العمل المنزلي للمرأة قمع مزدوج وأمل مخطوط

أكدت فريبا شيري إحدى النساء اللواتي قمن بافتتاح مشروع خاص في المنزل، أن العاملات في المنزل تواجهن اضطهاداً مزدوجاً من نقص في الأجور، والحرمان من جميع الحقوق.

شبنم توكلي

طهران ـ  القيود المفروض على النساء في إيران وعدم الحصول على الشهادة الجامعية، فتح المجال أمام الكثير منهن للعمل داخل المنزل حتى تتمكن من الاستقلال المادي وأثبات أنفسهن.

العمل التجاري أو المنزلي هو أي نشاط يتم في البيئة المنزلية لتقديم الخدمات أو بيع المنتجات عندما يكون ذلك لأسباب مثل عدم الحصول على الشهادة الجامعية والقيود المفروض من المجتمع والعائلة وغيرها الكثير من الأسباب، لذلك تلجئ الكثير من النساء في إيران للعمل بمشاريع خاصة بهن داخل المنزل كالحياكة والتطريز وتغليف علب الهدايا.

في المجتمع لكي تحقق المرأة الاستقلال فإن الحصول على وظيفة ودخل كافٍ له أهمية أساسية، كما تعد الوظائف المنزلية أيضاً أحد الحلول الفعالة لتوظيف المرأة واستقلالها.

تقول فريبا شيري البالغة من العمر 29 عاماً والتي تكسب المال من خلال بيع علب الهدايا والمنتجات المطرزة في المنزل "لم أحصل على شهادة التعليم الجامعي، ولم أتمكن من التقديم على وظيفة حكومية، وفي المقابل واجهت مشاكل مع زوجي في السماح لي بالعمل خارج المنزل، لأنه على حد قوله يجب على المرأة البقاء في المنزل والاهتمام بالأطفال فقط "، مشيرةً إلى أنه "لم يكن لدى زوجي دخل جيد كنا نعاني من ظروف اقتصادية صعبة، لم يستطع تحمل أعباء المنزل الاقتصادية لوحده، لذلك كانت أول فكرة تخطر لي هي البدء بمشروع منزلي".

وعن الصعوبات التي واجهتها أوضحت "رغم كل الصعوبات التي واجهتني إلا أنني أحب عملي لأنه عندما تبدأ العمل أول شعور يأتي إليك هو الشعور بالاستقلال المالي، فأنت لست بحاجة إلى التواصل مع شخص ما من أجل أصغر احتياجاتك، لأنك تملك دخل مادي لن يدعك تحتاج لأحد، كما يمكنك أن تصرف من مجهودك الخاص، ومن ناحية أخرى يمكنك أن تساعد في النفقات المنزلية، بعد سوء الأوضاع الاقتصادية".

وأشارت إلى أنه "عند انتشار البطالة والفقر في مجتمعنا، يجب أن نبدأ بالعمل بأنفسنا، أعرف الكثير من النساء اللواتي تعملن لساعات طويلة خارج المنزل ولا تحصلن على دخل كبير، أو حتى الفتيات اللواتي تشتكين من البطالة، كنت أقول لهن دائماً يجب عليكن البدء بمشاريع خاصة بكن حسب مواهبكن وظروفكن لأنك عندما لا تفعل شيئاً ستشعر بعدم الفائدة، وأنك عبء، لا يوجد شخص ليس لديه المهارات الكافية في أي مجال، يجب فقط عدم انتظار المساعدة من أحد".

مع زيادة الوظائف المنزلية، من ناحية، يرتفع مستوى دخل الأسر، لتنخفض من ناحية أخرى البطالة في المجتمع إلى حد ما، ومع زيادة ربحية هذه الوظائف ينخفض ​​مستوى الفقر ويتناقص أيضاً.

وأضافت "الآن عندما أنظر إلى وضعنا المادي وأقارنه بما كان عليه قبل بضع سنوات عندما كان زوجي يعمل فقط، أرى مدى تحسن أوضاعنا الاقتصادية وحياتنا وكم كان لي دور بارز في هذا التغيير، وهذا يمنحني شعوراً بالفخر، لقد مر عام بالفعل بذلت فيه قوتي ووقتي وطاقتي للوصول إلى هذا الوضع، لا يوجد شيء سهل في البداية ويتطلب الكثير من الجهد، الآن بعد تلك الأيام أصبح لدي دخل جيد، قد تكسب الأعمال المنزلية أحياناً أكثر من الأعمال الأخرى، كل ما عليك فعله هو أن تؤمن بقدرتك وما تفعله وتبدأ".

وفيما يتعلق بالفصل بين الجنسين في الوظائف المنزلية قالت فريبا شيري "رأيت العديد من الرجال الذين بدأوا مشاريعهم الخاصة في المنزل، ألا أن الأعمال المنزلية للنساء تحظى بترحيب أكبر من قبل النساء لأنهن تواجهن خارج المنزل العديد من القيود، ومن ناحية أخرى فأن معظم الأعمال المنزلية مثل الحياكة والطبخ وأشياء أخرى كثيرة تتطلب ذوقاً أنثوياً، وحتى العملاء يشترون من البائعات لأن مثل هذا الاعتقاد راسخ في مجتمعنا، على الرغم من أنه خاطئ، فعلى سبيل المثال تعرف النساء كيف تطبخ بشكل أفضل أو أنها تعطي أهمية أكبر للنظافة، ولكن في رأيي أن معظم الأشخاص الذين يعملون في هذا المجال يجب أن تكن نساء، ومع ترحيب العملاء بعملهن أزداد عددهن يوماً بعد أخر، ويمكن أن يكون هذا بصيص أمل للنساء اللواتي اعتقدن أنهن يجب أن تعملن لبقية حياتهن في المنزل، وتقضين وقتهن وحياتهن دون أي فائدة".

وأضافت أن بالرغم من ذلك هناك الكثير من القمع ضد المرأة، من الأجور المنخفضة ونقص التأمين، وساعات العمل الطويلة التي يتعين عليها قضاءها في العمل في المنزل، وأشياء أخرى كثيرة "إذا كانت المرأة تعمل في ورشة مثلا كالنسيج فإن حالها أفضل من المرأة التي تعمل في البيت، لأنه يتعين عليها هناك أن تتصرف وفق قانون العمل، أما في العمل المنزلي فهناك اضطهاد مزدوج للنساء العاملات في المنزل، لأنهن تُحرمن من جميع حقوقهن".

وقالت أن النساء اللواتي تعانين من أوضاع اقتصادية صعبة تعلمن وأن كن تتلقين أجور منخفضة، لأنه في مثل هذه الظروف الاقتصادية، حتى الشباب الحاصلين على شهادات لا يتمكنون من الحصول على عمل، فالعمل داخل المنزل أفضل بكثير من البطالة "كنت أقوم بنسج سجاد لشخص ما وهو يقوم ببيعه، لكن الدخل كان ضئيلاً جداً، لذلك قررت أن أقوم بعملي الخاص في تغليف علب الهدايا للحصول على دخل خاص بي".

وفي ختام حديثها أشارت فريبا شيري إلى أن "المرأة في مجتمعنا مظلومة من كل حدب وصوب، لكن في رأيي أول شرط لتحرر كل امرأة هو استقلالها المالي، وفي أكثر الظروف وأصعبها وحتى مع الرواتب المنخفضة، يمكن للمرأة أن تستقل مادياً الأمر الذي سيسبب الكثير من التغيرات في حياتها".