امرأة تحول أرضها القاحلة إلى أرض زراعية لمساعدة نساء عدن
تقوم جوهرة القعيطي بمساعدة نساء ريف عدن من خلال الأرض التي زرعتها حيث تذهب 20 امرأة يومياً لتحصدن المحاصيل مقابل أجراً يومي يساعدهن على المعيشة.
فاطمة رشاد
اليمن ـ في ظل فشل استراتيجيات التنمية السابقة في تحسين ظروف سكان الريف المعيشية وازدياد الفقر، تقوم جوهرة القعيطي بمساعدة النساء في ريف عدن لتمكينهن اقتصادياً وتحسين ظروفهن المعيشية من خلال زراعة أرضها واستثمارها للاستفادة منها وسط ندرة المياه وتقلص المساحات الخضراء نتيجة انتشار الألغام.
استطاعت الدكتورة جوهرة القعيطي أن تجعل من الأرض القاحلة مساحة خضراء تزرع جميع الخضروات والفواكه، تقول "اشترينا بعض الأراضي وقمنا باستصلاحها وبدأت بالاعتناء بها وزراعتها لتحويل الأرض الصحراوية إلى أرض زراعية".
وتابعت "في بداية استصلاح الأراضي التي تم شراؤها بدأت في زراعة محصول السمسم وخلال الأربع السنوات قمت بزراعة الكثير من المحاصيل الزراعية التي أفادت الكثيرين في المنطقة وحفرنا بئر الذي يعتبر الوحيد في تلك المنطقة ومياهه عذبة لهذا قمت بعمل خيري بإحضار خزانات كبيرة لتكن سبيل يسقى منه جميع الناس المتواجدين من النازحين خاصة؛ لأن الأرض هذه عملت على مساعدتهم واستفادوا منها وأفادوا الأرض التي أقوم بزراعتها وخاصة النساء فكان لهن تجربة فريدة في مجال الحصاد وكان هناك 20 امرأة تأتين يومياً لتحصدن المحاصيل من أرضنا مقابل أجر يومي يساعدهن على المعيشة".
وتعدّ ندرة المياه العائق الرئيسي الذي تواجهه الزراعة في اليمن، وترجع إلى مزيج من التحوّلات المرتبطة بتغير المناخ وتأثيره على أنماط هطول الأمطار، بالإضافة إلى التوسع الهائل غير المنظم في الري.
تجربة شخصية في الأرض
تمنح جوهرة القعيطي النساء مربع من الأرض لتزرعن فيه كل ما تحتجن له من خضار وفواكه وتقول "هذه التجربة نجحت في السنوات الماضية ولا زلت مستمرة بها لأجعل هؤلاء النساء مكتفيات ذاتياً خاصة في ظل الظروف الاقتصادية التي نمر فيها، ولدينا مشروع آخر عندما نقوم بقطف الملوخية نصفه يذهب للعمل الخيري، إلى جانب ذلك قمت باستخراج شهادات ميلاد من أجل أطفال النساء اللواتي تعملن في المزرعة ليكلموا تعليمهم كونهم من منطقة تهامة وزبيد اللتان تضررتا من الحرب، وكان ملجأهم هذا المكان ونحن فخورين بهذه التجربة وأتمنى أن تحدوا حدونا جميع النساء وتلجأن إلى الزراعة فالمرأة دائماً هي المكافحة وهي من تستطيع أن تعطي لتوفر احتياجاتها وأسرتها".
وعن أهمية تعزيز دور المرأة في التغيرات المناخية التي تعاني منها النساء بشكل عام، تقول "يجب أن تستهدف المرأة في كل عمليات التنمية والبناء، بالإضافة إلى المساهمة في تجنب الأضرار المناخية وتحويل الأرض من أرض تكدس المياه فوقها إلى أرض تمتص هذه المياه إلى جوفها خلال الزراعة، وهذا ما لاحظناه في أرضنا المتصحرة فعندما تتساقط الأمطار وخاصة الأمطار الأخيرة التي نزلت في عدن كانت راكدة فوق السطح ولكن أرضنا الزراعية امتصت كل الأمطار ولم تبق أي مياه على السطح".
وتمنع الفيضانات المياه من التسرب لتجديد طبقات المياه الجوفية في بلد ليست أنهاره دائمة الجريان، ويعتمد اليمن كلياً على إدارة تدفقات الأمطار المباشرة والمياه الجوفية، ما يفاقم الشح المطلق.
ارتباط روحي
وعن ارتباطها الروحي في الأرض، قالت جوهرة القعيطي "أبذل كل ما بوسعي لكي تبقي هذه الأرض خضراء، سابقاً حيث كنت أعيش قضيت أغلب أيامي خارج اليمن نتيجة عمل زوجي في السفارة وتنقلاته خارج البلد، ولكني اليوم لم أعد أرغب في الخروج من هذه المنطقة وأفضل العيش فيها لارتباطي الروحي والوجداني"، مشيرة إلى أنه "هناك امرأة استطاعت أن تحول هذه الأرض التي كانت قاحلة إلى أرض زراعية خضراء وهذا يشعرني بالسعادة ويجعلني استمر في العطاء فيها".
وفي ختام حديثها دعت جوهرة القعيطي إلى وقف الصراعات في اليمن وبناء أواصر المحبة والألفة وأن يكون هذا السلوك نهج للجميع لأجل مصلحة الأرض والبلد، متمنية أن تأخذ المرأة حقها وإشراكها في كافة المشاريع التنموية وصنع القرارات "لن تنجح المشاريع التنموية إلا بوجود المرأة وهذا ما توصلت له خلال تجربتي مع الأرض".
ويعيش حوالي 70% من اليمنيين في المناطق الريفية، ويعتمد أكثر من 50% من هؤلاء على الأنشطة الزراعية لتحقيق جزء من دخلهم على الأقل وتأمين غذائهم من أرضهم.