مؤامرات وأعوام مختلفة تلتقي في محطة تاريخية واحدة

من سجن القائد أوجلان إلى احتلال سري كانيه وكري سبي واتفاقية ٩ تشرين الأول وصولا إلى اختراق أجواء شمال وشرق سوريا، الاحتلال التركي لا يزال مستمرا بمؤامرته الدولية إثر فشل مساعيه ومخططاته.

سيلفا الإبراهيم

منبج – لا تزال المؤامرة الدولية التي بلغت عامها الخامس والعشرين، متواصلة بطرق وأساليب عدة مستهدفة نهج القائد أوجلان وشعبه، بعدما فشلوا في القضاء عليه بسجنه وعزله عن شعبه.

تختار تركيا تواريخاً وأياماً محددة للاستمرار بالمؤامرة الدولية التي حيكت ضد القائد عبد الله أوجلان، وبدأت في التاسع من تشرين الأول/أكتوبر عام ١٩٩٨، بإخراجه من الأراضي السورية، وهو ذات اليوم الذي شنت فيه تركيا ومرتزقتها هجمات على كل من مدينتي سري كانية/رأس العين وكري سبي/تل أبيض عام ٢٠١٩، والذي انتهى باحتلالهما، كما أنه في ذات اليوم من عام 2020 أبرم اتفاقاً بين الحكومة العراقية والحزب الديمقراطي الكردستاني بإملاء من تركيا، ضد شعب شنكال بإقليم كردستان، وأخيراً شن سلسلة هجمات بطائرات مسيرة وحربية على مناطق شمال وشرق سوريا مدمرا بذلك كل المرافق الحيوية والبنية التحتية قبل حلول الذكرى الخامسة والعشرين للمؤامرة الدولية بخمسة أيام، وكل ذلك أمام مرأى العالم أجمع الذي لا يزال يلتزم الصمت ويلعب دور المتفرج.

 

بداية المؤامرة

تقول عضوة مجلس تجمع نساء زنوبيا في مدينة منبج آسيا حسين وهي نازحة من مدينة سري كانيه المحتلة، عن السياسات الممنهجة التي تتبعها تركيا "كلما اقترب موعد ذكرى بدأ المؤامرة الدولية تعمل تركيا بطرق وأساليب مختلفة على استمرارها، فعندما أُخرج القائد أوجلان من سوريا بعد سلسلة من التهديدات، اجته لعدة دول رغم أنه كان يعلم أنه لن يحصل على اللجوء السياسي مع العلم أن قوانين تلك الدول التي حط فيها القائد أوجلان، تمنح اللجوء السياسي للمطلوبين دولياً، كان القائد أوجلان يسعى لإيصال رسالته للعالم أجمع إلا أنه رغم كبر العالم وعدد دوله التي تتجاوز التسعين، لم يتم استقباله او احتوائه أو منحه حتى شبر صغير من أراضيها".

وأضافت "رغم أن رسالته وقضيته كانت رسالة سلام وديمقراطية بين الشعوب ولم يرتكب أي جريمة بحق أحد، قوبلت مطالبه بسجنه في جزيرة إمرالي، وهنا تظهر ازدواجية مدعي حقوق الإنسان فرؤساء الدول الذين يرتكبون جرائم حرب ومجازر حرين وطلقين بينما القائد أوجلان لأنه يحمل رسالة السلام تم عزله عن العالم وشعبه في الجزيرة".

 

أسباب حبك المؤامرة ومعادة رسالة سلام

وعن أسباب ازدواجية تقاربات المجتمع الدولي ومن يدعون بأنهم منظمات حقوق الإنسان أوضحت "لأن فكر وفلسفة القائد عبد الله أوجلان تنهض بالمجتمعات ضد العبودية وتجار الحروب والرأسمالية، وتدعو لبناء أمة ديمقراطية توحد بين الشعوب وترسخ مفهوم التعايش المشترك، وهذا ما يخالف مساعي السلطات لأنها ببساطة ذات فكر شوفيني تبني نفسها وتحقق نفوذها على استمرار الحروب وتعميق الأزمات وسفك الدماء والحل الذي طرحه القائد أوجلان يضرب أجندتهم المبنية على كسر إرادة الشعوب عرض الحائط، لأن هذه السلطات الفاشية ترى الفرد الحر والشعب الحر خطراً على وجودها وعلى وجه الخصوص فلسفة القائد أوجلان، التي ليس لها حدود قومية او جغرافية، حيث يحتضن كافة الشعوب بريادة الكرد".

 

إفشال المؤامرة

ولفتت آسيا حسين إلى نتائج وأهداف المؤامرة التي سعت للقضاء على فلسفة القائد عبد الله أوجلان "عندما نفذت المؤامرة في 15 شباط عام ١٩٩٩، وسجن القائد أوجلان في جزيرة إيمرالي ظن المتآمرون بأنهم قضوا على هذه الفلسفة، إلا أن هذه الأفكار تشعبت بين المجتمع واحتضنها الشعب، فملايين النساء نزلن إلى الساحات وأكدن على تضامنهن مع القائد أوجلان ورفضن المؤامرة والكثير من الأشخاص أقدموا على إحراق أنفسهم وإنهاء حياتهم تعبيرا عن احتجاجهم وسخطهم من الاعتقال".

وأشارت إلى أن "القائد أوجلان هو الآن يقبع في السجن وتفرض عليه عزلة مشددة منذ سنوات إلا أن فكره وفلسفته باتت تحيا في قلوب وعقول الباحثين عن الحقيقة والحرية"، مؤكدة على أن الدول التي حاكت المؤامرة لم ولن تصل إلى أهدافها.

 

التفاف المرأة حول فلسفة القائد أوجلان

وحول سعي المرأة دون غيرها للسير على خطى القائد اوجلان والمطالبة بالإفراج عنه تقول "هناك الكثير من الثوار تصدرت أسماءهم التاريخ وثورات الشعوب ولكن لم نجد أي ثائر يبحث في قضية حرية المرأة، إلا أن القائد أوجلان كانت المرأة وقضية تحريرها على رأس دعواته ومطاله ومشروعه وفلسفته، ويعد أول من طرح قضايا المرأة التي استبعدت عبر التاريخ، حيث انتشلها من قاع العبودية، لقد رأينا كيف التفت النساء من كافة المكونات حول فكره وفلسفته".

وعن استمرارية المؤامرة بأشكالها المختلفة تقول "تركيا تختار عمداً تواريخا وأياما محددة للاستمرار في مؤامرتها ضد إبادة الشعوب التي تواصل السير والنضال على نهج القائد أوجلان"، مؤكدة على أن "هدف تركيا ليس القائد أوجلان بل فكره الذي كان سبباً في الثورة التي تحققت في روج آفا والتعايش المشترك في المنطقة بالإضافة إلى التنوع الثقافي".

 ونوهت إلى أن الهجوم على سري كانية وكري سبي واحتلالهما في التاسع من تشرين الأول/أكتوبر عام ٢٠١٩، يعد استمرار للمؤامرة، لافتةً إن تركيا بذلك تجاوزت كافة القوانين الدولية وانتهكت سيادة الدول المجاورة لها في الوقت الذي يغضى فيه العالم أجمع النظر عما يحدث.

وأوضحت أن "الهجمات والمؤامرة لم تقتصر على ذلك، حيث تم استهداف قضاء شنكال كذلك في التاسع من تشرين الأول/أكتوبر عام ٢٠٢١، بالتعاون مع الحزب ديمقراطي الكردستاني والحكومة العراقية، للنيل من إرادة الشعب الذي نظم نفسه بعد مجزرة الثالث من آب عام ٢٠١٤".

وحول سلسة الهجمات التركية الأخيرة على مناطق شمال وشرق سوريا واستهداف نضال المرأة لفتت آسيا حسين إلى أن "تركيا لا تزال إلى يومنا الراهن تنتقم لهزيمتها في القضاء على فلسفة القائد أوجلان باستهداف المناضلين/ات الذين ينتهجون فكر القائد عبد الله اوجلان كأمثال الشهيدة شرفين سردار التي استشهدت مع رفيقاتها بمسيرة تركيا، فقط لأنها امرأة ناضلت من أجل حماية مجتمعها والرقي به وكذلك السياسية هفرين خلف التي كانت تناضل من أجل وحدة سوريا".

وعن الصمت الدولي حيال هذه الجرائم بحق النساء أفادت "الجرائم التي ترتكبها تركيا تتجاوز قوانين المجتمع الدولي، الذي يتقبل ما يرتكب من جرائم بحق النساء لأنها تبحث عن المرأة المستعبدة لذا ليست لديها أي مشكلة".

 

'تواطئ إقليم كردستان مع الاحتلال في هيأت الأرضية للمؤامرات وتنفيذ الإبادات'

وناشدت لتوحيد الصف الكردي وانتقدت واستنكرت تواطئ الحزب الديمقراطي الكردستاني مع تركيا "على مسعود برزاني مراجعة نفسه وعدم التواطئ مع الاحتلال لاستهداف بنات وأبناء الشعب الكردي الذين يناضلون في مناطق الدفاع المشروع، وان يكون يد العون لأبناء جلدته وليس للاحتلال، لأن تركيا هدفها إنهاء الكرد، وعلى شعب إقليم كردستان إبداء موقف حيال تقاربات مسعود برزاني من القضية الكردية".

وعن العزلة المشددة المفروضة على القائد عبد الله اوجلان تقول "الهدف من العزلة المشددة على القائد أوجلان منذ أكثر من عامين إبعاده عن شعبه عن الشعب في ظل هذه المرحلة الحساسة والمرحلة المهمة التي يمر فيها العالم لأن تحليلات القائد أوجلان تحمل رسائل السلام والحلول لأزمات العالم وهذا ما لا يروق للسلطات المهيمنة التي تبني نفسها على الحروب والتجارة بالأسلحة وسفك الدماء".

وفي الختام استنكرت المؤامرة الدولية وناشدت المنظمة الدولية لمناهضة التعذيب اللقاء بالقائد اوجلان وفك العزلة المفروضة عليه.