الوجه الخفي لقوانين الأحوال الشخصية في إيران

أكثر من ثلث نساء العالم يتعرضن للتمييز بأنواعه المختلفة من كافة مناحي الحياة الاجتماعية، والإيرانيات جزء من هذه المعادلة.

مالفا محمد

مركز الأخبار ـ في الوقت الذي تعمل فيه النساء في إيران على كسر القيود التي يضعها المجتمع، تسير الحكومات المتعاقبة على البلاد منذ عام 1979 في اتجاه مضاد، القوانين المدنية والأحوال الشخصية المتعلقة بـ "الزواج، الطلاق، النفقة، حضانة الأطفال، منح الجنسية، الميراث" وغيرها من الحقوق المدنية ذات نهج ذكوري تميز ضد المرأة.

 

قوانين مجحفة وأشكال عدة للزواج

تشمل قوانين الأحوال الشخصية والمدنية قضايا النساء الإيرانيات المتعلقة بالزواج الذي يعد الطريقة الوحيدة المقبولة لإقامة علاقة شرعية ما بين المرأة والرجل. واجهت كل أنواع الزيجات المستحدثة فشلاً ذريعاً ودفعت المرأة ثمناً باهظاً لها من استقرارها وأمنها وأُهدرت حقوقها وإنسانيتها وتم استغلالها بأبشع صور الاستغلال. مورس بحق ضحية هذا الزواج أشكال عديدة للعنف وهو ما زاد من مشاكل المجتمع، كما أن الأطفال ضحايا هذه الزيجات يدفعون الثمن الأكبر لغياب السكن والرحمة من الأبوين وضياع الأمن والاستقرار بينهما.

في عام 1907 أصبح من القانوني توقيع وثيقة قبل الزواج تعطي حقوقاً لا توفرها عقود الزواج العادية، وفقاً لأحكام هذا العقد يفقد الزوج حق تعدد الزوجات والطلاق غير المشروط، بينما تكتسب الزوجة حق طلب الطلاق وتقسيم الممتلكات والمطالبة بالحضانة المشتركة للأطفال والحصول على نفقة لهم. عملياً لم يكن لهذه العقود تأثير يذكر؛ لأن أغلب الرجال لا يقومون بتوقيعها، كما تم ربط المهور بالتضخم، واكتسبت النساء حقوقاً قانونية للمطالبة بالطلاق أكثر من ذي قبل.

إلا أنه في عام 2008 قدمت إدارة الرئيس محمود أحمدي نجاد "قانون دعم الأسرة" في البرلمان، وبموجبه سمح للرجل بأن يتزوج للمرة الثانية دون إذن زوجته الأولى، وتم إقرار ضريبة على المهر الذي تعتبره الزوجات نوعاً من الأمان المادي إذا تم الانفصال ولم يتم إجبار الزوج على دفع النفقة. وفي أيلول/سبتمبر 2008 أعيد مشروع قانون الضريبة إلى المجلس التشريعي مع شكاوى حول تعدد الزوجات والضريبة المذكورة، وتم حذفهم من القانون.

أثناء فترة حكم أحمدي نجاد شاع زواج المتعة "الذي يمكن أن يستمر من 30 دقيقة إلى مدى الحياة" نتيجة للمطالب المادية لاتفاقات ما قبل الزواج، وهو ما خلق أزمة سواء دولية أو مجتمعية من جانب الأوساط الرافضة، ورغم الرفض إلا أن مباركة السلطات تعد دافعاً لاستمرار هذا النوع من الزواج بسن فتوى أصدرت عام 1983 إبان حكم روح الله الخميني.

ورغم الرفض العالمي والشعبي وظهور حركات علمانية ترفض "تسليع" المرأة الجنسي بحد قولهم إلى جانب عدد من المؤسسات النسوية التي تعد هذا تسليعاً واضحاً أيضاً، وانتقاده بشدة بوصفه شكلاً من أشكال الدعارة المشروعة، إلا أنه أصبح نوعاً رائجاً داخل إيران له الكثير من المعجبين به سواء من إيران أو من خارجها، وله الكثير من النوافذ التي تسهل هذا النوع، ويتم تقديم تسهيلات عدة تقام من أجل إتاحة هذا الزواج الذي تختلف طرقه تحت مسمى "المتعة.

أما بالنسبة إلى فترة العدة عند المرأة في زواج المتعة فهناك من يقول أن المرأة لا تمثل لفترة العدة، إذ يمكنها الزواج في اليوم التالي من الطلاق بعكس الزواج الشرعي الذي يستلزم عدة مدتها ثلاثة اشهر، وفي بعض الآراء يعود تقرير العدة إلى أن تصل لمدة 45 يوماً بعد الزواج من أجل زواج آخر، وتأخذ الزوجة مقابل هذا الزواج المهر.

أكدت وثيقة نشرت على موقع ويكيليكس أن إيران تقوم بتقديم النساء من أجل الزواج المؤقت لعشائر إيرانية خلال رحلاتها في إيران، وذلك من أجل تعزيز نفوذها في العراق.

فأصبحت المرأة كمتاع بين أيدي الرجل يأخذها متى يشاء ويتركها حينما يريد عن طريق هذا الزواج الذي يفتقر إلى أدنى حقوق الزوجة كالنفقة والمأوى وغيرها الكثير، كما يتسبب في خلق أطفال يحرمون من أبسط حقوقهم في هذه الحياة.

ولا ننسى أن المجتمع الذكوري يتفنن باستحداث أشكال جديدة لاستغلال المرأة تحت مسميات وردية تكون مقبولة في مجتمعات محافظة، فكان الزواج الأبيض ابتكار جديد أدرج على لائحة استغلال المرأة برضا من المجتمع. وهو عبارة عن اتفاق شفهي بين شاب وشابة على العيش المشترك كزوجين "مساكنة"، لكن دون إضفاء أي صفة شرعية أو قانونية ودون التزام أي من الطرفين بأي حقوق أو واجبات، انتشر في المجتمع الإيراني منذ ما يقارب عقدين من الزمن، ويسمى هذا الارتباط بالفارسية "ازدواج سفيد" وهو يشبه إلى حد ما، علاقة الاصدقاء الحميميين المنتشرة على نطاق واسع في الدول الغربية، إذ أنه غير موثق بعقد رسمي أو عرفي.

ويعتبره علماء الاجتماع تهديداً وجودياً للحياة الأسرية والقيم المجتمعية التي تأسست عليها العائلة، كما يؤيد معارضو هذا الزواج هذه الفكرة ويؤكدون على أنه يهدم فكرة الأسرة من أساسها ويهدد مستقبل البلاد وهو مخالف للموروثات.

 

حرمان المرأة من الحق في الطلاق

فقدت النساء الحق في طلب الطلاق وحتى حضانة الأطفال قبل عام 1979، كان يتم فرض ضريبة على المهر "الصداق المدفوع إلى المرأة" إذا تجاوز المستوى الذي تعده الحكومة تقليدياً، وكان القضاة الذكور فقط هم يعينون في كافة المحاكم. وفقاً للخبراء "الفقر، البطالة، الإدمان، والافتقار إلى التعليم ما قبل الزواج" أسباب رئيسية للطلاق في إيران.

حتى عام 1968، كانت شؤون الطلاق والزواج تبت في المحاكم المدنية العادية، في عام 1967 أقر البرلمان أول قانون أسرة وأنشأ محاكم الأسرة وصار الطلاق ممكناً فقط بموجب قرار محكمة وبعد إثبات أن الصلح غير ممكن.

اعتمد قانون عام 1967 على أساس نفس مبدأ قانون 1936 الذي ينص على أن الزوج رأس الأسرة ورسم امتيازات مشابهة للرجل منها حرمان المرأة من حق حضانة أطفالهن بعد الطلاق، أو أن تكون الوصية على أطفالها، فبحسب القوانين الإيرانية لا يمكن للمرأة أن تصبح وصية على أطفالها. لا تستطيع أخذ أطفالها إلى المشفى دون أخذ الإذن من زوجها. لا تمللك أي قرار يخص مستقبل أطفالها. لا تستطيع فتح حساب مصرفي باسمها أو اسم أطفالها في البنوك. إذا اشترت منزلاً دون موافقة وتوقيع من زوجها يستطيع الزوج بيع ذاك المنزل. لا يستطيع الأطفال الاستفادة من الضمان الاجتماعي لأمهاتهم، خاصة إذا كان الزوج قد توفي. أو منح جنسيتها لأولادها حتى أن جنسيتها هي كانت معرضة للسلب من قبل الحكومة في حال تزوجت من رجل غير إيراني.

لم يحق لها العمل أو الزواج دون الحصول على إذن "ولي أمرها"، ويمكن أن يتم تطليقها في أية لحظة سواء كان بعلمها أو دون علمها بقول الزوج عبارة بسيطة يدمر بها حياة زوجته، كما كان من المتوقع أن تفاجأ بوجود زوجة ثانية أو ثالثة وحتى رابعة في منزلها دون أن تجد عوناً قانونياً يساندها.

صادق البرلمان على مجموعة تعديلات أخرى على قانون حماية الأسرة في عام 1976، تضمنت التعديلات الجديدة أحكاماً حسنت من حقوق النساء في بعض المجالات، مثل رفع سن الزواج إلى الـ 18، وإلغاء المادة 1133 صراحة وحاول إقامة نوع من المساواة في الزواج والطلاق بين الرجل والمرأة. في هذا القانون، تنحصر حرية الرجل في الطلاق في حالات معينة وأضيفت عليها شروط عدة.

ومع اندلاع الثورة الإسلامية والموافقة على قانون المحاكم المدنية الخاصة عام 1979، كان قانون عام 1967 من أولى القوانين الملغاة. أعاد النظام الجديد بعد الثورة أفضلية الرجال داخل مؤسسة العائلة "الأسرة" إلى حالها، وعمل على تقوية العادات والتقاليد والأفكار الأبوية كأن "الرجل عماد الأسرة، المرأة من جنس ثانٍ، المرأة والأطفال ملك الرجل داخل الأسرة".

في إيران التي تستند قوانين الطلاق فيها إلى الفقه الإسلامي اليوم، ويخضع إصدار حكم الطلاق لمحاكم الأسرة، يعتبر الطلاق من الشعائر (فعل قانوني انفرادي) يقوم به الرجل أو من ينوب عنه. يحدث الطلاق فقط بإرادة الرجل ولا يتطلب موافقة المرأة، حيث منح الرجال حقاً غير محدود بطلاق زوجاتهن خارج نظام المحاكم ووضعهم على رأس الأسرة بموجب القانون. وستحاول المحكمة التوفيق بينه وبين زوجته، وإذا لم يحدث ذلك، فستصدر تصريح طلاق.

منحت المرأة بعضاً من حقوق الطلاق كحق طلب الطلاق في ظل ظروف معينة. المادة 1130 من القانون المدني منحت المحكمة سلطة أكبر لإصدار حكم قضائي بالطلاق إن طلبته الزوجة، وفي حالات معينة يمكن للمرأة توكيل محام والإسراع من عملية الطلاق.

كما يمكن لهن طلب الطلاق في حالتين، الأولى إذا كانت قد حصلت عند الزواج أو بعده على توكيل رسمي من زوجها بالطلاق، ومن الشائع منح هذا التوكيل كشرط للزواج، وفي هذه الحالة تقوم الزوجة بالطلاق نيابة عن الزوج، والثاني يجب يكون هناك شرط من الشروط المنصوص عليها في القانون المدني لكي تقدم المرأة طلب الطلاق.

في عام 2007 أعطى القانون المدني صلاحية البت في الخلافات الأسرية لمحاكم الأسرة، لا تزال النسخة الحالية من القانون المدني تتضمن أحكاماً تمييزية تعطي الرجل حق سلطة اختيار مكان سكن الأسرة، وتسمح له بمنع زوجته من عمل يعتبره ضد قيم الأسرة أو مضراً بسمعته أو سمعتها بموجب قرار المحكمة.

وبالتالي، تضع قوانين إيران المناهضة للمرأة شتى أنواع العقبات أمامها لحرمانها من الحق في الطلاق. ويعتبر هذا التمييز جزءاً من سياسة القمع الشامل للمرأة لإبقائها على الهامش.

 

زواج القاصرات... أرقام رسمية مفزعة

في الوقت الذي تناضل فيه الناشطات الإيرانيات لكسر القيود المجتمعية، تسير الحكومات الإيرانية المتعاقبة منذ عام 1979 في اتجاه مضاد لهن، بلغ أدنى مستوى له بتزويج القاصرات. على الرغم من أن القانون المدني الإيراني وضع سن معينة للزواج، إلا أن فيه ثغرات تسمح بزواج الفتيات في سن الـ 9، وكذلك في سن أصغر إذا سمح القاضي.

أدخلت بعض التغييرات التشريعية إلى قوانين الأسرة منها تغيير سن الزواج للفتيات من عمر التاسعة إلى بدء البلوغ، ولم تعد حضانة الطفل حقاً ثابتاً للأب، بل خضعت لقرار من المحاكم المدنية الخاصة. في وقت تعتبر منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونسيف"، الزواج تحت سن الـ 18 عاماً انتهاكاً لحقوق الإنسان وتطلق عليها اسم "جريمة زواج القاصرات".

إلا أن لإيران رأي آخر. يرفض المجتمع والقانون الإيراني الالتزام بالقوانين العالمية وببيانات منظمة الصحة العالمية، إذ وضع نظام الملالي قواعده وقوانينه الخاصة التي تسمح بزواج الفتاة في سن الـ 13 عاماً والفتى 15 عاماً، بموافقة أولياء الأمور وموافقة المحكمة وفقاً للمادة 1041 من القانون المدني تعديلات عام 1961. إذ سمح للأب أن يذهب للقاضي ويخبره أن ابنته تصلح للزواج وأن إتمام تلك الزيجة تصب في صالحها، فتجيز المحكمة الزواج لتلك الفتاة.

الفتيات اللواتي يتزوجن دون السن القانونية يتعرضن للعديد من التحديات والتهديدات من مشاكل بالصحة الجسدية لافتقارهن إلى أدنى معلومات عن العلاقة الجنسية وممارستها بشكل آمن، ويعتبرن ضحايا الزواج المبكر، بحسب منظمة الصحة العالمية فأن "الفتيات ضحايا الزواج المبكر غير قادرات على الدفاع عن أنفسهن ضد العنف الأسري".

وقد أعلنت المنظمة الخيرية "بهزيستي" أن نسبة الزيجات بين الأطفال في إيران وصلت إلى أكثر من 42% بين عامي (2018ـ2020)، كما وأصدرت منظمة الإحصاء الإيرانية بيانات تؤكد على وجود 242 ألف حالة لزواج الفتيات تحت سن الـ 15 عاماً، 194 حالة كانت للفتيات دون سن الـ 10.

كما وكشفت مساعدة الرئيس الإيراني حسن روحاني لشؤون المرأة والأسرة معصومة ابتكار، إن 30 ألف حالة زواج على الأقل من فتيات تقل أعمارهن عن 14 عاماً تتم سنوياً في البلاد، واعتبرت أن زيادة قروض الزواج التي تمنحها إيران للراغبين في الارتباط رسمياً يمكن لها أن تكون باباً خلفياً للزواج من قاصرات.

وفي السنوات الأخيرة حاولت بعض نائبات البرلمان تغيير سن الزواج في القوانين الإيرانية لكن قوبلن بمقاومة حادة من قبل نواب آخرين بما في ذلك رجال الدين، وأصبحت تتركز أغلب حالات زواج وطلاق القاصرات في أقاليم "أصفهان، هرمزجان، خراسان رضوي، خوزستان، سيستان، بلوشستان، أذربيجان الشرقية والغربية".

 

محاولات لرفع سن الزواج

أجري في عام 1961 أولى المحاولات لتغيير المادة 1041 من القانون المدني الإيراني الذي تمت الموافقة عليه ما بين عامي (1895ـ1896)، وبحجة أن المادة غير قانونية تم إحالتها من قبل مجلس صيانة الدستور إلى مجمع تشخيص مصلحة النظام وهو الهيئة الاستشارية العليا في البلاد.

وفي عام 2017 قدمت خطة لتعديل المادة 1041 إلى مجلس الشورى الإسلامي وبموجبها تم حظر زواج الفتيات قبل بلوغهن الثالثة عشر عاماً. وبناءً على قرار مجمع تشخيص مصلحة النظام تم في عام 2002 تعديل المادة 646.

كان تحديد الملاءمة الزوجية مسؤولية ولي الأمر وحده بشرط الحصول على تصريح من المحكمة. وعلى الرغم من أن المادة 646 من قانون العقوبات الإسلامي ينص على "السجن من ستة أشهر إلى سنتين في حالة الزواج غير المصرح به"، ولكنه مجرد نص لا يتم تطبيقه بشكل فعلي على أرض الواقع.

 

منح الجنسية

لا تستطيع المرأة الزواج برجل أجنبي غير إيراني من دون موافقة رئيس الوزراء. كانت المرأة الإيرانية تفقد جنسيتها الإيرانية عندما تتزوج برجلٍ أجنبي من جنسية أخرى غير الإيرانية. ينسب أطفالهم في هذه الحالة إلى الأب. فعلى سبيل المثال إذا كان الأب أفغانياً والأم إيرانية فإن الأطفال يعتبرون أفغان. لا يملك هؤلاء الأطفال حق العيش في إيران.

لم يكن يسمح للإيرانيات نقل جنسيتهن إلى أزواجهن المولودين في الخارج أو أطفالهن أسوة بالرجال الإيرانيين بحسب القانون المدني الإيراني، وعلى إثر ذلك شن نشطاء حملة لتغيير الوضع التمييزي القائم في قانون الجنسية لأكثر من عقد، على الرغم من أن إيران طرف في المعاهدات الدولية لحقوق الإنسان التي تحظر التمييز ضد المرأة في منح الجنسية، بما في ذلك العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، واتفاقية حقوق الطفل التي تدعو الدول على وجه التحديد إلى ضمان تمتع جميع الأطفال بالحق في اكتساب الجنسية وغيرها من الحقوق دون تمييز من أي نوع ضد الطفل أو والديه.

بعد أكثر من عقد من النشاط الحقوقي للمرأة، في 2 تشرين الأول/أكتوبر عام 2006 وافق مجلس صيانة الدستور وهو هيئة مؤلفة من 12 فقيهاً إسلامياً، على قانون معدل أقره البرلمان الإيراني في 13 آذار/مارس من نفس العام يسمح للإيرانيات المتزوجات من رجال أجانب بطلب الجنسية الإيرانية لأطفالهن الذين تقل أعمارهم عن 18 عاماً.

وسمح قانون جديد للمرأة الإيرانية المتزوجة من رجل يحمل جنسية أجنبية بنقل جنسيتها لأبنائها، لكن المرأة ظلت تتعرض للتمييز المجحف. منحت أول جنسيتين إيرانيتين لمولودين من أم إيرانية وأب أجنبي، وذلك بعد المصادقة على قانون منح الجنسية الإيرانية للأبناء والبنات المولودين من أمهات إيرانيات وآباء غير إيرانيين، وذلك وفقاً لقرار مجلس الشورى لعام 2019.

وبناءً على القانون تمت الموافقة على منح الجنسية الإيرانية منذ الولادة، بعد تقديم الطلب من قبل الأم الإيرانية، بينما كان في السابق بإمكان الأفراد فوق سن الـ 18 فقط الاستفادة من قانون الجنسية، كما أن كافة المراحل والإجراءات التي كانت تعرقل منح الجنسية قد تمت إزالتها. وعليه بإمكان الأم الإيرانية منح الجنسية الإيرانية لمولودها فوراً سواء كانت مقيمة في إيران أو في أي بلد آخر.

وبالرغم من ذلك لا يمنح تعديل قانون الجنسية مساواة كاملة في الحصول على الجنسية، حيث يجب على المرأة الإيرانية التقدم بطلب للحصول على الجنسية لأطفالها، في حين يمنح أطفال الرجال الإيرانيين الجنسية تلقائياً.

 

الأبناء الذكور يرثون ضعف ما ترثه الإناث

كانت المرأة ترث من تركة أبيها نصف ما يرثه أشقاؤها الذكور، وترث من تركة زوجها الربع فقط إن لم تلد منه "ذكراً"، وفي حال كان لها ولد ترث من زوجها ثمن التركة. كان موضوع الإرث يحتل أولوية في مجال حركة المطالبة بتغيير التشريعات لأنه حق اقتصادي ويرتبط بشكل مباشر بالمسائل المعيشية للنساء.

في إيران عند وفاة كل من الأم والأب لنفس الأبناء على حدٍ سواء يرث الأبناء الذكور ضعف ما ترثه الإناث. في عام 2004 صوت مجلس الشورى الإيراني الإصلاحي المنتهية ولايته والذي خلفه في 27 من أيار/مايو 2004 مجلس جديد غالبية أعضائه من المحافظين، على قانون يساوي بين الجنسين في الميراث، وبموجب القانون الجديد بات يحق للمرأة عند وفاة الزوج وفي غياب وريث آخر، أن ترث مثل الرجل جميع ممتلكات المتوفى.

لكن في حال وجود ورثة آخرين من ذريته فأن نصيب المرأة من الميراث لا يقتصر فقط على الأثاث والعقارات بل أصبح يشمل كل التركة وخاصة الأراضي. وقد رفض أعضاء مجلس صيانة الدستور وغالبيتهم العظمى من المحافظين في الماضي بانتظام كل قانون يذهب في هذا المنحى.

وفي نهاية عام 2008 أقرت اللجنة القضائية في مجلس الشورى الإيراني تعديل قانوني زاد من حصة النساء من إرث الزوج، وأعطى التعديل الذي استند إلى فتوى للمرشد الأعلى للجمهورية آية الله علي خامنئي، المرأة حصة من أرض الزوج المتوفى بعدما كانت محرومة من ذلك.

قضت الوجهة الأولى من التعديل القانوني، أن من حق المرأة أن ترث من جميع ما تركه الزوج، وتشترط الثانية وجود ولد للزوجة لترث في الأرض، وترى الثالثة حرمان الزوجة من إرث الأرض سواء أنجبت أم لم تنجب، وكان تعديل مشابه قد طرح في السابق أمام الدورة السادسة لمجلس الشورى ولكنه أجهض برفض من مجلس صيانة الدستور.

وأجرت اللجنة الحقوقية والقضائية في مجلس الشورى تعديلات جوهرية على المادتين 946 و947 من القانون المدني، ووفقاً للمادة 946 "يحق للزوج أن يرث من جميع أموال الزوجة، أما الزوجة فترث فقط من الأموال المنقولة والأبنية والأشجار"، وتقضي المادة 947 بأن "الزوجة ترث من قيمة الأبنية والأشجار ولا ترثها بذاتها".

 

غداً: المرأة الإيرانية والحجاب... عقود من النضال (1)