، كما تتلقين دورات تأهيلية ضمن مشروع الدعم النفسي للتأكد من سلامتهن النفسية قبل البدء بالعمل، لتعرض الحالات المستعصية منهن على طبيب نفسي كي يتولى حل المشكلة وفق الطرق الطبية، لافتةً أنها تقوم بزيارة ميدانية لتلك البيوت للتأكد من مطابقة البيئة للمشروع.
وتشرح رفقة الحملاوي أنها تعمل مع ذات المرأة على عدة مراحل وهي معالجتها نفسياً من آثار العنف الذي تتلقاه ثم إدماجها مع زميلاتها والمجتمع الذي تعيش به، وعند التأكد من سلامة وضعها النفسي تقدم لها تدريب لتتعلم كيف تبدأ مشروعها الخاص، ومن ثم توفر لها التمويل وتراقب ما تنفذه على أرض الواقع لتساعدها في حل المشكلات التي تواجهها.
وتستعين رفقة الحملاوي في الفترة الحالية بتطبيق تستطيع النساء من خلاله التبليغ عن حالات العنف التي تتعرضن له، لتحصل المعنفة على الاستشارة والتدخل المناسب في ذات الوقت بمساعدة 12 أخصائية نفسية تدرسن السلوك المعرفي للنساء وتتعاملن من خلاله، لافتةً أنه يقدم أيضاً في الوقت الحالي لضحايا العنف من النساء مشروع ترفيهي ستستمر مدته لـ 3 سنوات على التوالي كنوع من التفريغ النفسي.
وتشير إلى أنه بالتوازي مع المشاريع السابقة يتم العمل على مشروع إغاثي متمثل بتوزيع طرود غذائية لبعض العائلات ميسورة الحال التي بلغ عددها 300 أسرة كما يقدم لهم أغطية للتدفئة في فصل الشتاء خاصةً الأسر التي فقدت بيوتها خلال عدوان أيار/مايو 2021، لافتةً أنها تقدم مشاريع ترميم البيوت المتهالكة مثل تركيب سقف من الزينقو، أو تصليح الأبواب والشبابيك، أو إنشاء نظام إنارة خلال ساعات انقطاع الكهرباء.
ويدعم ملتقى النجد التنموي مشروع الزيوت العطرية الذي تعمل من خلاله العديد من النساء سواء في المعمل أو في زراعة الأراضي بالنباتات العطرية، كما يسعى خلال المرحلة المقبلة لزيادة عدد العاملات فيه لزيادة تعداد النساء اللواتي يعملن لإعالة عائلاتهن، مشيرةً إلى أنه تم التوقيع على مشاريع تعاونيات الدجاج والأرانب، كما سيتم الاتفاق لتشغيل مشروع وحدة الانتاج الغذائي التي ستستوعب العديد من العاملات.
وتشتكي رفقة الحملاوي من عدم تناسب أعداد النساء اللواتي تأتين لطلب المساعدة من المؤسسة مع التمويل المتوافر والذي تستطيع الحصول عليه سنوياً، لافتةً أنها لا تستطيع أن تقفل الباب في وجه امرأة تطلب مساعدتها وتدرك جيداً أن مصيرها ومصير عائلتها يتجه نحو الجحيم في حال عدم تلقيها المساعدة الطارئة هي وأطفالها في الوقت المناسب.
وتؤكد أن التخلص من العنف داخل الأسرة ينبع من تمكينها اقتصادياً، وتوفير الاحتياجات الأساسية لها مع دخل ثابت حتى ولو كان قليل لتسطيع المرأة أن تقدم لطفلها المصروف قبل ذهابه للمدرسة أو تحصل على غاز الطهي مع بعض المواد الغذائية الأساسية، لافتةً أن تعاملها مع أسرة واحدة قد يستغرق 9 شهور لحل مشكلاتها.
وفي ختام حديثها دعت رئيس مجلس إدارة ملتقى النجد التنموي رفقة الحملاوي جميع المؤسسات النسوية أن تحافظ على التكاملية في تقديم برامجها وخدماتها ولا تعتمد على الندوات فقط لأن تنمية الجانب الاقتصادي يساعد على تنمية الوعي والتطور عند النساء، لافتةً أن الحصار والوضع الاقتصادي خطان متوازيان لذلك يجب العمل سريعاً لحلهما وتحسين من الوضع الاقتصادي للأسر الفلسطينية.