المعروك والحلوى... مشاريع صغيرة وناجحة للمعيلات في إدلب
تشير إحصائيات محلية إلى أن مستويات البطالة في إدلب والمناطق التي تحتلها تركيا، وصلت إلى 85 بالمئة من السكان، وهي النسبة الأعلى من نوعها على مدى سنوات الحرب السورية.
هديل العمر
إدلب ـ مع ارتفاع مستويات البطالة وندرة فرص العمل، تلجأ نساء ومعيلات في إدلب، لإنشاء مشاريع منزلية صغيرة تؤمن لهن ولعوائلهن المستلزمات الأساسية، في ظل ما تشهده المنطقة من تدني مستوى المعيشة وفقر مدقع بات يحاصر الكثيرات.
على مقربة من مخيمات مشهد روحين شمال إدلب، تنهمك منار السبيل (35عاماً) وهي نازحة من مدينة معرة النعمان جنوب إدلب، بصناعة عجينة المعروك الخاصة، والتي اتخذت منها مصدر رزق تصفه "بالجيد" بعد أن فشلت كل محاولاتها بتأمين فرصة عمل مناسبة.
وتقول منار السبيل إنها تعمل على صناعة المعروك منزلياً، وبيعه إلى المحلات والبقالات التجارية القريبة من المخيم الذي تقطنه، لتحقق بذلك أرباحاً تساعدها على الإنفاق على نفسها وأطفالها الأربعة.
وأوضحت أن فكرة المشروع جاءت بعد أن انقطعت عن عملها في الأراضي الزراعية بسبب قدوم فصل الشتاء، وحاجتها الملحة لتأمين فرصة عمل تساعدها على تحمل نفقات المعيشة وأعباء الشتاء القاسية، خاصةً وأنها مسؤولة عن عائلة مؤلفة من أربعة أشخاص والمعيلة الوحيدة لهم بعد أن فقدت زوجها العام الماضي، جراء إصابة عمل.
وأشارت إلى أنها تعلمت أساسيات مهنة صناعة المعروك، لتتقن جميع أسرار هذه الصناعة، وتتخذ منها مهنة بديلة للاعتماد عليها في معيشتها.
وعن مراحل صناعة المعروك تقول منار السبيل إن صناعة المعروك في المنازل تتطلب مهارة ودقة وخبرة في تحضير العجينة الخاصة به، كما أن نوعية وكمية التوابل المضافة إلى الطحين تشكل كلمة السر في مدى لذة الطعم.
وتضيف "يدخل في تحضير العجينة الخاصة بالمعروك، الطحين والسمن والزيت إلى مجموعة واسعة من التوابل، تضم المحلب والسمسم وحبة البركة، ثم تشكل عجينة على شكل أحبال طويلة تلف دائرياً وتخبز بالفرن، لتصبح جاهزة للبيع والاستهلاك".
وأوضحت أنها تحصل على مرابح يومية تتراوح بين 50 و75 ليرة تركية، وهو مبلغ تصفه "بالجيد" ويبقى أفضل من لا شيء على حد تعبيرها.
ومنذ ثلاثة أعوام تعمل منى ياسين (38 عاماً) وهي من سكان مدينة إدلب، في صناعة الحلويات المنزلية التي وجدت فيها راحتها النفسية والجسدية، بعد أن وفرت لها دخل جيد يغنيها عن طلب المساعدة والعون من أحد.
تقول إنها لجأت لافتتاح مشروعها الخاص بعد أن فقدت زوجها الذي قضى متأثراً بجراحه في إحدى الغارات الجوية على مدينة إدلب، حيث وجدت نفسها المسؤولة الوحيدة عن تربية بناتها الثلاثة اللواتي فقدن السند والمعيل.
وأضافت أنها تعلمت مهنة صناعة الحلويات المنزلية منذ صغرها على يد والدتها التي كانت تصنع أصناف وأشكال متنوعة من الحلويات التراثية باستمرار، وهو ما جعلها قادرة على إطلاق مشروعها الخاص.
وأشارت إلى أن أكثر ما ساعدها في عملها هو عدم احتياجها لرأس مال كبير للعمل، إذ أن كل ما تحتاجه هو فرن وغاز والمواد الأولية لصناعة الحلوى، وبمبلغ لا يتجاوز 100 دولار أمريكي، إذ أن رأس المال الحقيقي يكمن في الدقة والحرفية وجودة المنتج على حد وصفها.
ولفتت إلى أنها وبعد صناعة الحلويات تقوم بتغليفها وبيعها إلى المحلات التجارية والغذائية التي باتت تطلب بضائعها ومنتجاتها بشكل كبير، نتيجة الإقبال المتزايد عليها، بسبب جودتها وسعرها المنخفض مقارنة مع تلك التي تنتجها محلات الحلويات في المنطقة.
من جانبها تؤكد نسيبة الأحمد (43عاماً) وهي مرشدة اجتماعية في إدلب، على أهمية هذه المشاريع التنموية وضرورة دعمها مادياً واجتماعياً، خاصةً وأنها تشكل فرص عمل للعديد من النساء والمعيلات اللواتي رفضن أن يكن عالة وعبئاً على أحد.
وأضافت أن هذه المشاريع تساهم في كسر النظرة التقليدية التي ينظرها المجتمع المحلي للمرأة العاملة في إدلب، وذلك من خلال إثبات وجودهن ونجاحهن في شتى مجالات العمل بالرغم من الصعوبات وأجواء العمل القاسية والشاقة.