التمكين الاقتصادي للمرأة يساهم في الحد من ظاهرة العنف ضدها

يعتبر التمكين الاقتصادي للمرأة من الركائز الأساسية للحد من العنف الممارس ضدها، الأمر الذي دفع المجتمع المدني إلى التفكير بآليات تساعد المرأة على إيجاد عمل يحمي كرامتها من الانتهاكات.

نزيهة بوسعيدي

تونس ـ عندما تتوفر الاستقلالية المالية للمرأة وتكون قادرة على تغطية نفقاتها، تستطيع حفظ كرامتها وتجنب العنف المسلط ضدها سواء من قبل الزوج أو الأب أو الأخ، والتمكين الاقتصادي هو المحور الذي تعمل عليه حالياً وزارة المرأة والمجتمع المدني المهتم بالشأن النسائي.

قالت رئيسة جمعية صوت المرأة بمحافظة المهدية آمنة سوسي إن "التمكين الاقتصادي حلقة مهمة للحد من العنف المسلط ضد المرأة وهذا عن تجربة، ولدينا في محافظة المهدية مركز لإيواء ضحايا العنف نأوي فيه المعنفات ونقف إلى جانبهن ونتابع قضاياهن".

وأضافت "أنشأنا ورشة للتمكين الاقتصادي للمرأة ضحية العنف لأننا لاحظنا أنها عندما تصبح قادرة على توفير مصدر رزقها لا تعود إلى معنفها"، مشيرةً إلى أنه "يجب أن يكون للمرأة المعنفة القدرة على مواجهة الصعوبات التي سوف تواجهها عندما تجد نفسها بمفردها خاصةً وأنها لا تستطيع الحصول على نفقتها فتجد نفسها ضائعة هي وأطفالها فتعود إلى معنفها".

وبخصوص ورشة التمكين الاقتصادي تقول "هذه الورشة تهتم بتدريب النساء في إحدى الاختصاصات على غرار إعداد الحلويات حتى تتمكنَّ من بيع المنتج، ونحرص في البداية على مساعدتهن في عملية الترويج حتى تصبحن معروفات وقادرات على تغطية مصاريفهن".

وأكدت آمنة سوسي أن الورشة ساعدت العديد من المعنفات على إنشاء مشاريع، واستطعن الخروج من أزماتهن مع الإشارة إلى أن الجمعية تقوم أيضاً بالمعالجة النفسية والاجتماعية لأنها من التأثيرات السلبية لظاهرة العنف المسلط على النساء.

 

 

وبدورها ذكرت رئيسة جمعية نساء من أجل المواطنة والتنمية هنية عشي أن ظاهرة العنف ضد المرأة تتفاقم وتستشري في ظل تواجد عدد كبير من القوانين والتشريعات رغم جهود العديد من المنظمات.

وأضافت "من بين الحلول التي نعمل عليها التمكين الاقتصادي للمرأة استجابةً لاحتياجات المرأة المعنفة لأنه كلما توفرت لديها الاستقلالية المالية ومشروعاً صغيراً تديره تشعر بأن كرامتها محفوظة، وبأنها قادرة على أن تدافع عن نفسها".

وأوضحت أن "الكثير من النساء واعيات بحقوقهن وبالحد من العنف المسلط ضدهن، لكنهن لا تستطعن القيام بذلك بسبب الافتقار إلى المال، كما أنه عندما يتوفر المال للمرأة المعنفة يمكنها التوجه إلى الهياكل التي تدافع عنها والقدرة على التنقل إلى أبعد نقطة وبالتالي يمكنها إيصال صوتها والحصول على حقها".

وأشارت هنية عشي إلى أنه من الممكن أن تتعرض المرأة إلى أزمات كبيرة تؤثر فيها بالدرجة الأولى على غرار أزمة جائحة كورونا والأزمة المناخية والتمكين الاقتصادي من المفاتيح الأساسية التي تساعد النساء على أن تدافعن عن حقوقهن.

وفيما يتعلق بدور الجمعية في هذا المجال أوضحت "عملنا كثيراً على دعم حقوق المرأة بمختلف الفئات والشرائح وساعدنا النساء على إنشاء مشاريع خاصة من خلال التوجيه وتوفير المعدات، وبذلك تتمكنَّ من تحسين ظروفهن المعيشية والحد من العنف داخل الأسرة".

 

 

ومن جانبها قالت عضو في جمعية النساء الديمقراطيات منية قادري إنه "هناك ارتفاع في نسبة العنف ضد المرأة مقارنةً بالعام الماضي وهو ما كشفته الأرقام التي أصدرتها وزارة الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السن في تقريرها السنوي لعام 2021، وبالتالي مازال هناك الكثير من العمل خاصةً في مجال الوقاية باعتبار أن العنف أساسه الموروث الثقافي".

وأضافت "لاحظنا خلال هذه المدة تزايد ظاهرة قتل النساء وهو العنف الأقصى الذي يمارس عليهن، والتمكين الاقتصادي يمكن أن يساهم في الحد من العنف ضدهن باعتباره حلقة من الحلقات الأساسية أي عندما نمكن المرأة اقتصادياً نمنحها الاستقلالية المالية الغائبة عند الكثير من النساء".

وذكرت منية قادري أن وزارة المرأة تسعى من خلال برنامج "رائدات" إلى توفير التمكين الاقتصادي للمرأة لأنه كلما كانت هشة اقتصادياً كلما كانت أكثر عرضة للعنف ولا تستطيع الخروج من دائرة العنف.