نساء جوانرود: خرجنا من أجل حريتنا

في الانتفاضة الشعبية المستمرة منذ حوالي خمسة أشهر، هناك أمهات عالجن جروح أطفالهن بأيديهن المرتعشة، ورفعن معهم شعار الحرية "Jin jiyan azadî" من أجل الحصول على حريتهن والتخلص من النظام الاستبدادي.

سارة محمدي

جوانرود ـ اتسعت شرارة انتفاضة "Jin jiyan azadî" التي بدأت بعد مقتل الشابة الكردية جينا أميني، لتشمل جميع مدن شرق كردستان وإيران، وانضم جميع الإيرانيين وخاصة النساء الذين سئموا من ظلم وقوانين النظام الإيراني، إلى الاحتجاجات على مدار خمسة أشهر.

الرشوة والسرقة والفساد والابتزاز والانقسام وانتهاك حقوق الناس ودعم الإرهاب الدولي وقتل المعارضين وسجن السياسيين والعلماء ونشطاء حقوق الإنسان، جميعها أسباب كانت وراء غضب شعب إيران وانتفاضهم ضد الحكومة.

وكالتنا التقت بالعديد من أهالي مدينة جوانرود، لمعرفة سبب مشاركتهم في هذه الانتفاضة الشعبية.

 

"أريد تغيير القوانين التي تكبل المرأة"

فرزانة. ر، أم تبلغ من العمر 38 عاماً، انضمت إلى الاحتجاجات الشعبية في جوانرود مع ابنتها، وحول سبب مشاركتها تقول "تزوجت في سن مبكرة وكان عمري 16 عاماً، كان زوجي أكبر مني بخمسة عشر عاماً. لم تسمح لي عائلتي بالدراسة، تعرضت للعنف من قبل والدي وشقيقي وزوجي طوال حياتي ولا أريد أن تعيش ابنتي المعاناة ذاتها. يجب أن تكون ابنتي حرة وتعيش مستقبلها بحرية. وطالما أن النظام الإيراني قائم وهناك قوانين تميزية ضد المرأة، فلن تكون المرأة حرة في هذا البلد".

وأضافت "في المجتمع الإيراني وخاصة في شرق كردستان، النساء دائماً مقيدات بأمر الرجال، أريد تغيير القوانين المتحيزة ضد المرأة وعادات وتقاليد المجتمع المتخلفة حتى لا تعيش ابنتي المعاناة التي عشتها".

 

"لقد سئمت رؤية النساء على أنهن الجنس الثاني في المجتمع"

سوما . م، ابنة فرزانة . م، تقول "شاركت في المظاهرات والاحتجاجات في جوانرود، خرجت مع والدتي. غطينا وجوهنا حتى لا يتعرف علينا أحد. والدي لا يعرف أننا انضممنا إلى الاحتجاجات لأنه لا يفكر مثلنا ووفقاً لرأيه يجب على المرأة دائماً البقاء في المنزل".

وعن تجربتها في المشاركة بالاحتجاجات قالت "في المرة الأولى التي ذهبت فيها مع والدتي كانت الاحتجاجات مزدحمة للغاية، فهناك العديد من النساء المشاركات، منهن من تبلغ من العمر 60 عاماً، عندما صرخت بصوت عالٍ "الموت للديكتاتور، يموت خامنئي"، شعرت أنني حطمت كل القيود التي كانت تقيدني، عندما سمعت صوت إطلاق الرصاص لأول مرة، كنت خائفة، لكن بعد ذلك بات الأمر طبيعياً لم أعد خائفة. كنا نسير جميعاً إلى جانب بعضنا البعض ونردد الشعارات".

وحول سبب مشاركة الشباب وخاصة الفتيات في الاحتجاجات أوضحت "ليس لدينا مستقبل ولا نريد أن نقضي حياتنا كلها في المنزل وتربية الأطفال. نرغب في الحصول على الحرية. فحتى لو تمكنا من الدراسة فعند الحصول على وظيفة يجب أن يكون لدينا شهداء أو مقربين من الحكومة، فعلى سبيل المثال أكمل ابن عمتي درجة الماجستير، لكنه مصاب بالاكتئاب بسبب عدم حصوله على وظيفة. ودرس أحد أبناء خالتي التمريض أيضاً، ولكن بعد الانتهاء من دراسته، لم يحصل على وظيفة، ويقول جميع أصدقائي الذين درسوا معي لديهم وظائف لأنهم مقربون من الحكومة، هذا بالإضافة إلى قبولهم في الجامعة وبدون أي شرط".

وعبرت عن استيائها من الآراء التي تعتبر المرأة مواطنة من الدرجة الثانية "في مجتمعنا يعتبرون المرأة مواطنة من الدرجة الثانية. عندما تقوم النساء والفتيات بعملهن اليومي، فإنهن تخشين من رأي الناس، حول ممارسة العمل أم لا، وأن العمل للرجل وليس للمرأة".

وعن رغبتها في تغيير قوانين الدولة تقول "أتمنى أن نعيش أحراراً، فالحرية تعني التحدث والتعليم باللغة الأم، وحرية الاختيار والتحرر من القوانين الصارمة المكتوبة فقط لإعاقة المرأة، والتحرر من وعي الذكورة والجنس الثاني"، وتتساءل "لماذا يجب أن يتعلم أطفالنا بلغة لا يتكلمونها؟ شقيقي الأصغر في الصف الثاني عندما يسألني أحياناً عن معنى كلمة فارسية، لا أعرف المعنى لذا أقوم بشرحها له باللغة الكردية حتى يتمكن من فهم معنى الكلمة. يجبرون الطفل الصغير على حفظ معنى ومرادف الكلمة التي ليس لديهم معرفة بها".

 

"من أجل حرية نساء بلدي سأشارك في الاحتجاجات مرة أخرى"

رومينا. أ، تبلغ من العمر 26 عاماً، تحدثت عن مشاركتها في الاحتجاجات والإصابات التي تعرضت لها "أصبت بـ 17 شظية في يدي وذراعي ورجلي. وخوفاً من الاعتقال، عالجتني عائلتي في المنزل وساعدتني ممرضة، ولا تزال هناك ندوب على جسدي، ولم أستطع التقدم لامتحانات الجامعة بسبب الإصابة". مؤكدة أن ذلك لن يثنيها من المشاركة في الاحتجاجات مرة أخرى وترديد شعار "الموت لخامئني".

وأشارت إلى أنها انضمت إلى الاحتجاجات بداية من أجل أن تحصل المرأة على حريتها وثانياً من أجل حرية بلدها "أريد أن تعيش نساء بلدي بحرية، وأن يكن قادرات على اتخاذ قرارات بشأن حياتهن وحقوقهن وملابسهن"، متسائلة "أنا كردية، لماذا علي التعلم والتحدث بالفارسية والعيش في إطار قوانين يكتبها رجال؟".

وعن مشاركتها في إحدى الاحتجاجات وإصابتها برصاصة "كان عدد المتظاهرين كبيراً جداً، لم يهاجم الناس أي مكان بل كانوا يرددون الشعارات فقط. عند ميدان الانقلاب القريب من المحكمة شاهدنا أن قوات الباسيج نصبوا كميناً. بعد فترة من الزمن بدأوا بإطلاق الرصاص على الأهالي لتفريقهم وتخويفهم، أصبت أنا وأخي بعدة رصاصات، دخلنا إحدى المنازل هناك ليتم تقديم الإسعافات لنا".

 

"حتى لو دخلت السجن لن أقول إنني ارتكبت خطأ فأنا لم أخطئ"

(س. م) شابة تبلغ من العمر 22 عاماً أُطلق سراحها من سجن المخابرات بكفالة، تقول "إذا دخلت السجن مرة أخرى، فلن أقول إنني ارتكبت خطأ، فأنا لم أرتكب أي خطأ. في هذا البلد، لسنا قادرين على تقرير مستقبلنا أو حاضرنا، حتى لو درسنا، في النهاية هذه الحكومة لن تسمح لنا بالعمل".

وأضافت "قال لي أحد المدعين العامين للنظام أنه لا ينبغي أن يشعروا بالأسف اتجاهنا، فنحن الكرد خلقنا لهم المشاكل، ولولا وجودنا فإن إيران ستكون آمنة ومسالمة ولن يموت فيها أحد".

وعن أساليب التحقيق وظروف السجن أوضحت "هناك غرفة تحقيق صغيرة جداً حيث لا يمكنك تمديد ساقيك فيها، ولا يوجد بها مرحاض وهي مظلمة جداً لدرجة أنك لا تعرف ما إذا كان الوقت ليل أم نهار. يغمضون الأعين ومن ثم يعرضون السجناء للكهرباء".

وأضافت "كانوا يأخذونني دائماً معصوبة العينين إلى حجرة التحقيق، لم أتمكن من رؤية وجه المحقق ولو مرة واحدة، وفي إحدى الأيام قيدوا يدي بالأصفاد، ظننت أنهم سيأخذونني إلى المحكمة، لكنهم أخذوني إلى حجرة فيها اثنان أو ثلاثة أشخاص، لقد لاحظت وجودهم من خلال أصواتهم. قال أحدهم إنه يجب عليك قول ما يطلب منك وإلا ستنسي الطريق إلى منزلك، لكنني قلت له أنني لم أفعل شيئاً ولا أعرف أحداً، ثم نزعوا ملابسي، لا أتذكر عدد الجلدات التي ضربونا إياها، لكنني كنت أعاني من ألم شديد لدرجة أنني لم أشعر أنني على قيد الحياة لقد شعرت وكأنني في عالم آخر. في حياتي كلها لم أعاني مثل ذلك الألم. فقدت الوعي وبدأوا بسكب الماء على رأسي. أرادوا مني أن أعترف بأنني أشعلت النار في بنك وإدارة جوانرود، وسألوني عن أسماء أصدقائي وأي شخص أعرفه. في هذه الحالة، ظننت أنني إذا اعترفت، فسيسمحون لي بالرحيل، ولكن فكرت مرة أخرى وعرفت أنهم سوف يتصرفون بشكل أسوأ. وقلت في نفسي سوف اعتقل لبضعة سنين لذلك علي المقاومة".

ع. مرداي تبلغ من العمر 28 سنة، تقول "تخرجت من قسم المحاسبة في إحدى جامعات الدولة، والآن ليس لدي عمل، انضممت إلى جميع الاحتجاجات لأنني كنت أشعر بالسخط حقاً من الحياة. قامت تلك الدولة ببناء جميع المصانع والمعامل في المدن الوسطى، وعلينا في المدن الحدودية العمل كعمال من أجل مواصلة حياتنا. لم يحاولوا أبداً تغيير حياتنا ولن يفعلوا ذلك".