هل النساء المغربيات لازلن بحاجة للاحتفال باليوم العالمي للمرأة؟

شهد العقدين الأخيرين تحركاً نسوياً متزايداً في المغرب، صاحب ذلك تعديلات في عدداً من القوانين والتشريعات التي تضمن للنساء حقوقهن وموقعهن داخل المجتمع

حنان حارت
المغرب ـ ، ومع اقتراب حلول اليوم العالمي للمرأة، نتساءل عن واقع المرأة المغربية اليوم، والتحديات والمكتسبات. وهل لا زالت نساء المغرب في ظل ما تحقق من حقوق بحاجة للاحتفال بالثامن من آذار/مارس؟ 
أجرت وكالتنا وكالة أنباء المرأة لقاء مع الفاعلة والناشطة الحقوقية خديجة الرياضي التي تعد من أهم المناضلات اليساريات في المغرب والمدافعات عن حقوق الإنسان، كما تعتبر من أشد المناصرات للمرأة والمدافعات عن قضاياهن، وعن كل أشكال العنف والتمييز الذي يلحق بالنساء.
 
8آذار/مارس جزء من التاريخ
قالت خديجة الرياضي "إن المرأة المغربية لازالت في حاجة إلى الاحتفال باليوم العالمي للمرأة، فرغم المكتسبات التي حققتها إلا أنها تعتبر غير كافية"، مضيفةً أن الطريق أمام النساء المغربيات ما زال طويلاً من أجل النضال والدفاع عن قضاياهن التي كفلها لهن الدستور المغربي.
وأوضحت خديجة الرياضي "إن 8آذار/مارس هو جزء من التاريخ النضالي للنساء وفرصة لتجديد النضال والتعريف بالمطالب الحقوقية للنساء المغربيات".
 
قصة الاحتفال
خديجة الرياضي ذكرتنا ببداية الاحتفال باليوم العالمي للمرأة، قائلةً "إن هذا اليوم انبثق عن حراك عمالي، سجلته النساء العاملات في نيويورك للاحتجاج ضد الأوضاع المأساوية التي كن يعملن بها، ففي عام 1908 خرجت 15.000 امرأة في مسيرة احتجاجية بشوارع مدينة نيويورك الأمريكية، للمطالبة بتقليل ساعات العمل وتحسين الأجور والحصول على حق التصويت في الانتخابات"، وتضيف خديجة أن المناضلات اللواتي خضن الاحتجاج في ذلك الوقت لم يكن يعلمن أن الثامن من آذار/مارس سيصبح يوماً عالمياً للمرأة تحتفل به جميع الحكومات في العالم.
وتتابع خديجة الرياضي حديثها قائلةً إنه على إثر ذلك قررت النساء الاشتراكيات أن يصبح ذلك اليوم يوم عالمي للنساء، وبالتالي باتت كل النساء اليساريات والقوى اليسارية تخلد هذا اليوم، إلى أن تبنته الأمم المتحدة عام 1975، وأصبح يوماً عالميا للمرأة تحتفل به جميع البلدان في مختلف بقاع العالم.
 
مكتسبات المرأة المغربية
وعلى مستوى المغرب، قالت خديجة الرياضي إن الفضل في إثارة مسألة حقوق المرأة، ومكتسبات اليوم تعود إلى نضال الجمعيات النسوية منذ سنوات، والتي أسهم نضالها في تحسين عدة قوانين، مثل مدونة الأسرة، وقانون الاعتراف بوجود العنف، والتحرش الجنسي، وعقوبات جنائية تضمنت تمييزاً بين النساء والرجال.
وتابعت خديجة الرياضي قائلةً "لقد كانت المرأة حاضرة ومتواجدة في كل الحركات الثورية وكل مظاهرات الاحتجاج، ولم تتخلف عن مسيرة التغيير، وكانت تتظاهر وبقوة إلى جانب الرجل في الميدان، ولم تمنعها الأفكار التقليدية من التراجع، وهو ما يؤكد أن النضالات والاحتجاجات لم تكن لتنجح دون المشاركة الفعالة والقوية للمرأة". 
 
نضال النساء دافع لتحسين وضعهن
وأكدت خديجة الرياضي أن مستوى أداء المرأة في المغرب، ظهر من خلال بروز النساء في الحركات الاجتماعية بالجبال، والقرى، وكذلك النضال من داخل الأحزاب السياسية، ومن داخل النقابات، بالإضافة إلى تصدرهن الواجهة في عدد من الانتفاضات التي ارتبطت بعدة قضايا تهدف إلى تحسين صورة المرأة والمناداة بحقوقها داخل المجتمع المغربي، مشيرةً إلى أنه بفضل تعدد النضال النسائي، تغيرت العديد من الأمور، ووضعت العديد من القوانين الجديدة والمكتسبات التي جاءت لصالح النساء المغربيات، وتحققت مكاسب حقوقية وقانونية وتشريعية سواءً في القانون الجنائي المغربي، أو القانون التجاري، أو قانون الجنسية، أو مدونة الأسرة، وهذا لم يأتي من فراغ بل جاء بفضل النضال النسائي في المغرب والقوى الداعمة لها.
 
المغربيات في حاجة لمزيد من النضال
وترى أنه رغم التحسن والتطور الذي عرفته وضعية المرأة المغربية، إلا أنها تبقى غير راضية عن ذلك، مشيرةً إلى أنه ليست هناك إرادة سياسية لاحترام المكاسب، وبالتالي فإن وضعية النساء المغربيات مازالت في حاجة إلى مزيد من النضال.
وأعطت خديجة الرياضي مثالاً عن النشاط الاقتصادي للمرأة في المغرب، مبرزةً أنه أضحى في تراجع، فبدل أن نرى إشراكها في الحياة الاقتصادية بتنا نرى رجوع النساء للبيت وعدم تمكينهن من موارد مالية، ومداخل تضمن لهن استقلاليتهن الاقتصادية، التي يستطعن من خلالها حماية حقوقهن وحرياتهن.
وقالت خديجة الرياضي "إنه عندما تتأخر المجتمعات في حقوق النساء، فإن البلد كله يتأخر، لأن أوضاع النساء هي مقياس لتقدم كافة شعوب العالم". 
وبينت خديجة الرياضي أن جوهر الاحتفال باليوم العالمي للمرأة هو بعيد عن البهرجة والشكل الفلكلوري، الذي نراه مع بداية الاحتفال بهذا اليوم، مشيرةً إلى أن هناك محاولات لتمييعه أو تفريغه من مضمونه وإعطائه نوع من التفاهة ما قد يؤدي إلى تشويه تاريخه.
وأكدت خديجة الرياضي إن اليوم العالمي للمرأة هو مناسبة للاحتفال بالتقدم الذي تحقق في مجال المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة، وأيضاً للتفكير في تلك الإنجازات، والسعي إلى تحقيق زخم أكبر نحو المساواة بين الجنسين في جميع أنحاء العالم، وهو يوم للنضال يذكرنا بمنجزات لتقييم عام من العمل والاستعداد لعام آخر من النضال المستمر.
واختتمت الفاعلة والناشطة الحقوقية خديجة الرياضي حديثها مبينةً "أن المرأة المغربية تعيش على هاجس تحصين المكتسبات التي حققتها، وهو ما يعني أن المرأة تطالب بمزيد من العمل"، وفي الأخير يمكن التأكيد على أن مشاركة المرأة تبقى أمراً ضرورياً وملحاً يفرضه الواقع.