ارتفاع الأسعار في إيران... استهلاك منتجات الألبان يشهد انخفاضاً حاداً

سجل مركز الإحصاء الإيراني، أعلى ارتفاع في أسعار المواد الغذائية خلال شهر، كما أفادت التقارير بوجود موجة غلاء مرتقبة في أسعار جميع أنواع منتجات الألبان.

لارا جوهري

مهاباد ـ يعد التضخم والركود في السوق الإيرانية أحد العوامل التي أثرت بشكل مباشر على الوضع الاقتصادي في البلاد، وتسبب في تغيير جذري في خط الفقر.

بحسب ما أعلن عنه بعض المسؤولين في إيران كعضو اللجنة الاقتصادية وممثل شعب بوناب في المجلس الإسلامي الإيراني محمد باقري بنابي، فإن خط الفقر في طهران بلغ 30 مليون تومان، وفي غيرها من المدن بلغ حوالي 24 مليون توماناً، ووفقاً لبعض النشطاء العماليين فإن الرقم أعلى من ذلك بكثير. ويحتل تأمين قوت اليوم ووجبة طعام للعائلة ودفع إيجار المنازل قائمة اهتمامات أهالي إيران وشرق كردستان

 

حالة سوق مربي الماشية

في الربع الأول من عام 2023، حدثت زيادة بنسبة 25% في سعر الحليب الخام، حيث ارتفع من 12000 تومان إلى 15000 تومان، كما وارتفع سعر السمن من 150 ألف تومان إلى 200 ألف تومان، أي أن أسعار منتجات الألبان ازدادت بنسبة 34%.

إن زيادة سعر الحليب من 12 إلى 15 ألف تومان لا يزال غير اقتصادي لمربي الماشية، حيث يتم إنتاج 9 ملايين طن أو 9 مليارات كيلوغرام من الحليب في البلاد كل عام، إن منتجات الألبان تلعب دوراً مهماً في الدورة الاقتصادية لإيران، إلا أن مربو الماشية يواجهون مشاكل كبيرة حتى بعد ارتفاع الأسعار بسبب التضخم الكبير الذي يحكم الاقتصاد.

يقول "أمير. ك" أحد مربي الماشية في مدينة مهاباد، أن "الربع الأول من العام الجاري كان جيداً ولكنه مكلفاً جداً، فقد أدى توفير مدخلات الأعلاف والثروة الحيوانية بالإضافة إلى زيادة أسعار النقل والأجور، إلى زيادة الضغط علينا. التضخم في إيران يرتفع شهرياً، لكن الحكومة تأتي وتحدد سعر الحليب لنا دون التفكير في مقدار زيادة نفقاتنا ولا الأخذ برأينا، لقد أعلنّ إفلاسنا مع ارتفاع سعر الحليب بنسبة 25% في الوقت الذي ارتفعت فيه أسعار الأعلاف والثروة الحيوانية للضعف، لقد تركونا مترددين في تسعير اللحوم وتصديرها".

مع بداية العام الجاري، ارتفعت أسعار نقل منتجات الألبان بنسبة 30%، ورواتب وأجور العمال بنسبة 25%، والمنتجات البتروكيماوية بنسبة 100%، ومن بين 800 مصنع تنتج منتجات الألبان يعمل حالياً 300 مصنع فقط يعتمد الكثير منها على تصدير وبيع منتجات الألبان بالدولار، وهو ما أثر على منتجي الألبان المحليين ومعظمهم من النساء، فهم لا يتمتعون بأي دعم.

بدورها قالت فاطمة شريفي إحدى بائعي ومنتجي الألبان الذين أغلقوا متاجرهم الصغيرة لمدة شهر "كنت أشتري الحليب من القرية وأصنع الزبادي والجبن والزبدة وما إلى ذلك. لقد أغلقت متجري منذ شهر لأنهم رفعوا الإيجار، فلا أستطيع دفع 5 ملايين تومان شهرياً أجار المحل"، مشيرةً إلى أن "مربية الماشية لم تكن تقبل ببيعي الحليب مقابل 15 ألف تومان إلا إذا اشتريت كمية كبيرة".

وأضافت "يعتقد الذين يأتون لشراء الحليب أنه خطأنا في زيادة السعر، وقد اختلفت معهم عدة مرات، ومع ذلك فقد انخفض بيع الحليب واللبن والجبن المنتجات التي كانت تعتبر الأكثر مبيعاً، لذا قررت عدم العمل في الوقت الحالي وأغلقت المحل".

إن المصانع الكبرى التابعة للحكومة، قد سيطرت على سوق التصدير، وما فاجأ الأهالي هو انخفاض أسعار منتجات الألبان الإيرانية في أسواق خارجية أخرى مقارنة بالسوق المحلي، فعلى سبيل المثال، حالياً تباع ثلاث علب من الكريمة في العراق بسعر يعادل 40 ألف تومان، فيما يبلغ سعر العلبة الواحدة في إيران 40 ألف تومان.

 

حالة مخازن منتجات الألبان

لطالما كان لمنتجات الألبان مكان على مائدة جميع العائلات في إيران، ولكن ارتفاع أسعار هذه المنتجات دفع بالأهالي إلى إزالتها من قائمة المواد الغذائية الضرورية، وانخفض استهلاكها، ووفق ما أفاد به بائعي منتجات الألبان، فإن شراء المنتجات المحلية بدون مواد حافظة ليست مربحة للغاية، وقد لا يتم بيعها حتى.

تقول کبری کریمي صاحبة محل ألبان في مدينة مهاباد أن "الزبدة واللبن المحلي كانا شائعين للغاية ولا يزالان من بين المنتجات الأكثر رواجاً، يليها الجبن المحلي، ولكن منذ أن ارتفعت الأسعار، انخفض عدد المقبلين على شرائها، فسعر لتر واحد من الحليب المحلي يبلغ 20 ألف تومان، أما اللبن البقري فيبلغ سعر الدلو 70 ألف تومان"، مشيرةً إلى أن المقبلين على شراء منتجات الألبان الذين كانوا يشترون كيلو من الحليب أصبحوا يشترون الآن نصف الكمية.

من جانبه يقول "كاوا. آ" صاحب سوبر ماركت "آخر شيء يشتريه الناس هو علبة الجبن المعلب أو الزبادي، ولم نحضر منتجات مثل جبن البيتزا وجبن البارميزان لعدة أشهر، لأن الكمية التي أحضرناها سابقاً لم تنفد بسهولة حتى أن البعض منها انتهت صلاحيته".

وأوضح أن "منتجات الألبان هي أحد المنتجات الثابتة في كل محلات بيع المواد الغذائية، لكننا نرى مقدار انخفاض مبيعاتها، لدينا دخل أقل ومشتريات أقل بالجملة. الآن في الصيف تمت إضافة الآيس كريم إلى قوائم التسوق، وقد رأيت بنفسي عندما يشتري الأهالي الآيس كريم لأطفالهم فهم يتخلون عن شراء الحليب أو الزبادي".

وتقول نسرين كريمي "في السابق عندما كان لدي ضيوف ولم أكن أرغب في إنفاق الكثير كنا نشتري خبز التنور والزبادي والجبن، لكن الآن أصبح مكلفاً للغاية. كان الأطفال يشربون كوباً من الحليب يومياً، حتى أنه في المدرسة لم يعودا يقدمون الحليب للأطفال ويقولون إن الحكومة لا تدعمها. همنا الوحيد هو النمو الطبيعي لأولادي، وإذا كان الأمر سيتدهور أكثر، فمن المحتمل أن ألغي منتجات الألبان من قائمة طعامنا".

في السنوات الأخيرة كان استهلاك منتجات الألبان في إيران نصف المتوسط ​​العالمي والآن وصل إلى أقل من 70 كيلوغراماً، وهذا الرقم يمثل استهلاك ثلث الدول المتقدمة، في الوقت الذي تعتقد فيه وزارة الزراعة أن الزيادة الجديدة في أسعار منتجات الألبان لا تتوافق مع صيغة المنظمة الداعمة، ومن المتوقع أن ترتفع أسعار هذه المنتجات مرة أخرى.