العمل في الزراعة... ملاذ نازحات لتأمين قوت يومهن في الشمال السوري
رغم أهمية المجال الزراعي كفرصة عمل للكثيرات من نساء المخيمات في الشمال السوري، إلا أنهن يواجهن غبناً وتدني في الأجور مقارنة مع أجور الرجال بذات المجال
سهير الإدلبي
إدلب ـ .
فقر حالها وأوضاعها المعيشية الصعبة، وعدم امتلاكها شهادات أو خبرات دفع بالثلاثينية النازحة من قرى جبل الزاوية هيام الحسين للعمل في المجال الزراعي المتوفر في الأماكن القريبة من مخيمها في دير حسان؛ لإعالة أبنائها الأربعة بعد وفاة زوجها أواخر عام ٢٠١٩.
تقول هيام الحسين إن انعدام فرص العمل أمامها دفعها لخوض غمار تجربة العمل الزراعي مع عدد من النساء مشكلات ورشات زراعية ينطلقن معاً للعمل بشكل جماعي غير أن عملهن متقطع وغير دائم، وتضيف أن مشقة العمل وعدم خبرتها به لم يمنعها من تعلمه بسرعة بغية الحصول على قوت يومها على الأقل.
تعمل هيام الحسين أكثر من عشر ساعات يومياً تبدأ من ساعات الصباح الأولى وحتى المساء دون كلل أو ملل، بعد أن يقلها متعهد العمل مع أخريات من مكان إقامتها في مخيمات دير حسان إلى الأراضي الزراعية التي تبعد عنها عشرات الكيلو مترات، ويتضمن عملها تقليب التربة وإزالة الأعشاب الضارة والحصاد وجني المحاصيل كالخضار والزيتون والفاكهة، وغيرها من الأعمال الزراعية المتنوعة.
"تأقلمت مع هذا العمل وبات جزءً من حياتي، حين أندمج مع التربة أنسى همومي وأشعر بالراحة النفسية فالعمل في الأرض ليس سيئاً رغم مشقته" هكذا عبرت هيام الحسين عن حبها لعملها الذي يساعدها على إشغال وقتها واستفادة بعض المال الذي تنفقه على نفسها وأبنائها.
تشكو حليمة كرم (٤٥ عاماً) النازحة من قرية حزارين إلى مخيمات قاح تدني الأجور التي لا تتناسب "إطلاقاً" مع مشقة عملها وساعاته الطويلة، وتقول "على المعنيين تحديد أجور العاملين البائسين التي لا تتناسب مع تدني مستوى المعيشة والغلاء الكبير الذي نواجهه نحن الفقراء والنازحين، ولكن لا حياة لمن تنادي"، وتتابع "كثيراً ما يتم استغلال النازحات وحاجتهن للعمل من قبل أصحاب الأراضي الزراعية والمتعهدين، كوننا مستعدات للعمل تحت أي ظرف وبأي أجر متاح ولو كان زهيداً نظراً لعدم وجود البديل، وهو ما يطمع بنا الآخرين".
حاولت حليمة كرم الاحتجاج أكثر من مرة لكن دون جدوى، ولم تجد سوى جواب واحد لدى أرباب العمل ألا وهو "لست مجبرة على الاستمرار إن لم يعجبك الأجر بإمكانك ترك العمل متى شئتِ".
توفر الكثير من الأيدي العاملة وقلة الفرص المتاحة دفعت بحلمية كرم وغيرها لتقبل الأمر الواقع والرضا بأي أجور ممكنة، حيث تتقاضى أجرة يومية بمعدل ٢٠ إلى ٣٠ ليرة تركية، حسب ساعات العمل وهي لا تكفي لشراء ربع احتياجاتها اليومية.
وعن أهمية عمل المرأة في المجال الزراعي تقول المهندسة الزراعية شيماء جمعة إن المرأة تقدم مساهمات هامة في الاقتصاد المحلي والريفي في جميع البلدان النامية وتختلف أدوارها باختلاف البلد، بيد أن حصول المرأة السورية النازحة على الموارد والفرص التي تحتاج إليها لكي تكون أكثر إنتاجاً أقل من حصول الرجل على تلك الموارد والفرص، بينما من شأن زيادة حصول المرأة على فرص العمل بالقطاع الزراعي التعزيز من إنتاجيتها وتحقيق مكاسب من حيث الإنتاج الزراعي والأمن الغذائي والنمو الاقتصادي.
مشيرة إلى أن ذلك يجب أن يرافقه شروط وهي تحديد ساعات عملها وطبيعته بما يتناسب مع قدرتها، إضافة لتحديد أجور ثابتة لعدد الساعات التي تعمل بها وأن تكون هذه الأجور منصفة تتناسب مع مجهودها الكبير.
ويعتبر قطاع الزراعة مورد الدخل الرئيسي بالنسبة لعدد كبير من السكان وخاصة في الشمال السوري، ووفقاً لخبراء سوريين محليين وخبراء زراعيين في الأمم المتحدة، ترتبط حوالي 40% من سبل العيش في سوريا بالزراعة بشكل أو بآخر.