اليمن... انهيار سعر العملة يزيد من معاناة النساء والأطفال

يعاني اليمن أوضاع معيشية وإنسانية صعبة تزداد مع انهيار سعر العملة، الأمر الذي يدفع بغالبية الأهالي إلى دائرة الفقر وانعدام الأمن الغذائي.

رانيا عبد الله

اليمن ـ باتت النساء في اليمن مجبرات على شراء أقل من نصف متطلبات عوائلهن الأساسية بسب ارتفاع الأسعار الذي يترافق مع انهيار صرف العملة المحلية مقابل العملات الأجنبية.

"لا أستطيع توفير احتياجات ابنائي الأساسية، مع ارتفاع أسعار المواد"، بهذه الكلمات عبرت أحلام ناجي التي تعمل سكرتيرة في مؤسسة تنموية بمدينة تعز جنوب غرب اليمن، عن الآثار السلبية الناجمة عن انهيار العملة في بلادها، حيث أنها كغيرها من النساء تعمل في حياكة الملبوسات الصوفية بعد انتهاء دوامها، حتى تتمكن من توفير مبلغ إضافي تستطيع من خلاله توفير متطلبات واحتياجات أطفالها.

حيث أنها عملت سكرتيرة بعد وفاة زوجها بشظية قذيفة عام 2017 أثناء عودته من عمله، وحملت على عاتقها إعالة أطفالها، وتقول "النفقة مسؤولية كبيرة في ظل ارتفاع الأسعار وتدني الأجور"، مؤكدةً أنها كانت تحتاج ما يقارب 500 ألف ريال يمني أي 300 دولار لشراء ملابس واحتياجات العيد لأبنائها، بينما راتبها لا يتجاوز 100 ألف ريال أي 60 دولار "راتبي وما أحصل عليه من عملي في حياكة المشغولات الصوفية، بالكاد يكفي لتوفير الطعام لهم، وفي أيام الأعياد أو الالتحاق بالمدارس أعجز عن توفير كل هذه الاحتياجات التي تفوق قدراتي المالية، لذلك اضطر لاقتراض بعض المال من أقاربي وصديقاتي"، لكن تتسأل أحلام ناجي إلى متى سيظل هذا الوضع؟.

بسبب انهيار العملة مقابل العملات الأجنبية أصبح من الصعب على الكثير من العوائل توفير احتياجاتها في ظل تدني الأجور، حيث أن ارتفاع سعر صرف العملة تسبب في ارتفاع أسعار المواد الغذائية والملابس والخدمات الأخرى، ما زاد من تردي الوضع المعيشي للأهالي خصوصاً النساء اللاتي وجدن أنفسهن معيلات لأسرهن وابنائهن في ظل استمرار النزاع، ودون وجود ضمان اجتماعي.

وللتخفيف من معاناة الأسر في مدينة تعز، تعمل العديد من الناشطات ضمن مبادرات جماعية أو فردية على توفير بعض الاحتياجات للأطفال من الأسر محدودي الدخل، منهن الناشطة المجتمعة علا السقاف حيث تقول "بسبب التضخم الحاصل وانهيار العملة ارتفعت الأسعار بشكل جنوني بالنسبة للأجور التي يتقاضاها العاملون/ات في اليمن والذين يتقاضونها بالعملة المحلية، حيث أن معدل متوسط الرواتب للعاملين في المؤسسات الحكومية تقريباً 80 ألف ريال يمني، التي كانت قبل الحرب تعادل 400 دولار، لكن اليوم تعادل أقل من 50 دولار، فالقيمة الشرائية انهارت بشكل كبير مما أثر على قدرة هؤلاء الأشخاص في توفير احتياجات أسرهم الأساسية، فخلال السنوات الأخيرة زادت المسؤوليات وارتفعت الإيجارات بشكل جنوني والمتطلبات أيضاً باتت باهظة الثمن".

وعن معاناة النساء في ظل هذه الأزمة قالت إن "مئات الآلاف من النساء والأسر فقدوا المعيل بسبب النزاع أو فقد وظيفته، ونتيجة لذلك تحملت النساء أعباء مضاعفة، والكثير منهن كن لا تعملن أو لم تكملن تعليمهن ليتألهن للحصول على وظائف، بالإضافة إلى صعوبة الحصول على وظائف، وأغلب النساء اللاتي تعملن تحصلن على دخل محدود وغير مستمر، لتعاني الكثير منهن صعوبة في توفير متطلبات عوائلهن".

وعن مبادرتها في توفير ملابس العيد للأطفال تقول علا السقاف "مبادرتنا ذاتية تقودها والدتي، نحاول من خلالها التخفيف من الأعباء المادية على الأهالي، كانت على شكل توزيع مساعدات غذائية أو مبالغ نقدية أو توفير بعض الاحتياجات من ملابس العيد للأطفال، لكننا للأسف أيضاً نواجه مشكله بسبب ارتفاع الأسعار، هذه المبالغ كانت تكفي لشراء ملابس لـ 100 طفل أما بعد ارتفاع صرف العملة لم تعد تكفي لـ 50 طفل".