ماريا سمعان: "قدوة في التربية" تقدم الاستشارات والخدمات لحماية الأطفال

في ظل أوضاع تخيم عليها الضبابية فيما يتعلق بأسلوب تربية الأطفال ولاسيما أن وباء كورونا أجبرهم على البقاء في المنزل وعدم الاختلاط، وغياب الرؤية المستقبلية عن موعد عودة الحياة إلى طبيعتها

كارولين بزي
بيروت ـ ، ما شكّل ضغوطاً نفسية على الأهالي ومقدمي الرعاية، قررت منظمة "كفى عنف واستغلال" بالتمويل والشراكة مع "اليونيسف" وتحت مشروع "قدوة" إطلاق حملة "قدوة في التربية" التي تمنح الأهل ومقدمي الرعاية مهارات في التربية.  
 
"الخدمات التي تقدمها قدوة في التربية مجانية"
تقول رئيسة قسم حماية الأطفال في منظمة "كفى عنف واستغلال" ماريا سمعان بأن "قدوة في التربية" هي حملة عن المهارات الوالدية أي مهارات التربية للأهل ومقدمي الرعاية.
"تشمل الحملة، حملة توعية على مواقع التواصل الاجتماعي، وست فيديوهات قصيرة مع رسائل أساسية تتوجه للأهل تتعلق بخصائص التربية، بالإضافة إلى خط وطني للاستشارات يستطيع الأهل أن يتواصلوا من خلاله للحصول على استشارات من الاخصائيين النفسيين في وحدة حماية الأطفال". وتوضح "تقع على الأهل كلفة الاتصال وباستطاعتهم أن يقوموا بإرسال رسالة، ولكن الاستشارة النفسية التي تتعلق بعلاقتهم بأولادهم مجانية، وهذه الخدمة متاحة لكل الأهالي في لبنان".
وتضيف "في الوقت نفسه نقوم بتنظيم جلسات مختصة بالمهارات الوالدية على الأراضي اللبنانية، ولاسيما في البقاع وبيروت وجبل لبنان حيث تقع مراكزنا، كما أننا أنشأنا كتيباً يحتوي على التقنيات التي تساعد الأهل على بناء علاقة جيدة مع أطفالهم، ويتم توزيعها في مختلف المناطق اللبنانية عن طريق المحلات التجارية وصالونات التجميل والحلاقة والصيدليات".
 
"مع الحجر المنزلي أصبح الوضع في البيوت كارثياً"
وتقول ماريا سمعان عن سبب إطلاق حملة قدوة في التربية "الضغوط التي شكّلتها جائحة كورونا وما تلاها من إقفال عام وحجر منزلي كلها عوامل ساهمت بزيادة الضغط على كاهل الأهل".
وتوضح "قمنا بدراسة على ألف شخص نعمل معهم وتبين أن الوضع في المنازل بات كارثياً، إن كان بين الأهل والأولاد، أو مع الأولاد بين بعضهم البعض، واطلعنا على ما يحتاجه هؤلاء الأشخاص فكان الجواب هو المساعدة في كيفية التعامل مع أولادهم".
إلى جانب وباء كوفيد 19 زاد الوضع الاقتصادي الضغوط النفسية على الأهل، نتيجة هذه الأوضاع، ونتيجة ازدياد العنف الأسري عند النساء والأطفال في هذه المرحلة. تقول ماريا سمعان "وجدنا أنه يمكن لهذه الحملة أن تساهم أو تتيح للأهل بأن يحصلوا على استشارة يتعرفون من خلالها على كيفية التعامل مع أولادهم في ظل هذه الظروف، وربما يمكننا أن نخفض نسبة العنف المنزلي أو نقوم بحلحلة الديناميكية العائلية".
 
"نقدم الاستشارات والخدمات"
وتشير ماريا سمعان إلى أن "المنظمة تلقت عدداً من الاتصالات وأبرز الحالات كانت حول العناد عند الأطفال، الغيرة بين الأخوة، العدائية بين الأولاد وعدم قدرة الأهل على إيجاد طريقة لتنظيم وقتهم".
وتتابع "لا تقتصر الاستشارات على الاتصال، بل نقدم المساعدة لكل حالة على حدة، فإذا تطلبت بعض الحالات خدمات معينة، مثل خدمات صحية أو علاجية فنحن نهتم بكل المواضيع التي تدخل ضمن مهمة "كفى"، ويمكن أن نقوم بإحالة بعض الحالات إلى الجمعيات المختصة".
وتشدد على أن الأهمية بالنسبة للحملة هي تشجيع الناس على التواصل للحصول على استشارة، فكل الوسائل من فيديوهات وكتيبات تركز على أهمية الاتصال.
 
"هدفنا أن يدرك الأهل أننا إلى جانبهم"
وتوضح ماريا سمعان "نحن لن نلقي اللوم على الأهل ولكن كل ما نود أن نقوله لهم بأننا إلى جانبهم في حال احتاجوا للمساعدة في تربية أولادهم، لتخفيف نسبة العنف المنزلي مع الأولاد". 
وتضيف "في وحدة حماية الأطفال لا نعتبر أن هناك أهل سيئين ولكن نعتبر أنهم لم يتعلموا طرقاً أخرى في التربية، فالأهل يكررون الطرق التي تعلموها أو تربوا عليها".
وتجد ماريا سمعان بأن الأهالي يعتبرون بأن التدخل بتربية أطفالهم من المحرمات، "ندرك بأنه سيكون هناك مقاومة في هذا الموضوع، ولكن اللافت أن الاتصالات التي تلقيناها هي من الرجال والنساء، الأمر الذي شكّل مفاجأة لنا بأن يتصل رجال ليحصلوا على استشارة لأولادهم".
وتلفت إلى أن الحملة توجهت للرجال والنساء على حد سواء، وهذا ما ظهر في الفيديوهات، وذلك لأن الرجل شريك في تربية أولاده.
لا تعتبر الصحة النفسية أولوية في لبنان، علماً أنها أساس كل شيء، "فالصحة النفسية غير مرتبطة بالغنى أو الفقر"، تعلق ماريا سمعان وتضيف "لأن الجوع العاطفي لا يمكن إشباعه بالمال، كما أن إحدى المشاكل التي يواجهها الأهل أنهم لا يدركون حاجات أولادهم النفسية والعاطفية، فكما يوجد هناك غذاء جسدي هناك غذاء نفسي آثاره ترافق الإنسان مدى الحياة".
وحول إن كان الخط يقدم استشارات نفسية للأطفال تقول "خط الاستشارات تم إنشاؤه من أجل الأهل، ولكن إذا شعرنا بأن هناك أطفالاً بحاجة لاختصاصيين أو معالجين نفسيين نحن نهتم بإحالتهم إلى المعالج النفسي ونتكفل بتكاليف العلاج".
وتختم رئيسة قسم حماية الأطفال في منظمة "كفى عنف واستغلال" ماريا سمعان حديثها أملةً بأن "يتم كسر حاجز الخجل عند الأهل فيما يتعلق بعلاقتهم بأولادهم، لكي يكتسبوا بعض المهارات الجديدة في التربية ونستطيع أن نربي جيلاً ينمو بطريقة صحيحة ومن دون عنف".