ميرنا ضومط: الواقع التمريضي مرير ومقبلون على كارثة لن نستطيع تجاوزها

يعيش الواقع التمريضي كارثة على مختلف المستويات في لبنان، إذ مع انتشار وباء كورونا أصيب أكثر من 2000 شخص من طاقمه الذي يواجه الوباء على أرض المعركة

كارولين بزي
بيروت ـ ، كما أن هذا القطاع يشهد هجرة كثيفة لحملة الشهادات والخبرات بسبب الوضع الاقتصادي الصعب وتدني مستوى الأجور. 
 
"واقع الجسم التمريضي محزن والقطاع متروك"
تقول نقيبة الممرضين/ات في لبنان الدكتورة ميرنا ضومط لوكالتنا بأن "الواقع التمريضي في لبنان مرير، الممرضون/ات الذين يهاجرون هم من حملة الشهادات الذين يتمتعون بخبرات، أما الباقون فهم يحضرون أوراقهم للهجرة أيضاً".
وتضيف "في المرحلة الحالية لا تقوم المستشفيات بتوظيف ممرضين/ات ليحلّوا مكان الكادر التمريضي الذي ترك البلاد، الطواقم التمريضية الموجودة حالياً تتحمل مسؤولية عدد كبير جداً من المرضى، الأمر الذي أرهق الكادر".
وتتابع "على الرغم من الأعباء التي يأخذها الطاقم التمريضي على كاهله، إلا أنه ثمة مستشفيات تقوم بالحسم من رواتبهم الشهرية، أو لا تدفع لهم الرواتب بشكل منتظم. كما يواجه الممرضون/ات مشاكل عدة، كالنقص في الأدوات الطبية الوقائية مثل القفازات والأقنعة الوقائية، حتى بعض المستشفيات يتحمل فيها الممرض المصاب بوباء كورونا مرحلة الحجر على نفقته الخاصة، إذ تقوم بالحسم من راتبه الشهري الذي لا يتعدى الثمانين دولار، أو تتقاسم المستشفى مع المريض التكلفة بشكل متساوٍ، علماً أن هذا الأمر يخالف قوانين وزارة العمل".
الصعوبات التي تواجه الجسم التمريضي لم تنته، إذ قام أحد الممرضين الذي أصيب بوباء كورونا بالعودة إلى ممارسة عمله ما أن أصبحت نتيجة اختباره سلبية، علماً أنه لم يتعاف نهائياً ولكن ذلك بسبب النقص بعدد الممرضين/ات، تؤكد الدكتورة ميرنا ضومط وجود هذه حالات وتضيف "هناك بعض المستشفيات التي أجبرت العاملين لديها المصابين بكورونا الذين لم تظهر عليهم عوارض أن يداوموا بشكل عادي في عملهم علماً أن هذا الممرض مريض ومرهق، والبعض أجبر الممرضين/ات على دفع ثمن اختبار كورونا على نفقته الخاصة، حتى أن هذه المستشفيات تدخل بنقاش وجدال مع المصاب عن مصدر التقاط العدوى وأن كانت من المستشفى أو من خارجها". تتابع "يتعرض الكادر التمريضي للخطر في كل دقيقة كما أنهم يعرّضون عائلاتهم للخطر، لأن باستطاعتهم أن يحملوا الوباء معهم إلى منازلهم".
تناشد ميرنا ضومط الكادر التمريضي عبر مختلف الوسائل للتبليغ عن أي حالات تعسف تلحق بهم من المشفى الذي يعملون فيه، إلا أن أحداً لم يتجرأ أن يبلغ بسبب الخوف.
وتتابع "الواقع محزن والقطاع متروك لوحده والمستشفيات تتصرف وفق مصالحها"، وتلفت الدكتورة ميرنا ضومط إلى أن "المستشفيات غير مهتمة بهجرة الطاقم التمريضي، فهي تستعين بممرضين غير محترفين، ويحيلون إليهم عدد كبير من المرضى، كما أنهم يستخدمون ممرضين/ات غير منتسبين للنقابة خلافاً للقانون، وكل ذلك بسبب غياب المحاسبة. بالتأكيد يتحمل الممرض/ة مسؤولية عمله في مشفى من دون الانتساب إلى النقابة ولكن لا يمكننا أن نغيّب مسؤولية المشفى الذي يستعين بالغير منتسبين، لأن الانتساب للنقابة إلزامي. إذ لا يجوز لأي ممرض أو ممرضة أن يمارسوا مهنة التمريض من دون الانتساب إلى النقابة، لأن هناك ضوابط معينة، كما أن هناك فرقاً بين شهادة الممرض وشهادة مساعد الممرض، لا يمكننا أن نعتبر أي شخص ارتدى ثوب التمريض أصبح ممرضاً".
 
"الخوف يمنع الجسم التمريضي من المطالبة بحقوقه"
لم تدخر النقيبة ميرنا ضومط جهداً إلا وبذلته لدفع الكادر التمريضي إلى التحرك والمطالبة بحقوقه، كما لم تترك منبراً إلا ورفعت الصوت عالياً مطالبةً بحقوق المنتسبين للنقابة، كما أعلنت حالة طوارئ تمريضية، وتقول "أوضحت للطاقم التمريضي معنى الطوارئ التمريضية، وأخبرت الممرضين/ات بأن الحل بين أيديكم، إذا كنتم راضين عن واقعكم هذا يعود لكم ولكن ممنوع التذمر والانتقاد، وإذا أردتم أن تتحركوا أنا أمامكم وإلى جانبكم بكل خطوة، وبالتالي عليكم أن تباشروا باجتماعات للوصول إلى حل. قمت بالدعوة إلى الاضراب ثلاث مرات ولكنهم لم يبادروا خوفاً من الطرد".
وتوضح "عندما يتكلم ممرض أو اثنين يمكن فصلهم من العمل، ولكن عندما يتحرك 70 أو 80 % من العاملين في المجال التمريضي أو يتفقوا على موقف واحد لا يمكن لإدارة المشفى أن تتخلى عنهم، وهذا ما حاولت أن أوضحه لهم".
وتتابع "رفعت الصوت على مواقع التواصل الاجتماعي والإعلام والمؤتمرات ولكن للآسف الجسم التمريضي في لبنان يحتاج لمن يمنحه حقوقه منحةً، وهذا لا يمكن أن يحصل لأن الحق يؤخذ ولا يُعطى، لن يبادر أحد ويقدم لكم حقوقكم إذا لم تطالبوا بها".
 
"اكسروا حاجز الخوف وتحركوا"
وتضيف "من 16700 ممرض/ة على مستوى لبنان يجب أن ينزل ويتظاهر على الأرض عشرة آلاف شخص على أقل تقدير"، وتطالب ضومط الممرضين/ات أن يتحركوا وتسأل "ما الذي تنتظرونه؟ اكسروا حاجز الخوف، نقابتكم إلى جانبكم".
وتلفت إلى جهود بذلتها للحصول على تمويلات قدمت فيها المساعدة للطاقم التمريضي، إذ حجزت فندقاً تم تخصيصه للممرضين/ات المصابين بوباء كورونا الذين لم تظهر عليهم عوارض، كما أنها حصلت على تمويل آخر بعد انفجار مرفأ بيروت في آب/أغسطس الماضي، وقامت بتعويض المتضررين جسدياً ومادياً، "كذلك حصلنا على عرض حصري للطاقم التمريضي من قبل شركات الخلوي في لبنان"، ثم تسأل "ما الذي يمكنني أن أفعله أكثر؟".
عن توقعاتها للمرحلة المقبلة تقول "توقعت الذي يحصل اليوم منذ عشرة أشهر، أخبرتهم بأن الكادر التمريضي سيهاجر وهذا ما حصل، وأتوقع بأننا مقبلون على كارثة لن نستطيع أن نتجاوزها، سيصبح دخول المشفى مخيفاً لكل مريض، لأن الذي سيبقى في لبنان هو الذي لن يستطيع أن يهاجر أو الذي لم يحصل على شهادة جامعية بالتالي سيرتفع مع هذا الواقع الكارثي عدد الوفيات في المستشفيات".
وختمت نقيبة الممرضين/ات في لبنان الدكتورة ميرنا ضومط حديثها بنداء وجهته لكل الممرضين/ات في لبنان وقالت "تحركوا، تضامنوا، حافظوا على حقوقكم، لن يقوم أحد بإعطائكم حقوقكم إذا لم تتحركوا".