نسويات مشاركات في الندوة: قانون مكافحة العنف ضد المغربيات ناقص

أكدت نساء شاركن في ندوة تكوينية على أن محاربة التمثلات يجب أن تتم من قبل المرأة نفسها، مشيرات إلى أن أولى إشكاليات الترسانة القانونية تتمثل في وسائل إثبات وقوع العنف، مشددات على ضرورة التحسيس والتوعية انطلاقاً من الأسرة.

حنان حارت

المغرب ـ اختتمت جمعية التحدي للمساواة والمواطنة، أمس الخميس 19 أيار/مايو، الدورة التكوينية التي نظمتها على مدى يومين في مدينة الدار البيضاء في المغرب، حول آليات التبليغ عن العنف الموجه ضد النساء.

في مداخلة لها قالت الأستاذة الجامعية بكلية الآداب الإنسانية بالمحمدية حكيمة العلا أن التمثلات المجحفة بحق المرأة باعتبارها نتاج عقلية أبوية، يعاد إنتاجها من قبل النساء، في حين أن محاربة هذه التمثلات يجب أن يتم من قبل النساء أنفسهن.

وعلى هامش الدورة التكوينية قالت حكيمة العلا لوكالتنا أن التمثلات التي تتحكم في التنشئة الاجتماعية للمرأة، والتي يتم فيها إدماج مفهوم العنف كمفهوم عادي في إطار التنشئة النسوية، يجعل المرأة تستقبل هذا المفهوم وتعتبر أن أي نوع من العنف يمارس ضدها سواء كان جسدياً أو نفسياً أو غير ذلك من أشكال العنف هو شيء عادي.

وأوضحت أن التنشئة الاجتماعية ترسخ في عقلية النساء مفهوم الخوف، ما يجعلها تخضع للواقع الاجتماعي، وهكذا تعمل على تفادي الصراع والخلاف مع المجتمع بالخضوع للعنف، "في إطار وجود تمثلات في المجتمع أو التنشئة الاجتماعية في المغرب، فهناك نوع من التدرج في المجتمعات الشعبية التي فيها تواجد كبير وطاغي يخلق عجزاً في استقلالية المرأة والإحساس بذاتيتها والتحكم في مصيرها وبين الطبقة المتوسطة أو طبقة النخبة العالية".

وأكدت على أنه "هناك مطالب بقراءة الواقع النسائي في السياق الحالي، ودعوة لوضع قواعد وقوانين تكون أكثر حماية للمرأة بغض النظر عن التمثلات التي تتغول في المجتمع المغربي".

 

 

ومن جهتها سلطت الناشطة الحقوقية والمحامية زاهية عمومو، خلال الندوة الضوء على قانون مكافحة العنف ضد النساء المغربيات، وشرحه أمام المستفيدات من أجل الوقوف على الثغرات القانونية لهذا القانون.

وحول ما إذا كانت التشريعات القانونية الحالية كفيلة بحماية النساء من العنف بجميع أشكاله وهل هناك حماية حقيقية للنساء المعنفات قالت "قانون مكافحة العنف ضد النساء الذي صدر عام 2018؛ يعتبر مكسباً للمرأة المغربية، لكنه مثل كثير من القوانين تتضمن إشكاليات، لكن يجب العمل على معالجتها"، مشيرةً إلى أن أولى تلك الإشكاليات تتمثل في وسائل الإثبات، خاصةً وأن العنف ضد النساء يتم في فضاءات خاصة ما يصعب عملية إثبات تعنيفها للمشرع أو أمام الشرطة أو الأمانة العامة للحصول على حكم قضائي.

وأضافت "يجب خلق وسائل إثبات جديدة بعيداً عن الوسائل التقليدية، فضلاً عن أهمية توفير الشهادة الطبية بعد الاستماع للشهادات حتى لا يضيع حق المعنفة"، لافتةً إلى أهمية السعي لتوفير هذه الشروط التي تضمن نجاحه ونجاعته في الضغط على نسب العنف.

وتساءلت الناشطة النسوية عن مدى استجابة هذا القانون لمطالب الحركة النسوية في المغرب التي عملت عقوداً من أجل وضع قانون لمناهضة العنف الذي يمس المرأة، ويعمل من أجل حمايتهن من كل أشكال التعنيف التي تستهدفهن في الفضاء الخاص والعام، مؤكدةً أن هناك مطالب نادت بها الحركة النسوية لم يشملها القانون.

وأشارت إلى أنه هناك مطالب مستمرة من قبل الحركة النسوية لتحسين بعض الثغرات في القانون13/103 لمكافحة العنف، معتبرةً أن ارتفاع نسب العنف خلال السنوات الأخيرة أكبر دليل على أن به نقائص ولم يكن ناجعاً بتلك الكيفية المنتظرة.

 

 

وعن دور الإعلام في التصدي لظاهرة تعترض النساء، لفتت إلى أنه يمكن للإعلام لعب دوره من خلال التحسيس والتوعية وتوضيح بنود القانون وتفسيره والتعريف به للعامة، مشددةً على أن الاصلاح يبدأ من الناشئة والمدرسة وصولاً إلى الفئات الأخرى بغض النظر عن اختلافاتها، معتبرةً أنه من المهم الحديث عن قانون مجابهة العنف مع الأطفال في المدارس وعن وسائل الحماية لتربية الأجيال على أن العنف ظاهرة سيئة هدفها تفكيك الأسرة والمجتمعات فقط وله تأثيرات سلبية على شخصية الضحية والجاني.

وأضافت "حين يشاهد الطفل تعنيف والدته من قبل والده في المنزل، حتما سيكتسب ذلك السلوك ويحمله معه إلى المدرسة والشارع، وبالتالي يجب سن استراتيجيات لوضع برامج مدرسية تتناول هذه الظاهرة وتفسر خطورتها للأطفال حتى نتمكن من تربية جيل متوازن يحترم النساء ويؤمن بقضاياهن ويشعر بمآسيهن".

وشددت على ضرورة التحسيس والتوعية انطلاقاً من الأسرة، باعتبارها نواة أولى، معبرةً عن أسفها لعدم معرفة بعض الأولياء بقانون 103/13 لمكافحة العنف نتيجة نقص الحملات الإعلامية في الترويج له كمكسب نسوي مغربي.

وقالت في ختام حديثها "الخلل يكمن في جميع المتدخلين الذين لم يسوقوا للقانون كما يجب، لتوعية المجتمع لمكافحة الآفة وهي مسؤولية يتقاسمها المجتمع المدني والنسوي والدولة على حد سواء".