نقص المياه يزيد معاناة النازحات في إدلب

على الرغم من قلة المياه، إلا أنها تصل أحياناً إلى المخيمات ملوثة وغير آمنة تسبب العديد من الأمراض وتؤدي لانتشار حالات سوء التغذية في أوساط النازحين في إدلب وخاصةً الأطفال.

لينا الخطيب

إدلب ـ تعاني النازحات في إدلب من غياب المرافق الصحية والخدمات الأساسية، وصعوبات هائلة في تأمين مياه الشرب النظيفة بشكل يومي، مع غياب شبكات المياه التي تخدم المخيمات، ما يؤدي لتراجع معدلات الحفاظ على النظافة الشخصية، ويدفع النازحين لترشيد استهلاك المياه التي يضطرون لشرائها بالصهاريج على نفقتهم الخاصة لتلبية احتياجاتهم اليومية.

أمام هذا الواقع تضطر الكثير من النازحات للقيام بمهام صعبة ومتعبة من خلال نقل المياه من الخزانات الرئيسية الموزعة في المخيمات إلى أماكن إقامتهن بهدف الشرب والتنظيف.

سناء البصاص (34) عاماً نازحة من بلدة جرجناز إلى مخيم عشوائي في قرية كفرعروق شمال إدلب، تقوم مع ابنتها بنقل المياه إلى الخيمة يومياً، وعن معاناتها تقول "حياتنا غير محتملة على الإطلاق، حيث نحتاج يومياً لنقل 300 لتر من المياه من الخزان الموجود في ساحة المخيم، كما نضطر لنقلها بالبيدونات البلاستيكية إلى الحمامات ودورات المياه، وهو أمر غاية في الصعوبة والإحراج بالنسبة لنا".

وبينت أن نقص المياه ليس الهم الوحيد بالنسبة للنازحات، حيث يفرض عليهن انقطاع الكهرباء أعباء ومهام إضافية تتمثل بالغسيل اليدوي، وعدم القدرة على حفظ الطعام والخضار التي سرعان ما تفسد بسبب الحر الشديد، وانتشار الغبار والذباب والزواحف، إلى جانب تراكم النفايات على أطراف المخيم.

عبسية العلوش (45) عاماً نازحة من بلدة احسم إلى مخيم في بلدة دير حسان، تشتري يومياً حوالي ثلاثة براميل من المياه، رغم أن زوجها يعمل طوال اليوم، وعن ذلك تقول "قامت المنظمة التي تدعم المخيم بالمياه بتخفيض الكمية المخصصة مؤخراً، في وقتٍ تشهد فيها المنطقة ارتفاعاً كبيراً في درجات الحرارة"، لافتةً إلى أن "التخفيض شمل أيضاً مخيمات مجاورة في محيط البلدة".

وأكدت على أن زوجها يشتري المياه بشكل شبه يومي، ما يدفعها لترشيد استخدامها "المياه التي نشتريها بالكاد تكفي للاستخدام اليومي، لذلك أحافظ على المياه قدر المستطاع"، مبينةً أن قلة المياه تمنعها من المحافظة على معايير النظافة العامة، حيث خصصت يوماً واحداً في الأسبوع لاستحمام أولادها، ويوماً آخر لتنظيف الخيمة وغسيل الملابس.

نزحت فاطمة القدور (29) عاماً مع زوجها وأولادها الثلاثة من بلدة التح إلى مخيم كللي بداية عام 2020، تسببت لها المياه الملوثة التي تصل إلى المخيم بمرض الكلى، وعن ذلك تقول "أصبت بمرض التهاب الكلى بسبب طبيعة المياه التي نشربها داخل المخيم؛ ونصحني الطبيب بشرب المياه المعبأة، ولكن لا قدرة لي على شرائها لغلاء أسعارها، وتردي أحوالنا المعيشية"، لافتةً إلى أن أطفالها أيضاً يعانون طوال فصل الصيف من الالتهابات المعوية والإسهال بسبب طبيعة المياه والحر الشديد.

تعمل الممرضة مريم العلوش (31) عاماً من مدينة إدلب، في عيادة متنقلة تجوب مخيمات ريف إدلب، تتحدث عن أثر قلة المياه وتلوثها على النازحين "تجلب المياه الملوثة العديد من الأمراض المنقولة، مثل الإسهال والتهاب الكبد والقوباء والجرب والعديد من الأمراض الأخرى".

وأشارت إلى أنها لاحظت ارتفاعاً في حالات الإسهال في أكثر من 25 مخيماً في إدلب، كما رصدت حالات الجرب المتكررة وغيرها من الأمراض المنقولة بالمياه خلال تنقلات فريق العيادة بين مخيمات النازحين.

وأكدت على أن الوصول إلى المياه النظيفة حق أساسي من حقوق الإنسان لا يمكن الاستغناء عنها، مشددةً على ضرورة قيام المنظمات الإنسانية بتوريد المياه النظيفة بشكل يومي وتزويد مخيمات النازحين بكميات كافية منها، إلى جانب توزيع أدوات النظافة الصحية، والتحقق من سلامة المياه وتعقيمها، بهدف الحد من تفشي الأمراض السارية وتحسين ظروف المعيشة بشكل عام، فضلاً عن القيام بترحيل النفايات بشكل يومي، وبناء شبكات المياه والصرف الصحي، وتوعية النازحين بأهمية تعزيز الصحة المجتمعية.

وبحسب فريق "منسقو استجابة سوريا" فإن 85% من إجمالي المخيمات العشوائية في إدلب تعاني من صعوبة تأمين احتياجاتها اليومية من المياه النظيفة، بينما تصل نسبة المخيمات المنتظمة التي تعاني نقص تأمين المياه إلى 55%.

وناشد الفريق المنظمات الإنسانية العاملة في إدلب للعمل على تأمين المياه الصالحة للشرب للنازحين والمهجرين، منعاً من انتشار الأمراض والأوبئة ضمن المخيمات.