الحرب في غزة تدمر عشرات المشاريع الصغيرة للنساء

مع استمرار الحرب في قطاع غزة، تتكشف معاناة النساء في مجالات مختلفة أبرزها المجال الاقتصادي، حيث فقدت عشرات النساء مشاريعهن الصغيرة بطرق مختلفة، بينهن سهير اليازجي المعيلة لأسرتها المكونة من أربعة أفراد، في ظل ظروف صعبة وتحديات لا تنتهي.

رفيف اسليم

غزة ـ اليوم بعد أن أحصت سهير اليازجي، خسائر مشروعها ووجدت أنها تخطت 90% لا تعلم كيف ستبدأ من جديد، ففي كل يوم تجابه صعوبة توفير متطلبات المنزل من مأكل ومشرب وحطب لإشعال النار.

لفتت سهير اليازجي، إلى أنها وعشرات النساء في قطاع غزة فقدن مشاريعهن الصغيرة بطرق مختلفة خلال الهجوم، فمنهن من أتلفت القوات الإسرائيلية محلاتهن التجارية ومعاملهن بالحرق والتكسير، والأخريات حُجزت بضائعهن عبر الميناء البري وتمت مصادرتها، فيما قصف الطيران الحربي والمدفعية الباقي منها.

وأردفت أن ما قبل الهجوم كانت مشاريع النساء تواجه عدة عقبات، أهمها الضرائب التي كانت تفرضها البلديات، والتي قدمت أكثر من مرة طلب لاعتبارها حالة خاصة كونها منفصلة وتريد نيل حضانة أولادها، لكن دون أي جدوى، ويضاف لذلك جشع بعض التجار الموردين ورفعهم للأسعار بطريق جنونية.

وعن ماهية تلك المشاريع، أشارت إلى أن إعداد المأكولات والأطعمة المحفوظة بطرق مختلفة كالتمليح، ومشاريع البيع الإلكترونية، ومعامل الخياطة، وتدجين الحيوانات، والزراعة، وصالونات التجميل، والترجمة والإعلانات، والتسويق، ومتاجر إعداد الهدايا وتوصليها، والتطريز، هي أبرز المشاريع التي كانت تترأسها النساء بغزة، محققة من خلالها استقلالها المادي، لكن ما إن اشتد الهجوم أصبح لكل واحدة منهن قصة معاناة مختلفة.

وبالرجوع لقصة سهير اليازجي، فقد تزوجت وهي ابنة السبعة عشر عام، قبل إكمال تعليمها ولم تفكر في القادم، لكن ما إن قررت الانفصال وبدء حياة جديدة أدركت بأنها تحتاج للعمل كي تتمكن من تربية أطفالها وتوفر مصدر دخل لها، مشيرة إلى أنها اتجهت لمشروع إعداد المأكولات وبيعها فاستنزف وقتها وطاقتها، فقررت العودة لمهنة العائلة وهي العمل بتجارة الألبسة.

وأضافت أنها في العام الذي افتتحت به مشروعها الصغير أكملت تعليمها الإعدادي، ومن ثم أعقبته بإتمام المرحلة الثانوية، لتتخرج في النهاية من قسم الإعلام بأحد الجامعات المحلية، مطورة تجارتها شيئاً فشيء فمن محل صغير إلى متجر واسع يلبي كافة احتياجات وأذواق النساء، إلى أن اندلعت الحرب في غزة وأهدر جهود 14 عاماً متواصلة من الكد والسعي على مدار الليل والنهار.

بحسب ما قالت سهير اليازجي، هي لم تكن تحضر غالبية المناسبات العائلية، ولم تذهب للبحر طوال فترة الصيف سوى مرة واحدة أو اثنتين لأن دوماً لديها عمل ما، كما أنها لم تنل حصتها من الراحة، فإلى جانب ما كانت تستورده كانت تعمل على تصميم وتخييط العديد من التصميمات التي قد يستغرق تجهيزها أيام كي تنهي تفاصيل القطعة كما تريد وبجودة تضاهي المستورد.

وكانت تقطن في منطقة "أبو مازن" غرب مدينة غزة، تلك المنطقة التي سوتها القوات الإسرائيلية في الأرض مدمرة كافة مبانيها، مفيدةً أن هناك لم يكن منزلها فقط بل المشغل الذي تعمل به، ومخزن الملابس المستوردة، ومستودع الأقمشة، فلم تستطيع إنقاذ سوى بضعة أكياس، فيما دمرته البقية نيران القوات الإسرائيلية.

ونقلت سهير اليازجي ما تبقى من البضاعة والمواد الخام كالأقمشة والمقصات، إلى منطقة الشفاء وعاشت هناك حصار المستشفى وحرق البيوت فأتلف هناك البقية، مضيفةً أنها حينها شعرت بنهايتها، خاصة أن محالها التجاري في حي "الرمال" لا تدري إن نجا من الحرق هو أيضاً أم لحق به المصير ذاته من الخراب الذي دمر مدينة بأكملها.

وبينت أن الصعوبات التي خلقتها الحرب قد أحكمت خناقها عليها مع فقدانها لمنزلها وعدم تمكنها حتى من إخراج ملابسها وحاجتها لإعالة أبنائها مع اشتداد وطأة المجاعة في منطقة شمال قطاع غزة، وغياب أي أفق لحلول تهدئة جزئية ولو لساعات، وحالة الفوضى في توزيع المساعدات الإنسانية التي لم يستفيد منها سكان المدينة المنكوبة، وازدياد عدد مرات النزوح القسري التي عاشتها لتصل إلى 12 مرة.