المشغولات السعفية وسيلة نازحة من تاورغاء الليبية لإعالة أسرتها

تعمل امراجع نصر وهي نازحة من مدينة تاورغاء على إنتاج وبيع الأشغال اليدوية السعفية لإعالة أسرتها.

هندية العشيبي

بنغازي ـ في ظل الظروف الصعبة ومرارة العيش التي تعيشها العائلات النازحة داخل المخيمات، تسعى أسر إلى الاستقلال وتأسيس حياة جديدة خارجها عقب فشل الحكومات المتعاقبة من إعادتهم لمدينتهم. وواحدة منها عائلة امراجع فرج علي نصر التي قررت تأسيس حياة حديدة عقب الحياة المريرة التي عاشتها لأكثر من 6 سنوات داخل مخيمات مدينة بنغازي.

تعيش أكثر من 3500 عائلة من سكان مدينة تاورغاء داخل مخيمات غير مؤهلة منتشرة في مدينة بنغازي من بين أكثر من 50 ألف نازح موجودين في كامل الأراضي الليبية، وذلك عقب تهجيرهم قسراً من مدينتهم.

تسكن امراجع فرج علي نصر (77) عاماً، داخل شقة صغيرة بمدينة اجدابيا، مع عائلتها، ضحكتها تعلو وجهها الأسمر، الذي رسمت على محياه قساوة السنوات، ومرار التهجير، ذاك اللون الذي يميز سكان مدينة تاورغاء الصحراوية عن باقي سكان مدن الشمال الليبي.

قالت امراجع نصر أنها كانت تعيش حياة بسيطة مع أبنائها وزوجها الذي كان يعمل في مشروع الدواجن الحكومي براتب شهري يقدر بحوالي 500 دينار ليبي أي ما يعادل 100 دولار تقريباً، قبل نزوحهم من تاورغاء، مضيفة أن الراتب الحكومي لم يعد كافياً لدفع مصروفات المنزل وتكاليف دراسة الأبناء في المدارس والجامعات، لذلك عمل ابنائها خلال الفترات المسائية في مهن ووظائف مختلفة لمساعدة والدهم على تحسين وضعهم المعيشي قبل أن يتم تهجيرهم من مدينتهم قسراً.

 

فقدت منزلها وممتلكاتها في تاورغاء

كباقي العائلات النازحة من تاورغاء، فقدت عائلة امراجع نصر منزلها ومزارعها، بعد سيطرة المليشيات المسلحة على المدينة. وعن ذلك قالت بحرقة "لا أملك أي شيء في تاورغاء الآن، منزلي حرقوه، وأشجاري ماتت، ونخيلي حُرق، كل شيء أملكه أنا وعائلتي في تاورغاء دمروه".

وتعمل العائلات في تاورغاء، وخاصة النساء في الحرف اليدوية المختلفة لتأمين معيشتهن عقب النزوح، بالتزامن مع نقص السيولة وشحها أحياناً، وارتفاع أسعار السلع والبضائع بشكل ملحوظ خلال السنوات الأخيرة في كامل الأراضي الليبية.

امراجع نصر واحدة منهن، فهي تساعد عائلتها من خلال إنتاج وبيع الأشغال اليدوية السعفية، وهي الأدوات التي تصنع بواسطة سعف النخيل بعد قطعه وتجفيفيه، ثم نقعه في المياه حتى يحافظ على مرونته ونعومته، ليسهل عقب ذلك تشكيله بإشكال وأحجام مختلفة.

تصنع امراجع نصر "القفة" وهي سلال الخبز أو سلال لحفظ القمح والشعير، بالإضافة لصناعتها "للفرارة" وهي مراوح يدوية تصنع من سعف النخيل، وغيرها من الأدوات التي تباع في أسواق مدينة اجدابيا، رغم انخفاض قيمتها المادية.

وعن مدى تواصل الجهات المختصة مع العائلات النازحة من تاورغاء بينت أن المنظمات الغير حكومية والمؤسسات التابعة للدولة لا تقدم لهم سوى المساعدات الإنسانية المتمثلة في الأغطية والمفروشات وأدوات المطبخ، وغيرها من الأدوات والمعدات التي تستخدم في المنزل.

وعن أمالها المستقبلية من السلطات التي تتولى الحكم في البلاد، قالت "لا أريد إلا صلاح بلادي، وراحتها"، فرغم معاناتها وقسوة المعيشة وسوء أحوالهم، إلا أنها لم تأمل إلا بأن تستقر الأوضاع في ليبيا لضمان حياة جيدة لعائلتها وأبنائها.

وبالرغم من توقيع اتفاق للعودة وللتعويضات في آذار/مارس 2017، وإصدار المجلس الرئاسي في كانون الأول/ديسمبر من نفس العام قراراً يقضي بالشروع في عودة الأهالي المشردين إلى مدينتهم مع بداية شباط/فبراير 2018؛ إلا أن الأهالي الذين حاولوا العودة لديارهم آنذاك مُنعوا من ذلك من قبل المليشيات المسلحة.