نساء مخيم الشاطئ في غزة تكابدن أوضاع معيشية صعبة

يفتقر مخيم الشاطئ في قطاع غزة لأبسط الخدمات التي تساعد سكانه على العيش منها المياه التي لا تصل إلى منازل القاطنين في المخيم كل أربعة أيام مرة.

رفيف اسليم

غزة ـ تكابد النساء بمخيم الشاطئ في غزة أوضاع معيشية صعبة منها انقطاع المياه والكهرباء، وضيق مساحة البناء الذي لا تدخله الشمس أو الهواء، إضافةً إلى تعرض المنزل للغرق في كل شتاء، وانعدام الخصوصية نتيجة تلاصق البيوت ببعضها البعض.

تتذكر ابتهاج دولة وهي في العقد السابع من عمرها، اليوم الذي خرجت فيه من مدينتها يافا في عام 1948، وعندما تم جمع النساء والأطفال في شاحنة كبيرة ونقلهم ليركبوا إحدى المراكب المتجهة لمصر، وكيف مات ابن شقيقتها من البرد والجوع، لتبدأ من هنا حكايات النساء الفلسطينيات مع التهجير والسكن في المخيمات التي تفتقر لأبسط الخدمات.

وعن ذلك تقول ابتهاج دولة لوكالتنا، إنها قبل التهجير كانت تعيش في منزل جميل يطل على بحر مدينة يافا وتتوافر فيه كل أساليب الرفاهية، لذلك عندما تم نقلها للسكن في مخيم الشاطئ شعرت بالصدمة، مشيرةً إلى أنه من غير المنطقي أن يسمى بالمنزل، فهو عبارة عن أربعة جدران بدون سقف أشبه بـ "علبة سردين" لا تدخله الماء أو الكهرباء ولا الشمس أو الهواء النقي، ونوافذه عبارة عن صفائح سمن عدلت بشكل مستقيم لتغطي فراغ النافذة.

وأضافت أن المخيم في البداية كان له حمام واحد يستخدمه كافة ساكنيه الذي يفوق عددهم الألف شخص، كما أن المياه كانت تبعد عن المنازل 2 كم، أي أن المرأة كانت تحمل الجرة أو الإناء على رأسها لتسير به تلك المسافة وهو ممتلئ، ولا يكون تواجدها على مدار اليوم بل ثلاث ساعات فقط، فإن لم تستطيع أن تجد لها مكان في طابور النساء الطويل تحرم من الماء.

وأشارت إلى أن الوضع اليوم لم يختلف كثيراً، فما تحسن هو دخول الكهرباء والماء لكل منزل على حده وتوفير حمامات لكن ليس بنظام صرف صحي متطور، بل عن طريق الحفر الامتصاصية التي تتخلص من محتوها عن طريق عربة البلدية، الأمر الذي يثقل كاهل السكان يوماً بعد يوم وخاصةً ربات البيوت.

وتصل المياه إلى منزل ابتهاج دولة كل أربعة أيام مرة، وعن ذلك تتساءل ما الذي قد تفعله امرأة تسكن في منزل تختفي المياه عنها لأيام متواصلة؟، وكيف ستنهي أعمال المنزل أو ستنظف أطفالها الذي يذهبون للمدارس سيراً على الأقدام في حرارة الصيف؟، لافتةً إلى أن النساء في المخيم تبقى بانتظار وصول المياه لتتحولن إلى آلات تركضن بسرعة بالغة حتى تنهين أعمالهن، وتوفرن ما تم تجمعيه لليوم التالي.

وأضافت أنه في كثير من الأحيان تجبر النساء على شراء المياه من مصادر أخرى، خاصةً عندما يتحول المنزل لجحيم بفعل انعدام دورية التنظيف داخله، مما يثقل كاهل سكان المخيم الذي بالكاد يستطيعون تحصيل قوت يومهم.

أما عن الكهرباء فتقول ابتهاج دولة أنها لا تقتني أي أجهزة كهربائية لأن لا حاجة لها في نظرها، فيصل عدد ساعات الوصل خلال 24 ساعة من 4 ـ 6 ساعات فقط، فيما تعاني غالبية الوقت من انقطاع التيار، مضيفةً أن المنازل تغرق في فصل الشتاء فيمرض النساء والأطفال ولا يبقى لهم ما يرتدوه أو يتلحفون به.

 

 

 

من جانبها أكدت آية المصري وهي فتاة في العقد الثاني من عمرها على أن المخيم يفتقر لأبسط الخدمات التي تعين سكانه على العيش، مضيفةً أنه مؤخراً بدأ بعض سكان المخيم ميسوري الحال بتحسين شبكات الصرف الصحي وحفر الآبار لإيجاد المياه الصالحة للاستخدام على نفقتهم الخاصة، لكن ذلك يشمل مناطق ضئيلة جداً، ليبقى غالبية السكان يكابدون وضع معيشي صعب للغاية.

وأضافت أنه في المخيم لا يمكن الحديث عن مصطلح الخصوصية للنساء، فالمنزل يفصله عن المنزل الآخر جدار فقط، ويستطيع الجار سماع ما يدور من حديث بمنزل جاره حتى أبسط التفاصيل، لافتةً إلى أن ذلك يرجع لنظام البناء القديم الذي أسس عليه المخيم، فبقيت المنازل بلا عوازل للصوت وسط ضوضاء لا تنتهي طوال اليوم.

وأشارت إلى أن تلاصق البيوت فرض على النساء الالتزام باللباس طوال اليوم خاصةً المحجبات منهن، فلا تستطيع المرأة في المخيم ارتداء ما يحلو لها، حتى وإن كانت داخل منزلها، لتنهي كافة أعمال المنزل وهي مغطاة الرأس، فيشكل ذلك معضلة أخرى تعاني منها النساء داخل المخيمات.

وأوضحت آية المصري أن المرأة هي الرجل في المخيم لأنها تتدبر شؤونها وشؤون أطفالها ومنزلها وحدها، فنساء المخيم قويات تعلمن كيف تساندن أنفسهن خاصةً في ظل الظروف الصعبة التي تم ذكرها خلال الفقرات السابقة.

بالعودة لتاريخ المخيم، أنشئ مخيم الشاطئ في عام 1949 شمال غرب مدينة غزة على شاطئ البحر المتوسط ومنه أخذ التسمية، وضم المخيم اللاجئين المهجرين من القرى والمدن الساحلية الواقعة في جنوب فلسطين ووسطها، والتي تتبع أقضية غزة وبئر السبع ويافا والقليل منهم من منطقة الشمال.

وبحسب تقديرات جهاز الإحصاء المركزي، بلغ تعداد سكانه منتصف عام 2022 نحو 46758 لاجئ، ويمثل مخيم الشاطئ أعلى كثافة سكانية بين مخيمات قطاع غزة الثمانية.