التمكين الاقتصادي للمعنفات... فرصة لإثبات الذات وتحقيق الاستقلالية

يعمل مشروع التمكين الاقتصادي للنساء ضحايا العنف للقضاء على العنف المسلط على المرأة في المجتمع وتطويق هذه الظاهرة وذلك بإدماجهن في الدورة الاقتصادية.

إخلاص الحمروني

تونس ـ يعد التمكين الاقتصادي للنساء وخاصة المعنفة منها آلية لدعم قدراتهن والقضاء على الفقر والتهميش ونبذ كل أشكال التمييز التي تعانين منه خاصة في المناطق الداخلية، فهو يعمل على ضمان حقهن في امتلاك وسائل الإنتاج ووصولهن إلى مصادر التمويل والتكنولوجيّات وتيسير نفاذهنّ إلى الأسواق وإتاحة الفرصة لهن كي تكنّ فاعلات بشكل أقوى في التنمية والاقتصاد.

يعود التمكين الاقتصادي بالنفع بالدرجة الأولى على النساء ضحايا العنف لأنهن عشن تجارب قاسية منعتهن من عيش حياة طبيعية. الأمر الذي يتطلب جهود متكاملة ومكثفة للحد من حجم العنف المسلط على المرأة بالمجتمع وتطويق هذه الظاهرة وذلك بإدماجهن في الدورة الاقتصادية حتى لا تبقين عاطلات عن العمل ما يزيد من تعرضهن للعنف ومن أجل مساعدة المعنفات منهن على فتح مشاريعهن الخاصة وتحقيق استقلالهن المادي.

مليكة. ق (اسم مستعار) إحدى النساء المستفيدات من برنامج التمكين الاقتصادي قالت "تزوجت رجلاً أجنبياً وعشت معه خارج تونس، كانت تجربتي سيئة حيث كان يعاملني أنا وابنتي بطريقة غير لائقة ولم أجد حلاً إلا التخلي عن كل شيء والعودة إلى تونس مع ابنتي والبدء من نقطة الصفر"، موضحة أنها واجهت صعوبات في البداية لأنها لا تملك لا شهادة ولا عمل تستطيع من خلاله تأمين احتياجاتها، الأمر الذي اجبرها على الدخول في العمل والمشاركة الجمعياتية المخصصة للنهوض بالنساء المعنفات التي تتولى مهمة الدفاع عن المرأة.

وأوضحت "قمت بعدد من الدورات التدريبية وقد ساعدني ذلك على فهم كيفية إدارة المشاريع التي يمكن فتحها في منطقة ريفية فلاحية، فاخترت مشروع تفقيص البيض، تدربت في البداية على هذا الاختصاص، تعلمت كيفية تشغيل الآلات المخصصة، وتقنيات البيع والتسويق وكيفية اكتساب مهارات جديدة لأكون واثقة من نفسي وأجيد التعامل مع الغير"، مؤكدة أن الأمر ساهم في تحسين نفسيتها ورؤيتها للحياة وأصبحت تعتمد على ذاتها وتغيرت من امرأة ضعيفة معنفة إلى صاحبة مشروع.

وعن أهمية مشروعها بينت "يمثل هذا المشروع فرصة ساعدتني على الاندماج في السوق والتعريف بمنتوجاتي وتقوية شخصيتي"، موضحة ان التمكين الاقتصادي يشجع النساء ضحايا العنف على فتح مشاريع تضمن لهن الاستقلالية وتسهل عليهن عملية الاندماج في المجتمع.

سوارن محمد (اسم مستعار) تبلغ من العمر 53 عاماً، عاشت تجربة سيئة مع زوجها الذي كان يعنفها ويهينها، أوضحت أنها شاركت في برنامج التمكين الاقتصادي ضحايا العنف بمحافظة سيدي بوزيد للخروج من القوقعة التي سجنت نفسها فيها بعد تعرضها لأزمة نفسية "تلقيت تدريباً تقنياً في تحويل المنتوجات الفلاحية والتواصل وكيفية إعداد مخططات عمل وقمت بزيارات لمختلف الشركات الناجحة، اجتهدت وافتتحت مشروعي الخاص وشاركت في العديد من المعارض وعرفت بمنتجاتي التي لاقت رواجاً وقبولاً".

وأكدت أن هذا المشروع دعمها كامرأة وساعدها على تجاوز أزمتها الاقتصادية والعزلة اللي كانت تعيشها والاضطهاد الذي كانت تتعرض له، ونجحت في الاندماج من جديد بالمجتمع وأصبحت تعول على ذاتها باعتبارها عضوة فاعلة في المجتمع لها قيمة.

وعن تفاصيل مشروع التمكين الاقتصادي للنساء ضحايا العنف بالوسط الريفي، أوضحت سناء عماري كاتبة عامة لجمعية الدعم الإيجابي بسيدي بوزيد "هو مشروع تنفذه وكالة التعاون الألماني GIZ بالشراكة مع جمعية الدعم الإيجابي ومركز ''كوثر للمرأة العربية للتدريب والبحث''، دام لـ 6 أشهر وشارك في تنفيذه شركاء فاعلين مثل بلدية سيدي بوزيد ودار الشباب وعدة إدارات جهوية ونجح في تدريب 15 امرأة معنفة وتزويدهن بمعدات وتجهيزات.

وبينت أن هدف هذا المشروع يتمثل في تمكين النساء ضحايا العنف اقتصادياً في أرياف المناطق الداخلية للحد من العنف بحكم ارتفاع حالاته وتزايد أنواعه، مشيرة إلى أن المشروع يعمل على الحد من الظاهرة من أجل مساعدة المرأة المعنفة على تجاوز أزمتها كما يسعى إلى دمج المرأة في الحياة الاقتصادية وجعلها عنصراً فاعلاً لها استقلاليتها.

وأكدت أن دائرة الإحاطة بالمرأة الريفية بالمندوبية الجهوية للتنمية الفلاحية بالجهة ستتولى متابعة المستفيدات وتأطيرهن ومرافقتهن منذ البداية حتى تتمكن من إدارة وتطوير مشاريعهن في ظروف مناسبة من أجل توفير وتحقيق أدنى ظروف العيش الكريم بعيداً عن كل مظاهر العنف.