آمال أبو رقيق أول نجارة في تاريخ فلسطين

آمال أبو رقيق تتخطى الصعوبات والتحديات المجتمعية، وتتمرد على المجتمع الأبوي لتتغلب على الظروف الاقتصادية الصعبة.

نغم كراجة

غزة ـ داخل غرفة صغيرة تضم العديد من معدات وأدوات النجارة وأشكال متنوعة من المشغولات اليدوية والتراثية، تقف آمال أبو رقيق أمام آلة تقطيع الخشب تمارس هوايتها وعملها لتصنف كأول وأقدم نجارة في فلسطين.

آمال أبو رقيق (47) عاماً تسكن في مدينة النصيرات شمال قطاع غزة، احترفت مهنة النجارة منذ أكثر من ٢٠ عام بعد مرورها بأحداث صعبة وظروف اقتصادية سيئة، لكنها لم تستسلم لليأس بل خرجت تبحث عن مشروع توفر من خلاله لقمة العيش لتقرر أن تمتهن حرفة النجارة بكل قوة.

تقول آمال أبو رقيق "عانيت كثيراً منذ بداية حياتي، تزوجت من شخص يسكن في أراضي الـ ٤٨، وذات يوم قررت زيارة عائلتي في مدينة نصيرات ولم أتمكن من العودة مرة أخرى إلى زوجي بسبب عدم وجود تصريح لم الشمل أو امتلاكي الإقامة في الأراضي المحتلة نظراً لأنني أحمل الهوية الفلسطينية".

وأضافت "أصبت بالاكتئاب وتراكمت المشاكل والديون علي ولم يعترف زوجي لا بي ولا بابنتي الوحيدة المعاقة ذهنياً هديل والتي تبلغ من العمر 27 عاماً، نتيجة حمى شوكية أصابتها بعد ثلاث أشهر من ولادتها، وتخلى عن مسؤوليته تجاهنا حتى أنه امتنع عن إرسال المصاريف اللازمة لسد احتياجاتنا، فاضطررت لطلب الانفصال من أجل حصولي على راتب الشؤون الاجتماعية لإعالة ابنتي وتدبير متطلباتنا". موضحةً "في ظل سوء الوضع الاقتصادي وانتشار البطالة وغلاء الأسعار حاولت البحث عن عمل أجني منه بعض المال، فاتجهت إلى مركز تمكين المرأة للتدريب والتأهيل حيث يقدم العديد من الدورات المجانية، واخترت دورة النجارة تبعاً لهوايتي في صناعة المنتجات الخشبية البسيطة، وباشرت بالتعلم مع أكثر من 20 امرأة متدربة، جميعهن لم تكملن الدورة، كون هذه الحرفة متعبة ومهلكة جسدياً".

وتابعت "حصلت على تمويل من قبل المركز لأفتتح مشروعي وهو عبارة عن ورشة صغيرة ومعدات متوسطة الحداثة، ولاقيت إقبال كبير ممن حولي على المنتجات والمشغولات لأنني أصنع الطلبيات بجودة عالية وأسعارها مناسبة للجميع، ولم أنشئ أي صفحة عبر الانترنت بل أتت شهرتي من مدح الزبائن". مشيرةً إلى أن الكثير من النساء تترددن إليها لأنهن تفضلن التعامل مع امرأة باعتبار ذلك أكثر راحة في التعامل.

وخلال سنوات عملها في مهنة النجارة صنعت العديد من المشغولات اليدوية والتراثية، وابتكرت المرايا والمعلقات الخشبية بأشكال مختلفة، وببراعتها جعلت الناس يظنون أنها مهندسة ديكور كما أشارت إلى أنه "أنهيت دراسة الثانوية العامة، وحاولت التسجيل في الجامعة لكن الظروف الصعبة، والنظرة المجتمعية أوقفت الحلم الذي خططت له".

وبالرغم من براعتها في هذا المجال تعرضت للتنمر بشكل مستمر بسبب نظرة المجتمع لها والتي تقيد النساء داخل منزلهن أو عملهن في مجالات محدودة "لا شيء يمكنه إيقاف الطاقة الإيجابية والشغف بداخل النساء لأنهن تعملن وتنتجن باحتراف".

وأضافت آمال أبو رقيق أنها لم تعد تعمل كالسابق منذ عامين لأنها تعرضت للعنف اللفظي والجسدي من المحيطين بها نتيجة رفضها لاعتدائهم على ابنتها المعاقة، فانهالوا عليها بالضرب والشتم دون مراعاة سنها، وحرموها من العمل فترة ليست قليلة، وأشارت إلى أنها "بعد هذا الموقف أصبت بضغط نفسي حاد، وفقدت النطق فترة طويلة مما أثر على شكل فمي وميوله، حالياً أعمل بشكل خفيف وأحاول استعادة شغفي من جديد".

وأكدت أن "جميع النساء بكل حالاتهن قادرات على الإنتاج والعمل، وعليهن مواجهة التحديات والصعوبات وصولاً للعالمية، أو على الأقل لما يجعلهن تشعرن أنهن أحدثن إنجازاً دون النظر للعادات والتقاليد التي تكفيهن وتضعهن في دائرة محكمة الإغلاق".

وتتجهز آمال أبو رقيق للسفر إلى الجزائر خلال الأيام المقبلة للمشاركة في المعرض الدولي بأعمالها بعد اختيارها من قبل الوزارة وقالت عن ذلك "إنها المرة الأولى التي سأصعد بها بإنجازاتي إلى المراتب العالية، أثق بأنني سأستعيد نشاطي أقوى من السابق، وهذا يتوقف على اتخاذي الخطوة الحاسمة وهي الاستمرارية في العمل".