النساء المعيلات في المغرب يتأثرن بارتفاع الأسعار

أصبح موضوع غلاء المواد الغذائية في المغرب، من أهم الأحاديث البارزة التي باتت ربات البيوت تتجاذبنها خلال هذه الأيام مع باقي أفراد الأسرة

حنان حارت 
المغرب ـ ، فالمستهلك المغربي يعيش هذه الفترة على إيقاع موجة غلاء تطال عدداً من المواد الاستهلاكية، ما يثقل كاهل الأسر بمختلف فئاتها الاجتماعية خاصة المتوسطة منها والهشة أو ذات الدخل المحدود، والتي لم تتجاوز بعد تداعيات جائحة كورونا. 
تؤكد الأرقام الرسمية الصادرة عن المندوبية السامية للتخطيط أن 16.7% من الأسر، البالغة ثمانية ملايين وأربعمائة وثمانية وثلاثين أسرة مسيرة من قبل النساء، وترتفع هذه النسبة في الوسط القروي لتصل إلى 19.1% مقابل 11.4% في الوسط الحضري، بمعنى أن هذه الأسر في ظل غلاء المعيشة تتضرر بشكل كبير.
 
ارتفاع الأسعار ينهك الأسر
راضية عسلي (36) عاماً، واحدة من النساء المغربيات التي تعيل أسرتها، تعمل في مصنع للنسيج، بدأت حديثها بينما كان يظهر على محياها امتعاض كبير "المواد الاستهلاكية عرفت ارتفاعاً في ثمنها، وهو أمر لا ينبغي السكوت عنه، في الحقيقة لا أفهم سبب ارتفاع أسعار المواد الأساسية، مثل الزيت والدقيق، والسميد، والشاي، والقطاني".
تقول راضية عسلي "في السابق كنت أقتني الخضار والمواد الغذائية بزيادة عما نحتاجه، لكن اليوم بسبب الارتفاع في الثمن، صرت أتقشف وأكتفي بشراء ما يسد الحاجة".
وأضافت "مدخولي لم يعد يكفي لتغطية كافة المصاريف، فقارورة الزيت من فئة 5 ليترات، ثمنها اقترب من 100 درهم (10 دولار)، كل المواد الاستهلاكية الأساسية ارتفعت والزيادات جد مهولة"، وتعرب عن قلها إزاء هذا الوضع، فالأسعار لا تتناسب مع راتبها الشهري الذي لا يزال على حاله، مضيفةً أن الأسر ذات الدخل المحدود هي من أكبر المتضررين.
 
ارتفاع كبير في الأسعار
 
 
رئيسة جمعية حماية المستهلك بالعروي سامية أكراش، قالت لوكالتنا أن ارتفاع الأسعار الذي تعرفه المواد الاستهلاكية خلال هذه الفترة وقعه على المرأة المغربية أكثر تأثيراً، مشيرةً إلى أن ربات البيوت تعودن على التفنن والتنويع في موائد الأكل لأطفالهن، وأمام هذا الغلاء يجدن أنفسهن غير قادرات على مجاراة أثمنة الأسواق، وبالتالي فلا خيار أمامهن إلا التقشف.
وتأتي هذه الزيادات في وقت تستعد فيه الأسر المغربية لاستقبال شهر رمضان الذي لم يعد يفصله سوى شهر ونصف، حيث تزداد خلاله معدلات الإنفاق.
وأشارت سامية أكراش إلى أنهم "كجمعية لحماية المستهلك تأتينا العديد من الشكاوي بخصوص ارتفاع الأسعار في المواد الاستهلاكية، وقد بدأت الزيادة منذ شهر أيلول/سبتمبر، لكنها ارتفعت بشكل كبير خلال هذه الأيام، بحيث هذه الزيادات التي تشهدها حالياً المواد الغذائية، تفوق قدرة المستهلك المغربي، وهو ما نعتبره انتهاكاً للقدرة الشرائية للمواطن".
وتساءلت ماذا لو استمر ارتفاع الأسعار لغاية شهر رمضان، حيث تزداد معدلات الإنفاق، كيف يمكن لذوي الدخل المحدود التكيف مع هذا الوضع إذا استمر؟
وأوضحت سامية أكراش أن الحكومة لم تقدم أية حلول، ولم تقل متى سينتهي هذا الارتفاع، الذي يؤدي إلى تذمر المواطنين، داعيةً الحكومة إلى التدخل من أجل حماية القدرة الشرائية للمغاربة.
 
تبريرات الحكومة 
وتبرر الحكومة ارتفاع الأسعار الذي تشهده المواد الغذائية في المغرب، بأنه لا يرتبط بالمملكة لوحدها، وإنما تشهده مختلف دول العالم.
وفي لقاء صحفي عقب انعقاد جلسة الحكومة، الخميس 17 شباط/فبراير، أوضح الوزير المنتدب المكلف بالميزانية، فوزي لقجع، أن الأسباب التي أدت إلى الارتفاع الحالي في الأسعار عند الاستهلاك في العالم وفي المغرب تظل مرتبطة بالظروف الدولية الحالية.
وأبرز فوزي لقجع، أن ارتفاع أسعار عدد من مواد الاستهلاك يعود بالأساس، إلى الانتعاش الاقتصادي غير المتوقع الذي يعرفه العالم، وإلى الارتفاع المطرد الذي عرفته أسعار الحبوب والمنتوجات البترولية في السوق الدولية.
وعلقت سامية أكراش على ذلك قائلةً "من الضروري شرح المعلومة للمواطنين؛ نحن نعلم أن أغلب زيوت المائدة يتم استيرادها، لهذا فغلاؤها خلال هذه الفترة، يعود إلى الغلاء المسجل على الصعيد العالمي، وهو ربما ما يفسر الأثمان الحالية، لكن هناك مواد أخرى تنتج داخلياً لا نعرف سبب غلائها، فالزيادات ضمت مواد غير مدعمة من الدولة وتخضع أسعارها لمبدأ العرض والطلب".
وأكدت على أن "ارتفاع  الأسعار الذي يمس حالياً المواد الغذائية الأساسية والمحروقات في المغرب سبب أضراراً جسيمة للمستهلك الذي تدهورت قدرته الشرائية".
 
تراجع القدرة الشرائية للمعيلات
وأشارت إلى أن هذا الغلاء يتزامن مع تأثير الجائحة وما خلفته من أضرار على مختلف القطاعات الأساسية، وما أنتجته من تسريحات لليد العاملة وارتفاع نسبة البطالة، كما أنه يأتي في سياق خاص بفعل الجفاف الذي يضرب البلاد حالياً.
وأوضحت سامية أكراش أن جائحة كورونا، أثرت على النساء أكثر من الرجال، حيث كن أكثر عرضة للتسريح من العمل، وبالتالي تكبدن خسارة كبيرة في الدخل.
وأكدت في ختام حديثها على أن المعيلات لأسرهن يعانين في صمت، حيث يتحملن ضغط العمل وتوفير مطالب الأسرة، فيما يهملن احتياجاتهن الخاصة.