الاحتجاجات الإيرانية مستمرة وناشطات تنددن بقمع المتظاهرين

تستمر الاحتجاجات ضد مقتل الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في يومها الثاني عشر، مع اتساع موجة الاعتقالات والاعتداءات على المتظاهرين.

مركز الأخبار ـ تصاعدت ردود الفعل الدولية تجاه القمع الذي يمارسه النظام الإيراني ضد المتظاهرين، وسط تحذيرات ومطالب غربية بفرض عقوبات جديدة ضد النظام.

 

احتجاجات مستمرة وسط قمع السلطات الإيرانية

شهدت العاصمة الإيرانية طهران مظاهرات، أمس الثلاثاء 27 أيلول/سبتمبر، وردد المحتجون هتافات "الموت للديكتاتور"، فيما قام المتظاهرون في شوارع سنه بإغلاق الطرق وحرق اللافتات الحكومية، كما خرج أهالي تشابهار تنديداً باغتصاب قائد الشرطة لفتاة قاصر تبلغ من العمر 15 عاماً، وعلى مقتل مهسا أميني، وقامت الشرطة بإطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين.

ومع استمرار الاحتجاجات في مختلف أنحاء إيران استمر القمع الأمني العنيف في مواجهتها، ففي مقطع فيديو تداوله نشطاء من مدينة الخفاجية يظهر الأمن الإيراني وهو يواجه المحتجين في حي "أبو ذر" بالرصاص الحي ليمنعهم من التجمع والتضامن مع الاحتجاجات العامة، سقط على إثرها جريح من بين المتظاهرين.

وأظهر مقطع فيديو حصلت عليه وسائل إعلامية، مجموعة من عناصر الأمن الإيراني وهي تهاجم بشكل جماعي امرأة في شيراز جنوبي إيران، وتنهال عليها ضرباً بالعصي، وظهرت امرأة تلوح بحجابها الذي نزعته عن رأسها خلال تظاهرة في مدينة شاباهار الساحلية الجنوبية، كما شوهدت نساء في سنندج شرق كردستان والتي تتحدر منها مهسا أميني، وهن تنزعن الحجاب أيضاً، وأخريات تلوحن وتحرقن حجابهن وتقصن شعرهن. 

كما استمرت الاحتجاجات الطلابية، حيث نظم طلاب جامعة جمران بالأهواز مسيرة داخل الحرم الجامعي دعماً للاحتجاجات التي شهدتها البلاد، مرددين هتافات "لسنا مثيري شغب، نحن نقوم بالاحتجاج"، وبعد احتجاجات وإضراب طلاب الجامعات في جميع أنحاء إيران، انضم عدد من أساتذة الجامعات إلى الطلاب المحتجين.

من جهته صعد الحرس الثوري الإيراني من هجماته على المناطق الكردية بالتزامن مع الاحتجاجات الواسعة في إيران، ونفذ أمس هجمات على مواقع "قوات بيجاك" الكردية في منطقة شومان على الخط الحدودي بين العراق وإيران، واعتبر قائد فيلق تابع للحرس الثوري الاحتجاجات في البلاد بأنها "مهندسة من الخارج".

وأعربت المتحدثة باسم مكتب مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان رافينا شامداساني، خلال تصريح صحفي عن قلقها إزاء استمرار الرد العنيف لقوات الأمن على التظاهرات في إيران "قلق شديد من تعليقات بعض القادة التي تشوه سمعة المتظاهرين، ومن الاستخدام الواضح غير الضروري وغير المتكافئ للقوة ضد المتظاهرين".

ودعت رافينا شامداساني إلى "الاحترام الكامل للحق في حرية الرأي والتعبير والتجمع السلمي وتكوين الجمعيات"، لافتةً إلى أن "التقارير تظهر اعتقال المئات، منهم مدافعون عن حقوق الإنسان ومحامون ونشطاء مجتمع مدني وما لا يقل عن 18 صحفياً".

فيما دعت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك إلى فرض عقوبات جديدة على طهران، وقالت "في دائرة الاتحاد الأوروبي، علينا الآن أن نتحدث بسرعة كبيرة عن العواقب التالية، والتي تشمل عقوبات ضد مسؤولي النظام الإيراني".

وبدورها أصدرت منظمة العفو الدولية بياناً دعت فيه إلى اتخاذ إجراءات دولية فورية لضمان المساءلة عن وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني أثناء الاعتقال، وكتبت أن التحقيق يجب أن يكون مستقلاً وحيادياً وفعالاً، وأنه يجب تقديم المشتبه بهم إلى العدالة في إجراءات قضائية عادلة.

وأوضحت منظمة العفو الدولية أن إيران لديها أزمة طويلة الأمد في الإفلات من العقاب، حيث لم يحاسب فيها أي مسؤول عن الوفيات في السجون رغم وفاة ما لا يقل عن 72 شخصاً في الاحتجاز منذ 2010.

 

اعتقال فائزة رفسنجاني

بحسب وسائل إعلامية، اعتقلت السلطات الإيرانية أمس الثلاثاء، النائبة السابقة والناشطة في مجال حقوق النساء فائزة رفسنجاني ابنة الرئيس الإيراني الأسبق، بتهمة إثارة الشغب والفوضى، وأن فائزة رفسنجاني "لديها سجل سابق في الاعتقالات بسبب تواجدها المباشر في بعض الاحتجاجات" في الماضي.

وعرفت فائزة رفسنجاني بانتقادها للنظام الإيراني، ففي تموز/يوليو الماضي، وجهت محكمة اتهامات بحقها بالدعاية ضد النظام والتجديف على مواقع التواصل الاجتماعي، وتعلقت الاتهامات حينها بتعليقات مفترضة خلال نقاش إذاعي على إحدى منصات التواصل الاجتماعي في نيسان/أبريل الماضي.

وقالت فائزة رفسنجاني إن طلب طهران برفع الحرس الثوري الإيراني من القائمة السوداء لـ "المنظمات الإرهابية الأجنبية" التي وضعتها الولايات المتحدة "ضار بالمصالح الوطنية".

وكان شطب الحرس الثوري من تلك القائمة من أحد المطالب الشائكة في مفاوضات إحياء الاتفاق النووي مع طهران الذي وقع عام 2015.

وسبق وأن اعتقلت الناشطة النسوية فائزة رفسنجاني في نهاية عام 2012، وحكم عليها بالسجن ستة أشهر بتهمة "الدعاية ضد النظام الإيراني".

 

أغنية "وداعاً أيتها الجميلة"

غزت النسخة الفارسية من الأغنية الشعبية الإيطالية الثورية "بيلا تشاو" مواقع التواصل الاجتماعي في ظل تصاعد حدة الاحتجاجات داخل إيران، حيث نشرت شقيقتان متحدرتان من مدينة رشت هما سمين وبهين مقطعاً مصوراً على المواقع في ذات اليوم الذي توفيت فيه مهسا أميني.

وظهرت الفتاتان في الأغنية من دون حجاب وهما يرددان كلمات ثورية تشجع على الخروج ضد النظام الحاكم في طهران، وحصد الفيديو منذ يوم نشره أكثر من خمسة ملايين مشاهدة، فيما ذكر معلقون أن النسخة الفارسية من "بيلا تشاو" جعلتهم يشعرون "بالقشعريرة" كلما سمعوا الأغنية.

وتعتبر أغنية "بيلا تشاو" أو "وداعاً أيتها الجميلة" من أبرز الأغاني الفلكلورية في إيطاليا في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، لتتحول بعدها لأحد أبرز رموز المقاومة لرفض الظلم وانعدام المساواة الاجتماعية.

 

"وفاة مهسا أميني تمثل نقطة تحول"

وقالت الصحفية الإيرانية والناشطة في مجال حقوق المرأة ماسيه ألينجاد، إن الاحتجاجات التي اندلعت في عشرات المدن على وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني بعدما احتجزتها شرطة الأخلاق تمثل "نقطة تحول" بالنسبة لطهران.

وأوضحت أنه "بالنسبة للجمهورية الإسلامية، قتل مهسا أميني أصبح نقطة تحول لأن الحجاب الإجباري ليس مجرد قطعة صغيرة من القماش إنه مثل جدار برلين، وإذا تمكنت النساء الإيرانيات من هدم هذا الجدار، فلن تكون الجمهورية الإسلامية موجودة"، مضيفةً "هذه الحركة هي نتيجة 40 عاماً من كفاح النساء ومقاومتهن للقيود".

وفي عام 2014، أطلقت ماسيه ألينجاد حملة على مواقع التواصل الاجتماعي لتشجيع النساء في إيران على مشاركة صورهن دون حجاب، لتنشرها بعد ذلك عبر صفحتها على فيسبوك.

ومنذ يوم الخميس 22 أيلول/سبتمبر الجاري، تم تقييد شبكة الإنترنت في إيران وشبكات الموبايل تم قطعها بشكل كامل تقريباً، وذلك وفقاً لمنظمة "نيت بلوكس" التي تم تأسيسها عام 2017 لمراقبة حرية الإنترنت، وتم تقييد موقع التواصل الاجتماعي انستغرام الأوسع انتشاراً في إيران والوحيد الذي يمكن الوصول إليه.

وعن ذلك تقول المنظمة إن "إيران تخضع الآن لأشد قيود الإنترنت منذ مجزرة تشرين الثاني/نوفمبر عام 2019، عندما قتل في تلك الاحتجاجات التي اندلعت إثر رفع سعر البنزين، حوالي 1500".

ودعم أكاديميون وباحثون من جميع أنحاء العالم في بيان انتفاضة الشعب الإيراني على مستوى البلاد، وجاء في البيان الذي وقع عليه نحو ألف باحث وأكاديمي إيراني وأجنبي "بينما نكتب هذه الكلمات تشتعل مدن إيران بالاحتجاجات الكبيرة في كل مكان".

وأكد البيان على أنه "نحن ملتزمون بكفاح الشعب في إيران من أجل العدالة والحرية، ونريد إنهاء عنف النظام الممنهج ضد المرأة في إيران".

ونشر أكثر من 120 ناشطاً ثقافياً خارج إيران رسالة لشعب إيران بخصوص الاحتجاجات الأخيرة معتبرين أنفسهم مدينين لتضحيات النساء والشباب وجميع المقاتلين.

 

احتجاجات في تركيا

وأدلى طلاب جامعة بيلكنت في أنقرة ببيان صحفي جاء فيه "خرجت النساء اللواتي تناضلن ضد النظام الذي يهيمن عليه الرجال في جميع أنحاء العالم إلى الشوارع، وخاصةً في إيران، للتنديد بمقتل مهسا أميني".

ومن جانبها أصدرت جمعية حقوق الإنسان في آمد بياناً صحفياً تندد بانتهاكات النظام الإيراني لحقوق الإنسان خلال الاحتجاجات في إيران.

واجتمع موظفو بلدية إزمير أمام قاعة كولتوربارك للاحتجاج على مقتل مهسا أميني، من خلال بيان الذي جاء فيه "قُتلت مهسا أميني لأنها رفضت القيود المفروضة عليها. إن مقتل مهسا أميني والعديد من النساء قبلها هو نتيجة سنوات طويلة من السياسات الرجعية والمعادية للمرأة في إيران".