الادخار... مشروع اقتصادي للنساء اليمنيات

عُرفت المرأة الريفية اليمنية بجسارتها وتحملها لمسؤوليات العائلة والمجتمع بكل بسالة، وبالرغم من التحديات والظروف القاسية التي تعيشها، تحقق نجاحات من خلال المشارع التنموية والتوعوية.

رانيا العبد الله

اليمن ـ تعمل النساء اليمنيات من خلال مشاريع الادخار على تأمين مصدر دخل خاص بهن والاعتماد على ذواتهن وإدارة عوائلهن، لذلك عملت نساء قرية الطويلة في مدينة تعز جنوب غرب اليمن على تشكيل مجموعة "المستقبل النسائية الريفية" المؤلفة من 25 امرأة، على ادخار مبالغ مالية شهرية من كل عضوات المجموعة، ثم تمويل عضوات المجموعة بمبالغ مالية للبدء بتنفيذ مشاريعهن الخاصة، ورد القرض بدون أي فوائد.

 

أهمية المشاريع الاقتصادية للنساء

مناهل عبد الجبار من سكان قرية الضباب التابعة لمدينة تعز التي تقع جنوب اليمن، وهي إحدى النساء التي أصبح لديها مشروع اقتصادي تعمل من خلاله على تأمين احتياجاتها المعيشية، كما جعلت من الادخار خطوة أولى لتحقيق ذاتها وتأسيس أول مشروع خاص بها لتعيل أسرتها وأطفالها، واستطاعت من خلال هذا المشروع أن تجمع نساء القرية وتزرع روح المشاركة بينهم.

وأوضحت مناهل عبد الجبار كيفية تنمية مشروعها الخاص "في البداية كنت أشارك ضمن مشاريع الادخار بمبالغ مالية قليلة جداً في كل شهر، وبعد مرور 8 أشهر تقدمت لقرض مع مجموعة للعمل في مشروعي الخاص، وقد حصلت على 3 أضعاف المبلغ الذي ادخرته".

جلبت مناهل عبد الجبار أقمشة متنوعة، وعملت على خياطة ألبسة نسائية وأصبحت أول امرأة في القرية تفتح هذا المشروع، وبدأت بيع ما تنتجه من ملابس، وتقول "من خلال هذه المشاريع شعرت بأنني أستطيع أن أنتج دخل اقتصادي مستقل لي وللنساء، وأوفر احتياجاتي الخاصة مما أكتسبه من مشروعي".

 

معاناة النساء في ظل الظروف المعيشية القاسية

وعانت أميرة عبد الرحمن ظروف معيشية قاسية بسبب إصابة زوجها بمرض نفسي، جعلها تتحمل كامل مسؤولية الأسرة مع إعالتها لـ 7 أطفال، واجهت صعوبات كبيرة لتوفير مصدر دخل لأطفالها، إلا أنها كانت كل صباح تحمل فوق رأسها ما تصنعه من مأكولات وتبيعهم لطلاب المدرسة القريبة من منزلها "بعد إصابة زوجي بالمرض النفسي وعدم تمكنه من العمل، كنت أشعر بالخوف والعجز لعدم قدرتي على توفير ما يسد جوع أولادي، واحتياجاتهم، لكنني لم استسلم وبدأت بالعمل رغم المصاعب التي واجهتني".

وأوضحت "سمعت من نساء القرية عن عزمهن لتكوين مجموعة للادخار، ومن ثم تمكنت من الحصول على قرض لتوسيع فكرة المشروع، وانضممت للمجموعة وبعد مرور عام حصلت على قرض، وتمكنت من افتتاح دكان صغير بالقرب من منزلي، وبدأت بتوفير الخضار، ثم عملت على صناعة البخور والعطور، ووفرت مصدر دخل لأولادي".

 

بداية للتغيير

وبينت الضابطة في مشاريع الادخار والتمويل الريفي لوحدة المنشآت الصغيرة والأصغر في الصندوق الاجتماعي للتنمية آمال الشميري بأن برنامج الادخار والتمويل من البرامج الجديدة في الصندوق الاجتماعي للتنمية والتي تعمل بالشراكة مع الوحدات الصغيرة والأصغر، بهدف التمكين الاقتصادي وتعزيز وبناء قدرات المجتمعات المحلية من أجل إدارة الموارد المالية وغير المالية في الريف.

وأوضحت أن "هذا البرنامج يضم النساء الريفيات بشكل كبير لأنهن مصدراً للاقتصاد الريفي كما أنهم يمتلكون تلك الأفكار والقوة التي يستطيعون من خلالها إنتاج الموارد الطبيعية".

وأشارت إلى أن "نسبة الأمية وعدم التعليم في الريف مرتفعة جداً وذلك بسبب بعد المدارس عن القرية أو انشغال النساء والفتيات في البحث عن المياه والحطب التي يلبون من خلالها احتياجاتهم اليومية، مما يحرمهم من حق التعليم، فمشاريع الادخار تعمل على توعية النساء من الناحية الاقتصادية وتوفر لهن فرص لتلبية حاجاتهم وإدارة أسرهم".

 

أسس وتطوير مشاريع الادخار

بدأ الصندوق الاجتماعي للتنمية بتأسيس مشاريع الادخار والتمويل الريفي والذي بدأ بتأسيس مجموعات ريفية متفرقة مكونة من 25 امرأة، ويتم اختيار 5 نساء قياديات للمجموعة بانتخاب حر، كل ذلك بعد التوعية والتحفيز وإعطاء منهجية كاملة عن أهمية الادخار، والمجموعة يصبح لديها أسس وأدلة ونظام مالي ومحاسبي وإداري.

وعن كيفية تطوير المشاريع قالت آمال الشميري "بداية يتم تأهيل الشابات وإعطائهم دورات تدريبية مكثفة بحيث يكونوا قادرين على النزول الميداني إلى الريف وتأسيس برامج التمويل والادخار، وتبدأ الخطوة الثانية بعد تشكيل مجموعة مكونة من 25 امرأة ضمن مجموعة الادخار، لتدريبهم وتوعيتهم على المنهجية والإجراءات المالية والحسابية، حيث يتم اختيار نساء متعلمات نوعاً ما وتدريبهم بشكل مكثف على النظام الإداري والمحاسبي، وتقديم الدعم من ناحية التدريب، ودعم فني من ناحية الإشراف والمتابعة من استشاريين دعم الصندوق الاجتماعي للتنمية وهم الشباب الذين يمنحهم الصندوق الاجتماعي فرص عمل وتدريب وتأهيل وهي من أهداف الصندوق الاجتماعي للتنمية للقضاء على البطالة بين الشباب".

واختتمت آمال الشميري حديثها بالتأكيد على أهمية عمل البرنامج لتوفير دخل مستدام "إذا استمرت هذه البرامج ستنهض التنمية الاقتصادية في الريف بشكل جيد، فقد شهدنا نجاح تجارب أذهلتنا، حيث لمسنا تغيير لتوجهات وقناعات الأهالي بدلاً من الانتظار المساعدات العينية والشهرية، وبات الأهالي يتجهون نحو إدارة مشاريع وخصوصاً النساء، وقد نجحن بشكل كبير".