'العقلية الذكورية لا تدعم توجهات النساء ولا تؤمن بوجودهن في البرلمان التونسي'

لاتزال النساء في تونس تعانين الإقصاء من الحياة السياسية، بسبب السلطة الأبوية التي لا تؤمن بضرورة إشراكهن في المشهد السياسي.

زهور المشرقي

تونس ـ حددت تونس 29 كانون الثاني/يناير 2023، موعداً للدور الثاني من الانتخابات التشريعية التي سيختار بموجبها التونسيون برلماناً جديداً، بعد أن تم إنجاز الدور الأول في 17 كانون الأول/ديسمبر الماضي، وفاز فيه 23 مترشحاً، بينهم 3 نساء فقط، بمقاعد من أصل 154 مقعداً في البرلمان القادم.

لم تتجاوز نسبة المترشحات للانتخابات الـ 5%، وهي نسبة ضعيفة نددت بها الجمعيات النسوية، ووصفت الناشطة النسوية ورئيسة جمعية المرأة المعاصرة وطفل الغد جدلندة لقطي، نسبة مشاركة النساء في الانتخابات البرلمانية بالضئيلة، مرجعة الضعف إلى غياب الدعم المادي من الحكومة للنساء اللواتي وجدن صعوبات كبيرة في توفير سبل تمويل الحملات الانتخابية خاصة في المناطق النائية بالشمال الغربي لتونس وتحديداً محافظة جندوبة.

ولفتت إلى أن ضعف نسب المشاركة في الشمال الغربي تعود إلى ارتكاز وتأثير العقلية الذكورية في مخيلة ذلك المجتمع القبلي نوعاً ما، فضلاً عن عدم توفر الأرضية الملائمة اجتماعياً وسياسياً للنساء للمشاركة بكثافة سواءً كناخبات أو منتخبات، خاصة في هذه الفترة الصعبة التي تعيشها تونس وخاصة المناطق الداخلية ما أثر سلباً على أوضاع النساء ونسب إقبالهن كما في السنوات الماضية على الاقتراع أو دخول معترك الحياة السياسية من باب البرلمان الذي يمثل السلطة التشريعية.

وذكّرت الناشطة النسوية بانتخابات 2014 ومدى مشاركة النساء من الشمال الغربي حيث فاقت الـ 60بالمئة، مشيرة إلى أن الإعلام أيضاً لم يلعب دوره التوعوي بدفع النساء للمشاركة.

وعن التمييز والحيف الذي تواجهه النساء في الشمال الغربي فضلاً عن تلك النظرة الإقصائية والدونية لهن، أكدت أن العقلية الذكورية في المناطق التي لاتزال تؤمن بالقبلية لا يمكن أن تدعم توجهات النساء وتدفع بضرورة وجودهم وإشراكهن بالبرلمان، إضافة إلى العادات والتقاليد البالية التي لازالت تقيم المرأة كون دورها يقتصر على الأمومة والزواج والمطبخ.

وأوضحت بأن أرياف الشمال الغربي المنسية شهدت عزوف مخيفاً عن الدور الأول للانتخابات التشريعية متوقعة ذات النتائج في الدور الثاني أواخر هذا الشهر.

وتطرقت للخصوصية التي تتميز بها محافظة جندوبة، حيث عاشت المترشحات للانتخابات صعوبات مضاعفة وعانين ضغوطات من قبل مختلف الأطراف وخاصة من المنافسين الرجال بنفس الدوائر الإنتخابية، حيث حاولن مقاومة التمييز والعنف الاجتماعي والسياسي الذي تم تسجيله، مشيرة إلى أن الجمعية عاينت حالات اعتداء بالعنف اللفظي على النساء واعتداء مادي بلغ حد تهشيم السيارات وقطع اللافتات أو تشطيبها حتى لا يتمكن الناخب من قراءة النص الانتخابي للمترشحات أو حتى السماع بهن.

وأضافت "كنت مراقبة للحملة الانتخابية للنساء وعاينت حجم العنف الذي تعرضت له المترشحات، وهناك مترشحة تم التنكيل بها وتعرضت لشتى أنواع العنف المادي والمعنوي والهرسلة والتشهير عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وتم التهجم عليها بالضرب".

وأكدت أن دور المرأة في الفترة المقبلة سيكون مضاعفاً برغم الإقصاء والتهميش، مشيرة إلى أن النساء أثبتن برغم الحملات ضدهن والعنف بكل أشكاله قدرتهن على المقاومة والثبات من أجل مستقبل أفضل لهن ولبلادهن.

واختتمت الناشطة النسوية جدلندة لقطي حديثها بالقول "لا يمكن للمجتمع أن يحقق تنمية شاملة دون مشاركة فعلية للنساء، وهن اليوم ملتزمات بالعمل المضاعف لفرض وجوهن والتواجد في مراكز صنع القرار والسلطة التشريعية ومختلف الدوائر والإدارات".